تحسين العلاقات السعودية العراقية يتخطى العناوين السياسية إلى التفاصيل العملية

مناخ إقليمي أكثر ملاءمة لبناء علاقات جديدة.
الثلاثاء 2021/02/23
التعاون في مجال الأمن الحساس علامة على تنامي الثقة

تظهر السعودية والعراق جدية في تصحيح مسار العلاقات بينهما والحدّ من إخضاعها لاعتبارات جانبية لطالما وقفت حجر عثرة في طريق تطويرها والاستفادة من الفرص والإمكانيات التي يتيحها التعاون بين الطرفين في عدّة مجالات. ويؤشّر تكثيف الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين على تجاوز العناوين السياسية العريضة إلى مناقشة التفاصيل العملية.

الرياض - تشهد العلاقات السعودية العراقية تطوّرا ملموسا وتنحو منحى عمليا وتقنيا، بعد أن ترسّخت حالة من الوفاق السياسي لدى الطرفين بشأن تخطّي مرحلة الفتور التي طبعت تلك العلاقات خلال السنوات السابقة وحرمت البلدين من فوائد كثيرة كان من الممكن أن تتأتّى لهما من تطوير التعاون بينهما في عدّة مجالات.

وأظهرت زيارة قام بها وزيرا الخارجية والداخلية العراقيان إلى الرياض تعدد مظاهر التعاون الجاري تطويره بين البلدين وشموله المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، إلى جانب مجال الأمن والدّفاع ذي الحساسية الخاصّة والأهميّة الاستثنائية في ظروف عدم الاستقرار التي تشهدها أجزاء من الإقليم بما فيها الأراضي العراقية المتصلة جغرافيا بالأراضي السعودية.

وبحث وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الإثنين، الأوضاع الإقليمية وتعزيز الاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين.

وجاء ذلك خلال اجتماع عقد بين الطرفين في العاصمة السعودية الرياض. وقال أحمد الصحاف المتحدث باسم الخارجية العراقية إنّ وزير الخارجية العراقي التقى نظيره السعودي “لبحث العلاقات الثنائيّة وسُبل الدفع بها بما يخدم المصالح المشتركة، في إطار دعم الاستثمار والتبادل التجاري وتعزيز مسارات العمل التنموي”.

وأوضح المتحدث أن الوزيرين ناقشا الأوضاع الإقليمية والدولية وتبادلا الرؤى بشأنها وما تحمله من انعكاسات على المنطقة.

وكان حسين قد وصل إلى الرياض بعد ساعات من وصول وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي إلى السعودية على رأس وفد أمني.

والغانمي هو ثاني مسؤول أمني بهذا المستوى يزور المملكة بعد الزيارة التي قام بها في نوفمبر الماضي رئيس أركان الجيش العراقي عبدالأمير يارالله إلى الرياض، ما يؤشّر إلى انطلاق مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق بين البلدين في المجالات الأمنية والعسكرية.

واستأنفت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع العراق في ديسمبر 2015 بعد ربع قرن من انقطاعها إثر الغزو العراقي للكويت مطلع تسعينات القرن الماضي.

وكثيرا ما ظهرت إيران والسياسيون العراقيون الموالون لها في خلفية فتور العلاقات بين السعودية والعراق بعد سنة 2003. لكن قناعة جديدة بدأت تسود في المملكة بالتخلّي عن سياسة الغياب، والعودة إلى الساحة العراقية لملء الفراغ أمام الغريمة الإقليمية.

وعلى الجانب العراقي بدأت قناعة تسود بين الطبقة السياسية الحاكمة، بما فيها عدد من رموز الموالاة لطهران بوجوب إعادة التوازن للعلاقات الإقليمية للعراق وذلك لضرورات عملية بما في ذلك البحث عن فرص تعاون اقتصادي جديدة للبلد الذي يواجه أزمة اقتصادية ومالية حادّة.

وبحسب مراقبين، فإن جهود تحسين العلاقات بين السعودية والعراق يمكن أن تستفيد من المناخ الإقليمي المتغيّر والذي من أبرز سماته الميل نحو تهدئة الصراعات وتحقيق المصالحات.

وأقر العراق في 2019 قانون تشجيع وحماية الاستثمار بين الحكومتين العراقية والسعودية، بما يضمن توسيع التبادل التجاري بين الطرفين.

وأعلن الأسبوع الماضي في العراق عن الشروع في فتح طريق يصل محافظة النجف جنوبي البلاد بالحدود السعودية بهدف فتح معبر جديد بين البلدين “يسهم في إحياء المناطق السياحية والأثرية وزيادة التبادل التجاري وتسهيل حركة الحجاج”. وجاء ذلك بعد أن أعلن البلدان في نوفمبر الماضي عن فتح منفذ عرعر الحدودي بينهما بعد إغلاق دام قرابة ثلاثة عقود.

3