تجار ليبيا يراهنون على سعر الصرف الجديد لإنعاش الأسواق

سعر الصرف الموحد الجديد سيدعم الأسواق في أنحاء البلاد بعد سنوات الانقسام.
الاثنين 2021/01/11
توفير السيولة والعملة الصعبة رهين الالتزام بسعر الصرف الموحد والاستقرار الأمني

ازدادت التوقعات داخل الأوساط الاقتصادية والتجارية في ليبيا بأن ينعش سعر الصرف الجديد الأسواق حيث يعوّل التجار على أن تكون الخطوة مؤشرا على انتعاش أعمالهم مستقبلا بعد أن تضررت كثيرا في السنوات الماضية.

مصراتة (ليبيا) - أشاع سعر الصرف الموحد في ليبيا موجة من التفاؤل داخل الأوساط الاقتصادية حيث يعوّل التجار على ذلك إلى جانب الاستقرار الأمني لإنعاش الأسواق بعد أن شهدت كسادا بسبب الفجوة والانقسام بين البنكين المركزيين.

بعض أصحاب الأعمال في مصراتة بليبيا يقولون إنهم يتوقعون أن يدعم سعر الصرف الموحد الجديد الأسواق في أنحاء البلاد بعد سنوات من الانقسام بين طرفين متنافسين على جانبي الصراع.

كان مجلس إدارة البنك المركزي قد بدأ الأسبوع الماضي تطبيق سعر جديد يبلغ 4.48 دينار ليبي للدولار الأميركي بعد الاتفاق عليه في الشهر الماضي وذلك في أول اجتماع له بكامل هيئته منذ خمس سنوات بعد انقسام البلاد بين فصائل متحاربة في الغرب والشرق.

وفي إطار التغيير، علقت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا رسوما فرضتها على معاملات النقد الأجنبي قبل عامين لتقترب بسعر الصرف الرسمي من سعر السوق السوداء.

ويقول تجار إن استقرار سعر الصرف، بغض النظر عن قيمته، هو المفتاح لسوق أفضل.

وقال الليبي إبراهيم الغرياني لرويترز من داخل أحد المصارف “استقرار اقتصاد البلاد يعتمد على الأمن بصفة عامة، لو يتم تنفيذ هذا القرار بصفة مضبوطة، سنتمكن من توفير العملة والسيولة في المصارف وسيتمكن المواطن فعلا من أخذ السيولة بأريحية ودون زحمة. ولكن هذا يعتمد على الاستقرار العام”.

وأضاف “من المؤكد أن هنالك مشاكسات وحروبا، ولهذا يمكن أن ترجع الأمور إلى السابق بحيث تتقلص السيولة، ويعود النفط   للإغلاق، وهكذا”.

وقال أيمن مفتاح، وهو بائع في محل ملابس بمصراتة “سعر الصرف عندما يكون مستقرا يرتاح التاجر كثيرا، لكن عدم استقرار الوضع يسبب خسارة كبيرة، مثلا التجار عندما يشترون القطعة بسعر الدولار على 5 دنانير ويبيعونها ثم يقومون بشراء بضاعة مرة أخرى يجدون السعر بنحو ستة دنانير، وهنا يكون الفارق دينارا واحدا، فيتسبب ذلك في خسارة كبيرة للتاجر”.

وشدد “نحن كتجار يهمنا استقرار الدولار مهما كان سعره، وبالإضافة إلى ذلك لمّا تتوفر السيولة للمواطن تسير حركة السوق بانتظام، مثلا في الفترة الماضية شهدنا شحا كبيرا بسبب ركود السوق الليبية بأكملها”.

وينطوي سعر الصرف الجديد على خفض فعلي لقيمة العملة، ويعني أن تكلفة السلع المستوردة سترتفع على الأرجح.

وقال تاجر الذهب بشير الكميتي “من غير المعقول أن يصل سعر الذهب إلى نحو 400 و450 دينارا، سعر الذهب سعر جديد، وهو سعر مرتفع للغاية لم تصل إليه السوق الليبية بتاتا، والآن مع نزول الدولار نزل الذهب، ووصل الآن الذهب الخارجي إلى حوالي 340 و360 دينارا ونحن نأمل في استمرار نزوله”.

وأوضح “هذه المؤشرات تعكس تفاؤل الناس في نزول الدولار ونعوّل على انتعاشة السوق، لقد كنا في فترة كساد، يعني لم نبع شيئا”.

وهذه القرارات جزء من جهود أوسع لإقرار السلام والتشجيع على تطبيق إصلاحات متفق عليها وقطع الطريق أمام الفساد.

ورغم توقف القتال بين حكومة الوفاق وقوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة المشير خليفة حفتر في يونيو الماضي، فإن خطى الحل السياسي تسير بوتيرة أبطأ.

عودة الروح لسوق المال
عودة الروح لسوق المال 

ولم يُطبق وقف إطلاق النار المتفق عليه في أكتوبر إلا جزئيا، وما زالت القوات منتشرة على جبهات القتال والطريق السريع الرئيسي على الساحل ما زال مغلقا والمرتزقة لم يغادروا أماكنهم.

ورغم تحديد مجموعة من الليبيين اختارتهم الأمم المتحدة لرسم مسار نحو الديمقراطية، موعدا لإجراء انتخابات بنهاية العام الحالي، فإنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على المرحلة الانتقالية.

وبعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي في 2011، لم يكن هناك نشاط ملحوظ للسوق السوداء للعملة بسبب عدم وجود فارق يذكر بين السعر الرسمي البالغ حينها نحو 1.35 دينار للدولار، وبين السعر المتداول في السوق الموازية.

لكن منذ العام 2015، حدث انحدار مستمر لقيمة الدينار في السوق السوداء لم تتخلله سوى حالات ارتفاع نادرة في سعر صرفه أمام العملات الأجنبية، وقد غذّت تلك الظاهرة الارتفاع الكبير في الطلب على الدولار وتزايد طباعة الأوراق المالية من قبل المركزي في طرابلس.

ويراهن التجار والعاملون في القطاع الخاص على أن تكون الخطوة مؤشرا على انتعاش أعمالهم مستقبلا بعد أن تضررت كثيرا في السنوات الماضية، لكن ذلك يعتمد على مدى التزام الطرفين بذلك.

وفي 2018، فرضت حكومة الوفاق رسما بـ183 في المئة على معاملات العملة الصعبة ما أدّى عمليا إلى انخفاض قيمة الدينار إلى سعر رسمي يبلغ 3.90 دينار بالنسبة إلى الدولار، لتقريب الفجوة مع سعر السوق السوداء.

ونظرا إلى احتكار المركزي في طرابلس معاملات النقد الأجنبي، اضطرت السلطات في شرق البلاد إلى التعامل بالسعر الأعلى، بينما كانت حكومة الوفاق الوطني معفاة من الرسوم.

ويؤكد المحللون أن الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء أضرت بشكل عميق باقتصاد ليبيا المعتمد على النفط، وأحدثت أزمة سيولة وشجعت الفساد، حيث جنت الجماعات المسلحة التي يمكنها الحصول على الدولار بسعر الصرف الرسمي أموالا من الاحتيال في الواردات.

 
10