تحديات تعترض العراق لتحويل اقتصاده إلى نموذج أخضر

بغداد بحاجة إلى نحو 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحا.
الأربعاء 2022/12/14
مَن وراء تدهور المراعي؟

بغداد - تعترض العراق مجموعة من التحديات باتجاه تنظيف اقتصاده المعتمد على الريع النفطي، أسوة بما يفعله جيرانه في منطقة الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج وأيضا مصر والمغرب.

وحث البنك الدولي السلطات العراقية على الإسراع إلى اعتماد إستراتيجية واضحة المعالم من أجل اللحاق بركب البلدان، التي تعمل على مسح بصمتها الكربونية، وتحويل اقتصاده إلى نموذج نمو أخضر.

وأكد البنك في تقرير حديث الثلاثاء أن البلد العضو في أوبك يواجه تحديا مناخيا طارئا ينبغي عليه لمواجهته التوجه نحو نموذج تنمية "أكثر اخضرارا ومراعاة للبيئة"، لاسيما عبر تنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الكربون.

ووفق التقرير فإنه بحلول العام 2040 "سيكون العراق بحاجة إلى نحو 233 مليار دولار كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحا فيما هو بصدد الشروع في تحقيق نموذج نمو أخضر وشامل"، أي ما يساوي نسبة 6 في المئة من ناتجه الإجمالي المحلي سنويا.

ويعدّ العراق من بين الدول الخمس الأكثر عرضةً لعواقب التغير المناخي، وفق الأمم المتحدة. كما أثّرت عقود من النزاعات على البنى التحتية للبلاد واقتصادها المعتمد إلى درجة كبيرة على النفط الذي يمثّل نسبة 90 في المئة من الإيرادات.

وقدّم البنك التقرير للسلطات العراقية الاثنين الماضي خلال اجتماع في بغداد، وهو يعطي "أساسا تحليليا لمعالجة الاحتياجات الإنمائية الأكثر إلحاحاً في البلاد، ومواجهة التحديات المناخية في وقت واحد"، وفق بيان صادر عن المؤسسة الدولية المانحة.

وفضلا عن ذلك يبحث التقرير "في كلفة تحوّل البلاد نحو اقتصادٍ أقل اعتماداً على الكربون، ويناقش الفرص والإصلاحات الرامية إلى اتباع نموذج نمو أكثر اخضرارا ومراعاة للبيئة".

فريد بلحاج: المياه والتصحر وتلوث الهواء مشاكل رئيسية أمام العراق
فريد بلحاج: المياه والتصحر وتلوث الهواء مشاكل رئيسية أمام العراق

وقال فريد بلحاج، نائب مدير البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش الاجتماع الذي عقد في بغداد وحضره مسؤولون من الحكومة العراقية، إن “العراق يواجه ثلاثة تحديات أساسية هي المياه والتصحر وتلوث الهواء".

وأضاف بلحاج “نحاول أن نقترح على السلطات إصلاحات وسياسات”، مشيرا إلى أن العراق “يملك ما يكفي من الموارد ليتمكن من إدارة هذه التحديات” إلا أن “المسألة تتعلق بكيفية ضمان أن يتم وضع تلك الموارد المالية في خدمة سياسات جديدة لإدارة التحديات المناخية".

وتكشف التوقعات حول الأمن الغذائي عن واقع صادم ينتظر مستقبل البلد، الذي يبحث عن إنعاش اقتصاده، نتيجة موجة الجفاف التي ستقضم 10 آلاف هكتار سنويا بحسب ما أكدته لجنة الزراعة والمياه في البرلمان العراقي العام الماضي.

ويبدو البلد أمام خطر الفقر المائي؛ فهو يعتمد على حوض نهر دجلة والفرات لتلبية احتياجات جميع سكانه، البالغ عددهم 40 مليون نسمة، من مياه الشرب والري والصرف الصحي.

ولكن المطالبات المتنافسة على الحوض الممتد من تركيا عبر سوريا ومن إيران قبل وصوله إلى العراق تسببت في تعقيد قدرة بغداد على وضع خطة مائية لما سيكون عليه الوضع مستقبلا. وعادة ما تعطي خطة المياه السنوية في العراق الأولوية لتخصيص مياه شرب كافية للسكان أولا، ثم إمداد قطاع الزراعة وكذلك تصريف ما يكفي من المياه العذبة إلى الأهوار لتقليل الملوحة هناك.

ويقدم تقرير البنك الدولي مجموعة من التوصيات والإصلاحات التي يمكن للبلد أن يقوم بها على المدى المتوسط (خلال خمس إلى عشر سنوات) وأخرى على المدى البعيد، لا تؤتي مفعولاً إلا بعد عام 2030.

ومن بين الإجراءات “الطارئة” التي ينبغي للعراق القيام بها وضْع حدّ للنقص في الكهرباء، لاسيما عبر إنهاء “حرق الغاز” المصاحب لإنتاج النفط واستخدامه في إنتاج الكهرباء، وكذلك عبر “تحديث نظام الري” و”إعادة تأهيل السدود”، وفق التقرير.

أما على المدى المتوسط والبعيد فـ”يجب الحدّ من اعتماد قطاعات الصناعة والزراعة وقطاع النفايات، على الكربون”، فضلا عن “تحسين توزيع المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي” وكذلك “زيادة الاعتماد على الزراعة الذكية” في مواجهة التغير المناخي.

وبحسب بلحاج “يواجه العراق تحديا يتمثل في الابتعاد عن الاعتماد الكلي على النفط والتحول نحو اقتصاد أكثر تنوعا يقوده القطاع الخاص ويتمتع بالقدرة على إيجاد فرص العمل وبناء رأس المال البشري، جنبا إلى جنب مع بناء القدرة على الصمود".

10