تدابير مغربية لتحفيز القطاع الخاص على تشغيل المتدربين

يعكس تحرك المغرب نحو تقليص مؤشر البطالة من خلال إجراءات جديدة تتمحور في معظمها حول تقديم تحفيزات لشركات القطاع الخاص على توظيف المتدربين، إصرار الحكومة على تذليل كافة العقبات لأولئك الذين يتلمسون طريقهم بصعوبة إلى سوق العمل.
الرباط - قررت الحكومة المغربية تحفيز القطاع الخاص على دفع تعويضات للمتدربين وتشغيلهم إثر فترة التدريب، وذلك بإعفاء من الضرائب المفروضة عليه في هذا الصدد لأمد معين.
واقترحت من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2025 التنصيص على أنه في حالة تشغيل المتدرب في إطار عقد غير محدد المدة، يعفى الأجر الشهري الإجمالي المدفوع في حدود ألف دولار من الضريبة على الدخل لمدة سنة كاملة.
وجاء في وثيقة الميزانية أن التعويض الشهري الإجمالي في حدود 6 آلاف درهم (587.6 دولار) المدفوع للمتدرب خريج التعليم العالي أو التكوين المهني أو الحاصلين على الباكالوريا، من الشركات الخاصة معفي حاليا من الضريبة على الدخل لمدة 24 شهرا.
لكن هذا الإعفاء يخضع لشروط من بينها تسجيل المتدربين بالوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات (أنابيك)، مع عدم جواز استفادة المتدرب نفسه مرتين من الإعفاء، وكذلك التزام المشغل بالتشغيل النهائي في حدود ما لا يقل عن 60 في المئة من المتدربين المستهدفين.
وتقول الحكومة إنه في إطار تنفيذ خارطة الطريق لتعزيز التشغيل والتغلب على معضلة تزايد العاطلين دون كفاءات، يُقترح توسيع نطاق الاستفادة من الإعفاء المذكور ليشمل جميع المتدربين لمدة 12 شهرا.
ويمكن للشركات الاستفادة من البرنامج عبر توظيف عشرة أفراد كحد أقصى لمدة عامين من تاريخ استقدامهم.
كما ستستفيد الشركات والموظفون من الإعفاء من ضريبة الدخل على الراتب الشهري الإجمالي بحد أقصى ألف دولار، وأيضا تولي الدولة حصة صاحب العمل فيما يتعلق بالمساهمة المستحقة لـصندوق الضمان الاجتماعي، ثم ضريبة التدريب المهني.
ونتيجة لذلك يعد البرنامج ميزة حقيقية للشركات الجديدة، حيث أن لديها فرصة لتحسين تكاليفها التشغيلية بما لا يضغط على نشاطها، وفي الوقت ذاته تنشيط بيئة الأعمال.
ويشير المحلل الاقتصادي رشيد ساري إلى ضرورة اعتماد مقاربات متعددة في تحديد التوجهات العامة لسوق العمل بالمغرب، كتحديد نسب الشباب الذين لديهم عقود محددة الأجل وغير محددة، بالإضافة إلى أولئك الذين لديهم عقد من وكالة أنابيك.
وأكد ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، لـ”العرب” أن “تحديد مثل هذه المعطيات الدقيقة ستكون له القدرة على حل العديد من المشاكل التي تواجه سوق العمل المحلي”.
وشدد تقرير حديث صادر عن البنك الدولي، بتعاون مع المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، على أنه لكي يحقق المغرب أهدافه التنموية المحددة في النموذج التنموي لسنة 2035، يستوجب تعزيز إنتاجية القطاع الخاص.
أبرز الإجراءات
- إعفاء الأجر الشهري في حدود 1000 دولار من الضريبة لمدة سنة
- التعويض الشهري للمتدرب سيكون بنحو 587.6 دولار لمدة عامين
- التزام الشركة بتوظيف ما لا يقل عن 60 في المئة من المستهدفين
ولفت خبراء المؤسسة الدولية المانحة إلى أن ذلك سيكون جنبا إلى جنب مع بيئة مواتية للابتكار ونمو الأعمال وروّادها لتوفير فرص العمل والتحول الاقتصادي في منظومة عمل الشركات المغربية.
