تحركات لافتة لتكريس تحالفات ميليشياوية جديدة في غرب ليبيا

يشهد غرب ليبيا تحركات عدة لإعادة تشكيل التحالفات الميليشياوية تمهيدا لمرحلة جديدة من تكريس سلطة الأمر الواقع، وأكدت مصادر مطلعة أن المستشار الأمني والسياسي لرئاسة الحكومة إبراهيم الدبيبة فشل في التوصل إلى عقد لقاء توافقي مع آمر المنطقة العسكرية الغربية أسامة الجويلي لإقناعه بالتحالف مع أسرة الدبيبة والتخلي عن علاقاته مع القيادة العامة للجيش الوطني مقابل تمكينه من الدعم الذي يحتاج إليه على مختلف الأصعدة.
وعقد الدبيبة اجتماعا مع وجهاء وأعيان الزنتان بحضور وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، ووكيل وزارة الدفاع عبدالسلام زوبي، ومساعده الميداني فهيم بن رمضان، ودعاهم إلى التدخل لدى الجويلي لإقناعه بفك ارتباطه مع قوات المشير خليفة حفتر، والسماح لقوات وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوحدة الوطنية بالسيطرة على غدامس والمعبر الحدودي مع الجزائر.
حكومة عبدالحميد الدبيبة تخشى تمدد نفوذ قوات المشير خليفة حفتر في منطقة شمال غرب ليبيا في ظل غموض المواقف الدولية
وأكد الدبيبة استعداد أسرته لتنفيذ مطالب الجويلي في حال استجابته للحكومة، وحذر من أن عدم التعاون قد يدفع حكومة الوحدة الوطنية إلى السيطرة على المناطق الحدودية بالقوة المسلحة، فيما يرى مراقبون أن الهدف من زيارة إبراهيم الدبيبة إلى الزنتان يتجاوز الرغبة في السيطرة على غدامس ومعبر الدبداب إلى منطقة الحمادة الحمراء التي لا تزال محل تجاذبات واحتقان أمني واجتماعي بين مختلف الأطراف في ظل سعي الحكومة لإبرام عقود مع شركات أجنبية للاستثمار في حقل نفطي قديم جرى استكشافه منذ أكثر من 45 عاما، وتعود ملكيته إلى شركة الخليج العربي للنفط التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، بينما يقدر مجلس التطوير الاقتصادي الاحتياطات المؤكدة من الغاز في حقل الحمادة بـ2.7 تريليون قدم مكعب.
وتخشى حكومة الدبيبة تمدد نفوذ قوات المشير خليفة حفتر في منطقة شمال غرب البلاد في ظل غموض المواقف الدولية وخاصة موقف الإدارة الأميركية الجديدة بشأن الملف الليبي،لاسيما وأن سلطات مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه لها تفرعات وتحركات في منطقة الجبل الغربي وتحظى بدعم قوى مؤثرة من داخل القبائل العربية هناك.
وفي سياق متصل أقام إبراهيم الدبيبة إفطارا رمضانيا لعدد من المسؤولين وأمراء الحرب من قادة ميليشيات مسلحة، وهو ما أثار حالة من الغضب لدى أطراف عديدة في ليبيا، وأثار تساؤلات تتعلق بـ”النفوذ السياسي” لهؤلاء القادة ومدى تغلغلهم في صناعة القرار.
التحركات الأخيرة لجمع أمراء الحرب وقادة الميليشيات تحت غطاء حكومة الدبيبة تهدف إلى جمع شملهم في صف لتنفيذ ما سيرد عليهم من أوامر خلال الفترة القادمة
وكان من بين المدعوين إلى مائدة الدبيبة بشير خلف الله المعروف بـ”البقرة”، آمر كتيبة “رحبة الدروع” في تاجوراء، ومعمر الضاوي آمر “الكتيبة 55 مشاة”، بالإضافة إلى آمر غرفة العمليات المشتركة مصراتة عمر بوغدادة، ومحمود بن رجب آمر اللواء 53 مشاة.
وكان لافتا حضور أمير الحرب البارز في مدينة الزاوية محمد بحرون المعروف بلقب “الفار” والمتهم بالتورط في اغتيال قائد معسكر الأكاديمية البحرية الحربية في طرابلس التابع لرئاسة أركان الجيش عبدالرحمن سالم ميلاد الملقب بـ”البيدجا”، وفهيم بن رمضان المتهم في قضية محاولة اغتيال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عادل جمعة في فبراير الماضي.
كما كان من أبرز المدعوين عبدالغني الككلي الشهير بـ”غنيوة” رئيس جهاز دعم الاستقرار الذي أثار جدلا واسعا خلال الأسبوع الماضي بمناسبة زيارته إلى روما في ظل إثارة مطالب إيقافه بناء على تهم تلاحقه بالاغتيال والتعذيب.
وبحسب تقارير إيطالية، فإن “غنيوة” ورد اسمه 21 مرة في تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، مرتبطا بشبكات إجرامية وإساءة استخدام النفوذ المؤسسي والفساد المنهجي والترهيب المسلح للهيئات العامة، وهو موضوع اتهامات عديدة من قبل المنظمات الدولية بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وفي 2022 نددت منظمة العفو الدولي بحالات القتل غير القانوني والاحتجاز التعسفي والتعذيب وغيرها من الانتهاكات الخطيرة المنسوبة إلى القوات الخاضعة لقيادته.
ورجحت أوساط ليبية مطلعة أن التحركات الأخيرة لجمع أمراء الحرب وقادة الميليشيات تحت غطاء حكومة الدبيبة ليست وليدة الصدفة، وإنما تهدف إلى جمع شملهم في صف لتنفيذ ما سيرد عليهم من أوامر خلال الفترة القادمة، سواء من حيث إعلان الحرب على قوات الجويلي في غدامس والحمادة الحمراء أو على قوة الردع الخاصة تحت إمرة الشيخ عبدالرؤوف كارة، والتي بدأت تتشكل ملامح خطة لطردها من قاعدة معيتيقة والحد من نفوذها في عدد من المناطق والملفات.