تجارب الحياة تحدّد العمر النفسي للإنسان

كلما زاد حجم علاقات الانسان كان ذلك مؤشرا على نموه النفسي وكلما تراجع دل على عدم وصوله للعمر النفسي المطلوب.
الخميس 2020/01/02
الطبيعي أن يكون العمر النفسي موازيا للعمر الزمني

القاهرة - يتعرض الإنسان في كل مرحلة عمرية من حياته لعدد من القضايا المحورية، وكلما زادت قدرته في حل مثل هذه القضايا، كان مؤهلا للدخول في المرحلة التالية، وبهذه الطريقة يقسّم ويحسب العمر النفسي لدى الإنسان.

وأكد مختصون في علم النفس أن وقوف الإنسان عند مرحلة بعينها يعني عدم وجود اتزان بين العمر الزمني والنفسي لديه، وبالتالي يمكن القول إن مراحل العمر النفسي تسير في كنف المراحل العمرية الزمنية، ولكنها تسمى بالمراحل النفسية، وتتطلب من الإنسان أن يكون متفاعلا معها بقدر عال.

ويعتمد تحديد العمر النفسي للإنسان الذي يعد موازيا للعمر الزمني على عدد من المقاييس، أبرزها قدرة الإنسان على تخطي أو عدم تخطي المراحل أو التجارب الفاشلة في حياته، كما أن قدراته في تكوين دائرة واسعة من العلاقات الاجتماعية من الأشياء التي يتم من خلالها تحديد عمره النفسي، وهذا يتوقف على حجم تلك الدائرة، ومدى صحة كل علاقة تتضمنها.

ويقول الدكتور أحمد سعيد، استشاري الطب النفسي “العمر النفسي يتوازى مع العمر الزمني، فهو لا يختلف عنه سوى في الطرق التي يمكن تحديده من خلالها، وأبرزها مدى نجاح الإنسان في تخطي التجارب، حيث يعني الفشل أنه لا يزال في المرحلة الأولى من العمر النفسي، أي قد يكون عمره الجسدي تجاوز الثلاثين ولكن فشله في تخطي تجربة ما يعني أنه لم ينضج نفسيا، أما إذا تخطاها، هذا يعد نضجا كاملا يؤهله إلى أن يسير بصورة متوازنة بين عمره الجسدي والنفسي”.

وأضاف سعيد موضحا “يعد أيضا حجم الدائرة الاجتماعية للإنسان من الأشياء التي على أساسها يتم تحديد العمر النفسي له، حيث هناك ربط بينها وبين النمو النفسي، فكلما زاد حجم العلاقات كان ذلك مؤشرا على نموه النفسي، وكلما تراجع دل على عدم وصوله للعمر النفسي المطلوب”.

ويوضح أن الطبيعي أن يكون العمر النفسي موازيا للعمر الزمني، ولكن حاليا لم تعد هذه قاعدة في علم النفس، حيث يوجد من يسبق عمرهم الزمني عمرهم النفسي، أي بالرغم من تقدم أعمارهم إلا أنهم لا يتحملون طبيعة التجارب التي يمرون بها ويشعرون بالتخاذل دائما، كما تلحق بهم الأمراض النفسية باستمرار، ومن ثم يكون من اليسير شعورهم بالقلق والتوتر والاكتئاب.

وبتابع بعكس الأشخاص الذين يسبق عمرهم النفسي عمرهم الزمني، فهؤلاء بالرغم من صغر أعمارهم إلا أنهم يستطيعون تحدي ذواتهم، ولديهم القدرة على تخطي مختلف التجارب مهما يكن حجم خطورتها وصعوبتها.

ومن جانبها أشارت الدكتورة تغريد صالح، استشارية الصحة النفسية، إلى أن الثقة بالنفس والكفاءة الذاتية هما محددان أيضا يمكن من خلالهما قياس العمر النفسي، بل والقدرة النفسية أيضا، حيث تدفع الثقة بالنفس الإنسان إلى تخطي المشاعر السلبية التي تصيبه في حالة خوض تجربة فاشلة أو المرور بمرحلة عمرية معينة، وتعزز لديه الرغبة في الاستقلالية بصورة عامة، بعيدا عن الآخرين وآرائهم، كما هو الحال بالنسبة للكفاءة الذاتية.

وتابعت موضحة أن شعور الإنسان الداخلي بأن لديه من الإمكانيات النفسية ما يؤهله ويدفعه إلى التحمل أكثر، وعدم التأثر سريعا بما يراه من مواقف ومشاهد، يقلل من فرص إصابته بالأمراض النفسية، مثل القلق والاكتئاب، كما يعزز داخله الإحساس بالقوة في مواجهة التجارب مهما بلغ حجمها، وبالتالي فإن صاحب هذه الصفات يمكن القول إنه ناضج نفسيا بصورة قد تفوق عمره الزمني.

وكشفت صالح أن قضاء فترات متباينة في التفكير بأمر ما من العوامل التي تمكن الإنسان من معرفة عمره النفسي، فإذا زادت دلت على صغر العمر النفسي وعدم تأهل الإنسان للمرحلة التي تتيح له تفسير وتحليل هذا الأمر سريعا، وإذا قلت دلت على كبر عمره النفسي ووصوله لمرحلة تدفع الآخرين إلى الاستعانة برأيه في حل مشاكلهم، طالما هو قادر على ذلك نحو ذاته.

21