وكانت وزارة الاقتصاد والمالية قد أكدت مؤخرا على أن الحكومة قامت بتفعيل عدة إجراءات من أجل دعم التشغيل في العام المقبل، من خلال تعبئة موارد تقدر بنحو 1.4 مليار دولار.
ووفقا لوثيقة الميزانية سيتم توزيع المخصصات على 3 محاور، يستأثر الأول المتعلق بتحفيز الاستثمار بنحو 1.2 مليار دولار، فيما سيخصص قرابة 100 مليون دولار للحفاظ على فرص الشغل في الأرياف، والمبلغ ذاته لتحسين فاعلية برامج النهوض بالتشغيل.
وأفاد وزير الإدماج الاقتصادي يونس السكوري خلال جلسة برلمانية بأن بلده لديه 57 مركزا للتدريب بالتدرج المهني في شركات القطاع الخاص.
ولفت إلى أن الحكومة تقوم بتمويل الشركات لتوفير التدريب للمستفيدين ومنحهم راتبا مقابل العمل، وذلك من خلال عقد يتم إبرامه بين المتدرب وصاحب الشركة.
وأكد الوزير أن هذا النمط من التدريب يحقق نتائج مهمة بالنسبة إلى الإدماج المهني، حيث يستهدف الآلاف من الشباب من خلال التعاقد مع التعاونيات والشركات لإكسابهم المهارات اللازمة وتوفير العمل لهم، وذلك بهدف زيادة عدد المستفيدين من البرامج الحكومية.
وتقر السلطات بأن تحفيز مجال الاستثمار جزء رئيسي في برامجها لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوليد الوظائف بعد الإعلان عن إحصائيات تشير إلى ارتفاع نسبة البطالة.
ومن المتوقع أن يبلغ معدل البطالة بنهاية العام الحالي حوالي 13.4 في المئة قبل أن يتراجع إلى 12.6 في المئة خلال 2025، وذلك حسب المعطيات الصادرة بمناسبة انعقاد الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين هذا الأسبوع في واشنطن.
ووفق إحصائيات مندوبية التخطيط بلغ عدد العاطلين عن العمل في نهاية العام الماضي نحو 1.58 مليون شخص، أي 10 في المئة من إجمالي القوى العاملة بالبلاد التي يناهز عدد سكانها 38 مليون نسمة.
ويستمد 75 في المئة من سكان الأرياف دخلهم من الزراعة، إذ يشغل القطاع 33 في المئة من إجمالي القوى العاملة النشطة بالبلاد، فيما تشكل الصادرات الزراعية 14 في المئة من إجمالي الصادرات السنوية، ويسهم بنحو 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وشرعت مندوبية التخطيط منذ فترة في عملية تحديث البحث عن وظائف محلية، والذي يعد ركيزة أساسية في جمع المعلومات حول العمل، وذلك نظرا للتحولات العميقة التي تشهدها السوق.
ومن أجل دعم القدرة الشرائية للمغاربة قررت الحكومة زيادة الشريحة الأولى من الدخل السنوي المعفاة من الضريبة على الدخل من 3 آلاف إلى 4 آلاف دولار، ما سيمكن من إعفاء دخول الأجور التي تقل عن 600 دولار شهريا من هذه الضريبة.
كما يروم مشروع ميزانية 2025 مراجعة الشرائح الأخرى، بهدف توسيعها وتخفيض قيم الضريبة المطبقة عليها، ما سيترتب عليه تخفيض قد يصل إلى 50 في المئة.
وتتجه الحكومة إلى توفير أكثر من 28.9 ألف فرصة عمل لمجموعة من الوزارات والقطاعات تتقدمها الداخلية والصحة وإدارة الدفاع الوطني ووزارة الاقتصاد ووزارة التعليم العالي والمندوبية العامة لإدارة السجون، و400 فرصة عمل بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.