تحديات تنتظر الأسد في العام 2020 رغم قرب حسم المعركة عسكريا

بشار الأسد يعمل على حسم المعركة عسكريا تزامنا مع تقدم الجيش السوري بدعم من روسيا في إدلب واستعادته السيطرة على العديد من المناطق.
الخميس 2019/12/26
معركة إدلب لن تكون سهلة على الإطلاق

دمشق – استبعد وزير الخارجية السوري وليد المعلم إمكانية تسوية الأزمة في بلاده خلال العام 2020، يأتي ذلك رغم تقدم القوات الحكومية في آخر معاقل الفصائل المعارضة والمتشددة، المدعومة من تركيا.

وبدأ الجيش السوري في 20 ديسمبر الجاري عملية عسكرية في إدلب الواقعة في شمال غرب البلاد، نجح خلالها في التقدم صوب إحدى أبرز المدن في المحافظة وهي معرة النعمان محاصرا في طريقه نقطة عسكرية تركية.

وتنشر تركيا 12 نقطة عسكرية في إدلب ومحيطها بموجب اتفاق مع روسيا في العام 2018، والذي أضحى بحكم المنتهي ما لم يتم التوصل إلى تفاهم جديد بين الطرفين.

وقال المعلم في حوار مع وكالة “سبوتنيك” الروسية خلال زيارة إلى موسكو لترؤس اجتماع اللجنة الحكومية الروسية السورية “مع الأسف كلما لمست القيادة التركية أن عناصرها من الإرهابيين في إدلب يعانون الهزيمة تأتي إلى موسكو من أجل وقف إطلاق النار”، معربا عن تشاؤمه من حل الصراع قائلا “2020 لن تكون نهاية الأزمة السورية لأن المؤامرة لم تنته بعد”.

ومع تقدم الجيش في إدلب بدا من المؤكد أن الرئيس السوري بشار الأسد بصدد حسم المعركة عسكريا، ولكن ذلك لا يعني نهاية الحرب ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي.

وتمكنت القوات الحكومية، بدعم من روسيا، من استعادة السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي التي انتزعها مقاتلو المعارضة والجماعات المتطرفة.

ولم يبق أمام الأسد إلا “معركة إدلب الكبرى”، ورغم أنه من المتوقع ألا تكون المعركة سهلة على الإطلاق، فإن الأسد عازم على حسمها باعتبارها رمزا للتوترات التي شهدتها بلاده على مدار العقد الماضي. وكان الأسد قد صرح مؤخرا “معركة إدلب ستكون الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا”.

وإلى جانب هذه المعركة، فإن الأسد لا يزال يواجه تحديات كبرى من الداخل والخارج. ويقول سام هيلر، المحلل بـ”مجموعة الأزمات الدولية”، ومقرها بروكسل “مع نهاية عام 2019، أصبح من المؤكد أن الأسد يقترب من الانتصار في الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد. ورغم ذلك، لا يزال أمامه طريق يتعين عليه قطعه قبل أن يتمكن من إعلان النصر

وليد المعلم: 2020 لن تكون نهاية الأزمة السورية لأن المؤامرة لم تنته
وليد المعلم: 2020 لن تكون نهاية الأزمة السورية لأن المؤامرة لم تنته

ويضيف هيلر “لا أعتقد أن المجتمع الدولي بشكل عام مستعد لقبول شرعية الأسد وتطبيع العلاقات مع حكومته”، لافتا إلى أن “الولايات المتحدة وبعض حلفائها الغربيين، على وجه الخصوص، يرفضون التراجع عن مطلبهم المتعلق بتغيير سياسي حقيقي في سوريا من خلال عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة. ويبدو أن مطالبهم تعني تنحي الأسد أو عزله، وهو الأمر الذي يبدو مستبعدا في هذه المرحلة”.

وأشار المحلل إلى أنه طالما استمر التعثر في العملية السياسية، فإن المجتمع الدولي يمكنه الإبقاء على العقوبات الصارمة المفروضة على سوريا، خاصة وأن عزلتها السياسية والاقتصادية لا تكلفه الكثير. كما أشار إلى أن المناطق السورية التي لا تزال خارج السيطرة الكاملة للحكومة السورية لا تمثل فقط تحديا عسكريا للأسد، وإنما أيضا تحديا سياسيا.

ويقصد هيلر بذلك بشكل رئيسي مناطق شمال شرقي سوريا، حيث اتفقت تركيا وروسيا في 22 أكتوبر الماضي على السيطرة بشكل مشترك على مساحات شاسعة من المناطق القريبة من الحدود التركية، والتي اضطر المسلحون الأكراد السوريون إلى الانسحاب منها بعد تدخل عسكري تركي قوبل بإدانة دولية ورد فعل وُصِفَ بالفاتر من جانب الولايات المتحدة.

وقال هيلر “هناك مناطق تشهد تشابكات جيوسياسية، وهو الأمر الظاهر للعيان من خلال وجود خليط من القوات العسكرية الأجنبية المنتشرة على الأرض. وإذا ما أرادت الحكومة السورية استعادة هذه المناطق، يتعين عليها فك هذه التشابكات، وهو ما لا تستطيع دمشق منفردة القيام به”.

وأشار هيلر إلى أنه “من أجل ذلك، فإن دمشق تظل بحاجة إلى دعم روسيا، إما لمساعدة الجيش السوري في التقدم العسكري، وإما للتعامل دبلوماسيا مع المعارضة الدولية التي تقف في وجه عودة الدولة السورية”.

ومنذ تدخلها المباشر في سوريا نجحت روسيا في إدارة اللعبة سواء على الصعيد العسكري وحتى السياسي، لكن ذلك لا يعني أن الطريق معبدة أمامها في ظل التشابكات مع القوى المنافسة.

ويرى آرون لوند، الباحث في مؤسسة “سنشري فاونديشن”، ومقرها نيويورك، أن الأسد ومؤيديه انتصروا لأنهم تصدوا لمحاولة الإطاحة به وإنهاء نظامه. كما رأى أنه على مدار سنوات الصراع، فإن المعسكر الموالي للأسد كان دائما أقوى بكثير من خصومه لأنه يسيطر على الدولة ومؤسساتها الرسمية.

وقال لوند، إن نظام الأسد “كان معه الجيش، ومعه الأسلحة، والاقتصاد، والخبرة، والمؤسسات”. وأضاف “في هذه المرحلة، لا يوجد تهديد جدي لحكم الأسد لسوريا، وإن كان أساس هذا الحكم ضعيفا، وهشا إلى حد ما- إلى جانب وجود اقتصاد مدمر ودعم أجنبي منعدم، وغير ذلك”.

واستبعد لوند أن يكون لدى الأسد، الموجود في السلطة منذ عام 2000، أي خطط في المستقبل القريب للالتزام باتفاق سياسي لا يصب في مصلحته.

وقال “بالطبع، إذا ما شعرت دمشق بأن المحادثات التي تجريها اللجنة الدستورية (التي من المفترض أن تقوم بكتابة دستور جديد للبلاد) تسير لصالحها، فربما يحرصون على الاستفادة من هذه العملية”.

وبدأت اللجنة، التي تشكلت برعاية الأمم المتحدة، عملها في أكتوبر الماضي في جنيف بمشاركة 150 عضوا يمثلون، بالتساوي، الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني.

وجرى عقد جولة من محادثات اللجنة في جنيف الشهر الماضي، ولكنها انتهت بتبادل الاتهامات بين الحكومة والمعارضة بعرقلة عملها. وشدد لوند على أن الأسد لن يقبل “بقصاصة ورق تنص على مغادرته السلطة”.

2