تجارب نسائية ليبية تؤثث معرض نوافذ بطرابلس

طرابلس ـ بدأت تتبلور الملامح الجادة للفن التشكيلي النسائي في ليبيا منذ فترة ليست بالقصيرة، وتحديدا عندما فتحت دار الفنون نوافذها المشرعة على حدائق اللون وقصصه المفعمة بالجمال لكل المواهب الشابة بدمائها الجديدة من شابات كانت لَهُنَّ الريادة في هذا المجال.
وكان المجتمع الليبي في أمس الحاجة لترقية الذائقة البصرية إبان التحولات الكبرى من مرحلة الحياة التقليدية التي كانت ما قبل اكتشاف النفط بكل معاناتها الى البدء في مواكبة التطور المدني والعمراني الحاصل في العالم بأسره.
وبرزت "ضرورة الفن" ليكون مصلحا اجتماعيا وسياسيا وثقافيا خصوصا مع تداخل الكثير من المفاهيم الوافدة من فعل تسارع إيقاع الحياة المعاصرة، وظهور إشكاليات أخرى من فعل السياسات الغير مدروسة من مؤسسات الدولة المعنية بقرارات تنقصها الاحاطة الكافية بالذائقة الجمالية في التربية الفنية للأجيال الجديدة.
بالعودة الى بداية الحديث عن ما تبدله دار الفنون في ترقية الحساسية الفنية للفنان وتربية الذائقة البصرية للمتلقي (المواطن) أصبحت اليوم تظهر حالة من الوعي المجتمعي بالرعاية والاهتمام الملحوظ من قبل قاعات عرض أخرى ومنظمات وجمعيات ثقافية وفنية وأصحاب ذائقة جديدة حملوا على أكتافهم مسؤولية التغيير لمفاهيم بالية وأخرى "مغلوطة" لذائقة شعب وحساسية اجيال.
وبالفعل تغيرت مع مرور السنوات الطويلة من تكريس مفهوم العرض للتجارب الناضجة والمؤثرة في الوعي الجمعي وانتشار فكرة الحراك الفني.
وللمرأة الليبية الفنانة حيز كبير من هذا الحراك الذي ساهمت في رسمه، وصاحب المشهد التشكيلي المتنامي بوثيرة عالية جدا من نتاج مخرجات المؤسسات التعليمية التي تم انشائها في منتصف التسعينات من كليات فنون ومعاهد متخصصة في تدريس الفنون والإعلام وما نتج عنه من أجيال جديدة تتسم بملامح اصيلة تستقي قدرتها على الإبداع من الموروث الليبي كهوية ثقافية متنوعة الأصول والأعراق والمصحوبة بدهشة الحداثة في أغلب التجارب.
وأضفى فن الرسم الليبي الأنثوي رهافة اضافية على الحركة التشكيلية فأصبحت بورتريهات الفتيات الجميلات أجمل، وسيرة المدن العريقة بأزقتها وبيوتها ومساجدها وكنائسها ومرافئها اكثر رهافة واضحت تغني لحنها الأكثر انسجاما مع وقع الحياة المعاصرة بصوت نسائي مصحوب برهافة الأنثى، منسجم مع نفسه ومع محيطه الاقليمي والعالمي ضمن خطابات الحداثة الفنية المعاصرة.
في هذا المعرض الذي يفتتح الاثنين 10 فبراير في طرابلس بمشاركة 23 فنانة تشكيلية ليبية، تنوعت الأعمال الفنية وكأنها اختصرت تاريخ فن الرسم منذ ان كان يحبو في بداياته الأولى مرورا بالمراحل الرفائيلية وما تبعها من مراحل لاحقة كالانطباعية والتعبيرية والتجريدية والحروفية وصولا إلى الفن كمنتج فكري خالص بفلسفات الفنون المعاصرة حاملا معه مفرداته المحلية الأصيلة والتي تمثلت في لوحات مرسومة ومنحوتات وخزفيات وأعمال انشائية أخرى اقتربت اكثر من المنتج العالمي وتساوت مع المنتج الفني للبلدان المجاورة في المنطقة.