تحسن الاقتصاد المصري يفشل في وقف ارتفاع نسبة الفقر

أظهرت بيانات رسمية مصرية أن المؤشرات الكثيرة على تحسن الاقتصاد المصري لم تتمكن من وقف ارتفاع نسبة الفقر، في مؤشر على أن المصريين يدفعون ثمن الإصلاحات الاقتصادية القاسية، التي تضمنت خفض الدعم الحكومي وتحرير أسعار الوقود وفرض حزمة كبيرة من الضرائب.
القاهرة – أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر أمس أن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر ارتفعت في العام الماضي إلى 32.5 بالمئة بزيادة نسبتها 4.7 بالمئة عن المستويات المسجلة في عام 2015 والبالغة 27.8 بالمئة.
وحاول الجهاز تبرير ذلك بأن البحث الإحصائي كان شاملا وتضمن مؤشرات واسعة لم يسبق استخدامها في مصر لتحديد مظاهر الفقر.
وحدد بحث الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر، بالذين يقل دخلهم السنوي عن 8.827 جنيها مصريا للفرد (533 دولارا) وهو ما يعني أن هناك أعدادا أخرى قريبة من خط الفقر.
وقالت صحيفة الأهرام الحكومية أن إعلان نتائج بحث الدخل والإنفاق لعام 2018 تعكس صورة حقيقية لحياة المواطن المصري من جميع الأبعاد الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.
533 دولارا للفرد سنويا خط الفقر الذي يرزح تحته 32.5 بالمئة من المصريين
وتأتي تلك الأرقام بعد ظهور مؤشرات كثيرة على تحسن الاقتصاد المصري وارتفاع معدلات النمو وتراجع التضخم، في وقت انهالت فيه إشادات المؤسسات الدولية بنجاح برنامج الإصلاحات الذي بدأ في نوفمبر 2016 بتحرير سعر صرف الجنيه في إطار اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي.
ويؤكد ذلك أن فقراء المصريين يدفعون ثمن الإصلاحات الاقتصادية القاسية، التي تضمنت خفض الدعم الحكومي وتحرير أسعار الوقود والخدمات والكهرباء، إضافة إلى فرض حزمة كبيرة من الضرائب.
وقال خيري بركات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إن “أهمية البحث الإحصائي تنبع من كون نتائجه تتضمن مؤشرات كثيرة ترتبط بظاهرة الفقر، التي تؤثر سلبا على الواقع الذي يعيشه الأفراد وعلى تحقيق أهداف التنمية”.
وأشار إلى أن الإحصاءات المعلنة أظهرت ارتفاع متوسط الدخل السنوي للأسرة المصرية إلى حوالي 59 ألف جنيه (3560 دولارا) من نحو 44 ألف جنيه في عام 2015.
الإحصاءات المعلنة أظهرت ارتفاع متوسط الدخل السنوي للأسرة المصرية إلى حوالي 59 ألف جنيه (3560 دولارا) من نحو 44 ألف جنيه في عام 2015.
لكن ذلك الارتفاع يعني في الواقع تراجعا كبيرا في القدرة الشرائية بسبب فقدان الجنيه المصري لنحو نصف قيمته خلال الفترة الفاصلة بين فترتي القياس.
وتعيش مصر أزمة اقتصادية صعبة وهي تحاول معالجة الأزمات العميقة، التي تفاقمت بشكل كبير منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في عام 2011.
وبدأت الإصلاحات الاقتصادية القاسية، التي كان آخرها التحرير الكامل لأسعار الوقود مطلع يوليو الجاري، في نوفمبر 2016، بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي وفي إطار الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، استلمت آخر دفعاته الأسبوع الماضي.
ويرى محللون أن البرنامج رغم ثمنه الباهظ على فقراء المصريين كان لا بدّ منه لاستئصال الأورام السرطانية في الاقتصاد. ورجحوا أن
يتسارع تعافي الاقتصاد في الفترة المقبلة وأن تبدأ معدلات الفقر بالانخفاض مع تسارع وتيرة انخفاض البطالة.
وكان أكبر خطوات الإصلاح قرار البنك المركزي في نوفمبر 2016 تعويم سعر صرف الجنيه، ما تسبب بارتفاع سعر الدولار من 8.8 جنيه إلى نحو 18 جنيها في الأشهر اللاحقة، لكنه تراجع في وقت لاحق ليتحرك عند نحو 16.5 جنيه للدولار.
ونتيجة تلك الإجراءات، ارتفعت معدلات التضخم بمصر إلى مستويات قياسية غير مسبوقة فوق 30 بالمئة، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية والمستويات المعيشية للمواطنين، قبل أن يتراجع التضخم مؤخرا إلى ما دون 10 بالمئة.