تحذيرات من تراجع قياسي للمشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية

طهران - تصاعدت وتيرة التحذيرات في إيران من انخفاض قياسي في نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المُقرر تنظيمها الشهر المقبل بسبب طريقة اختيار المرشحين إلى الاستحقاق المذكور، علاوة على الواقع الصعب الذي يعيشه الإيرانيون على وقع تفشي وباء كورونا وكذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية.
وفي إطار هذه التحذيرات، قال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، وهي اللجنة المكلفة بفحص المرشحين الرئاسيين الثلاثاء، إن الموافقة على مجموعة متنوعة من المرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية قد تساعد في تعزيز الإقبال على التصويت الذي تشعر السلطات بالقلق بالفعل من أنه قد لا يشهد سوى القليل من الحماس.
وجاءت تعليقات عباس علي قدخدائي بعد تسجيل ترشح أكثر من 590 شخصا خلال فترة خمسة أيام الأسبوع الماضي، وهو عدد أقل بكثير من 1630 شخصا سجلوا في العام 2017.
ولم يتردد قدخدائي في تصريحات أوردتها وكالة أسوشيتد برس في تحذير مركز الاقتراع المملوك للدولة “إسبا” من احتمال انخفاض نسبة المشاركة إلى 39 في المئة وهي الأدنى منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
ويتوقع مراقبون أن يُحاول المسؤولون إثارة اهتمام الناخبين المتعبين بسبب تفشي الوباء والاقتصاد المتدهور بسبب العقوبات التي سلطتها الولايات المتحدة على طهران، وذلك باعتبار أن النظام الإيراني يبني شرعيته بشكل جزئي على نسبة المشاركة في الانتخابات.
وقال قدخدائي “إن وجود مرشحين ذوي توجهات متنوعة يمكن أن يعزز المشاركة”.
ويقوم مجلس صيانة الدستور المؤلف من 12 عضوا، وهو هيئة من كبار رجال الدين وخبراء قانونيين، بفحص المرشحين للمناصب وكذلك التشريعات التي أقرها البرلمان الإيراني.
وعلى الرغم من أن نصف الأعضاء فقط يتم تعيينهم من قبل المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، إلا أن اللجنة توافق على المرشحين تحت إشراف رجل الدين البالغ من العمر 82 عاما.
وداخل إيران، يتبع المرشحون مختلف الأطياف السياسية، ومنهم المتشددون الذين يرغبون في توسيع البرنامج النووي الإيراني، والمعتدلون الذين يتمسكون بالوضع الراهن، والإصلاحيون الذين يريدون تغيير النظام الديني من الداخل.
وأولئك الذين ينادون بالتغيير الجذري يجدون أنفسهم ممنوعين حتى من الترشح لمنصب من قبل مجلس صيانة الدستور وذلك بالرغم من تشديد قدخدائي على أن أعضاء المجلس لن يتأثروا بالتصريحات النارية للمرشحين.
وقال “لن يقيّم مجلس صيانة الدستور أبدا المؤهلات بناء على مجرد تصريحات تحتوي على انتقادات واحتجاجات، لاسيما الانتقادات اللفظية”.
وبدا أن هذا التعليق يستهدف الرئيس المتشدد السابق محمود أحمدي نجاد، الذي هدّد بمقاطعة التصويت إذا قام مجلس صيانة الدستور باستبعاده.

ورفض المجلس أحمدي نجاد عام 2017 بعد أن تجاهل الرئيس السابق تحذير خامنئي له بعدم الترشح. لكن هذه المرة، لم يعلق خامنئي بشكل مباشر على خوضه السباق.
وتم تسجيل أكثر من 590 شخصا خلال فترة خمسة أيام الأسبوع الماضي، وكلّهم يسعون إلى منصب الرئاسة بدلا من الرئيس المعتدل حسن روحاني، الذي لم يعد بإمكانه الترشح مرة أخرى.
ولكن في 2017 تم تسجيل ترشح حوالي 1630 شخصا في الانتخابات التي أفرزت روحاني رئيسا بـ57 في المئة من أصوات الناخبين.
ومن بين المرشحين الكبار رئيس القضاء المتشدد الإيراني إبراهيم رئيسي، وهو رجل دين ترشح ضد روحاني دون جدوى في العام 2017. وقد أصبح الجمهور محبطا من إدارة روحاني بعد عام 2018، عندما انسحب الرئيس آنذاك دونالد ترامب من الاتفاق النووي.
وقال قدخدائي إن “حوالي 40 امرأة تم تسجيلهن الأسبوع الماضي، لكن لم يكن هناك تغيير معين” في هذه العملية.
ويشير ذلك إلى أنه سيتم منع النساء مرة أخرى من الترشح لأن الدستور الإيراني يستخدم الكلمة الفارسية “راجول” أو “رجل” لوصف من يمكنه الترشح. وجادل النشطاء بأن أحد المعاني الأخرى للكلمة “رجل دولة”، يمكن تطبيقه على كل من الرجال والنساء.
وشهد التصويت البرلماني الإيراني لعام 2020 نسبة إقبال بلغت 42.5 في المئة فقط، وهي أدنى نسبة مشاركة منذ عام 1979. وشهدت الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2017 إقبالا بنسبة 73 في المئة. وتشير الإحصائيات الحكومية إلى أن 59.3 مليون شخص سيكونون مؤهلين للتصويت في انتخابات 18 يونيو.
وقال قدخدائي “إن التوقعات العامة والاجتماعية والسياسية دائما ما ترغب في زيادة عدد المشاركات الانتخابية. ومع ذلك، ومن وجهة النظر القانونية، فإن نسبة المشاركة المنخفضة لا تسبب أي مشاكل قانونية في ظل تحقيق مصداقية الانتخابات”.