تحركات في مصراتة تعزز المخاوف من العودة إلى مربع الاقتتال غرب ليبيا

لا تزال حالة الاستنفار القصوى مستمرة داخل مناطق غرب ليبيا مع تواصل حالة الغموض التي تكتنف المشهد السياسي والوضع الأمني بشكل يحمل الكثير من نذر العودة إلى مربع الفوضى والاقتتال الأهلي.
وأعلن عدد من قياديّي “ثوار مصراتة” إعادة تفعيل المجلس العسكري بالمدينة، ودعوا في بيان لهم إلى تشكيل مجلس عسكري أعلى يمثل كل المجالس العسكرية ويدعم مؤسسات الدولة.
وأشاروا إلى أنه “يتعين على كتائب الثوار التوجه إلى مقر المجلس العسكري، بعد أن تم الاتفاق على العمل على توحيد الصف وتحقيق أهداف الثورة من خلال الحكم المدني والتداول السلمي على السلطة بعيدًا عن حكم العائلة وحكم العسكر”، في تلميح إلى قائد الجيش المشير خليفة حفتر وأبنائه.
وتتزايد التكهنات والمخاوف من شن حفتر هجوما جديدا على طرابلس، خاصة بعد سحب عقيلة صالح صفة القائد الأعلى للجيش من المجلس الرئاسي.
الاحتقان في غرب ليبيا بلغ ذروته، وهناك انقسام حاد بين من يدافع عن حكومة الدبيبة ومن يطالب بتشكيل حكومة واحدة
ورد المجلس الرئاسي على قرار عقيلة صالح بعقد عضويه عبدالله اللافي وموسى الكوني اجتماعا وصف بالمهم مع عدد من القيادات العسكرية والأمنية وتم خلاله تقديم إحاطة شاملة عن الأوضاع الأمنية والعسكرية في البلاد.
وجاء في بيان صادر عن المجلس أن المجتمعين ناقشوا عددا من الملفات والقضايا التي تهم الجانبين العسكري والأمني وما يمكن اتخاذه من خطوات لمتابعة الأوضاع في كل المدن والمناطق، فيما شدد اللافي والكوني على ضرورة توخي اليقظة والمتابعة المستمرة للموقفين العسكري والأمني من أجل المحافظة على أمن البلاد واستقرارها.
وكان من بين القيادات الميدانية التي حضرت الاجتماع عبدالغني الككلي المشهور بـ”غنيوة” رئيس جهاز دعم الاستقرار ورئيس جهاز الأمن الداخلي لطفي الحراري ووكيل وزارة دفاع حكومة الغرب عبدالسلام زوبي ومعاون رئيس أركان قوات الغرب صلاح النمروش في ظل سفر رئيس الأركان محمد الحداد إلى روسيا لإجراء مباحثات هناك.
وكان مجلس النواب الليبي قرر الثلاثاء الماضي إلغاء العمل بالاتفاق المنبثق عن ملتقى الحوار السياسي، وإنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وسحب صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة من المجلس الرئاسي ونقلها إلى المستشار عقيلة صالح.
وفيما لا يزال الغموض يكتنف الأوضاع الميدانية في مناطق غرب ليبيا، قالت مصادر جزائرية إن حفتر نسّق مع أطراف دولية دخوله العاصمة طرابلس، كما نسق الأمر أيضا مع آمر منطقة الجبل العسكرية التابع للمجلس الرئاسي الليبي، اللواء أسامة الجويلي، وعدة أطراف أخرى من الغرب الليبي منها جهاز الردع.
ونقلت صحيفة “الحوار” الجزائرية عن تلك المصادر أن اجتماع رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل بخليفة حفتر في بنغازي يوم 6 أغسطس الماضي كان بهدف الاطلاع على تفاصيل أكثر بشأن مخطط حفتر، والنتائج المتوقعة.
اقرأ أيضا:
وزعمت المصادر أن ما أفشل المخطط هو رفض الجزائر التعامل مع حفتر، بالإضافة إلى فشل الجويلي في إقناع المناطق المحيطة بطرابلس والزنتان بخطة حفتر، واعتبرت أن المخطط ليس وليد اللحظة، وإنما يتم الاستعداد له منذ فترة، كما أن أبناء حفتر كانوا ينسقون مع كافة الأطراف، فضلا عن التنسيق مع الجويلي.
وبخصوص الموقف الروسي قالت المصادر إن الروس لا يؤيدون دخول حفتر طرابلس بالقوة، بل يدعمون سيطرته على باقي الأراضي الليبية، والدخول في مرحلة انتقالية لمدة ثلاث سنوات.
ويرى مراقبون أن التسريبات الاستخبارية الجزائرية حاولت استهداف التحالف القائم بين حفتر والروس، والتحريض على الجويلي المنحدر من قبيلة الزنتان، مقابل إظهار مسلحي الأمازيغ في صورة المدافعين عن الأمن والاستقرار والشرعية، وكذلك محاولة توريط قوة الردع الخاصة بقيادة عبدالرؤوف كارة.
وبلغت حالة الاحتقان السياسي في غرب ليبيا ذروتها، وهناك انقسام حاد بين من يدافع عن شرعية السلطات التنفيذية القائمة في طرابلس وبين من بات يتحدث علنا عن ضرورة مغادرة المربع السياسي الحالي والاتجاه نحو تشكيل حكومة واحدة قادرة على تأمين مصالح البلاد وتنظيم الانتخابات التي طال انتظارها.
وتتقدم صفوف المدافعين عن حكومة الدبيبة القوى المتشددة من قيادات فبراير ومسلحي المنطقة الشرقية المقيمين في غرب البلاد وتيارات الإسلام السياسي. لكن هناك تحولات في خارطة التحالفات يمكن أن يكون لها أثرها خلال المرحلة القادمة.