تتبع العجارمة: حزم أردني أم تسوية سريعة أسوة بقضية الفتنة

يواجه النائب الأردني المفصول أسامة العجارمة قضية عصيان مسلح أمام محكمة أمن الدولة، بعد أن صادق النائب العام على التهمة الخطيرة ضدّه. وفي بلد تتمتع فيه العشائر بنفوذ كبير قد تكون لنتائج المحاكمة تداعيات على مستوى العلاقة بين المكون العشائري والدولة.
عمان – عادت قضية النائب الأردني المفصول المتهم أسامة العجارمة بتهمة اقتراف أفعال بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة من جديد لتتصدر المشهد، بعد مصادقة النائب العام الأربعاء على التهم الخطيرة الموجهة إليه وعلى رأسها تهديد حياة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وبينما يرى مراقبون حزما من قبل السلطات الأردنية في تتبع ومحاسبة “الجاني” وعدم الدخول في الاعتبارات العشائرية، يقول البعض الآخر إن الاستعجال في بدء المحاكمة يؤشر على تسوية سريعة للملف على شاكلة قضية الأمير حمزة أو ما يعرف بقضية الفتنة.
وسارعت الأسرة المالكة إلى لملمة قضية الأمير حمزة بإصدار حكم قضائي مستعجل على كل من رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد أحد أفراد العائلة المالكة، بتهمتي “جناية التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة” و”جناية القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة”.
وفي الثاني عشر من يوليو الماضي قضت محكمة أردنية بسجن المتهمين بالسجن 15 عاما؛ لإدانتهما بـ”التحريض على مناهضة نظام الحكم السياسي القائم بالمملكة” و”القيام بأعمال من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة” وتبرئة الأمير الحمزة.
لائحة الاتهام تشمل تهديد حياة الملك وتصنيع مواد ملتهبة بقصد استخدامها للقيام بأعمال إرهابية وتهم أخرى
وأشارت مصادر سياسية أردنية إلى أن الاستعجال في الحكم في قضية الفتنة التي هزت المملكة يمهد لتسوية سريعة تتمحور حول عفو ملكي مرتقب على المتهمين. وينتمي النائب أسامة إلى عشيرة العجارمة، إحدى أكبر العشائر في الأردن، وهو نائب مستقل من مواليد عام 1981، خدم في القوات المسلحة وخرج منها برتبة رائد.
وتتمتع العشائر في الأردن بنفوذ كبير في الحياة السياسية نظرا لدورها المؤثر في الانتخابات، فيما أحدثت قضية أسامة العجارمة، الذي جمّد مجلس النواب عضويته، تداعيات على مستوى العلاقة بين المكون العشائري والدولة.
وانطلقت أزمة القيادة الأردنية والعشائر مع وضع ولي العهد السابق الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك، تحت الإقامة الجبرية بعد اتهامه بمحاولة زعزعة استقرار البلاد. ويتمتع الأمير حمزة بشعبية كبيرة لدى زعماء العشائر.
ويشير متابعون إلى أن قضية النائب العجارمة زادت من منسوب التوتر بين القيادة الأردنية والعشائر المتوترة. وبناء على ذلك لا يستبعد هؤلاء تسوية سريعة لقضية النائب تجنبا لاحتقان اجتماعي وتصعيد شعبي تشكلت ملامحه مع قضية الفتنة وقد يتصاعد مع قضية العجارمة.
وفي وقت تتهم فيه أوساط أردنية النائب المفصول العجارمة باستغلال العشائرية والقبلية كورقة ضغط للمطالبة بإصلاحات سياسية، لا تبدو العلاقة بين القيادة الأردنية والعشائر في أحسن حالاتها.
وظلت العلاقة بين النظام الأردني والعشائر طوال سنوات إيجابية وقوية، بموجب عقد اجتماعي، لكن منذ سنوات تشكو العشائر الأردنية من الإقصاء ومحاولات إبعادها عن مراكز صنع القرار. وانخرطت العديد من العشائر الأردنية منذ سنوات في تحركات مطلبية تهدف إلى الإصلاح السياسي وإخراج البلاد من حال التردي الاقتصادي.
وفي الحادي والعشرين من مايو الماضي انقطع التيار الكهربائي بشكل تام في عموم الأردن، وأبلغت شركات توزيع الطاقة أن سبب ذلك عطل في شبكة النقل التابعة لشركة الكهرباء الحكومية. وآنذاك، قال العجارمة إن انقطاع التيار الكهربائي كان “متعمدا”، لمنع مسيرات تضامنية للعشائر مع فلسطين في ظل العدوان الإسرائيلي الأخير، بينما طالبه زملاؤه بإثبات صحة ما يقوله.
واعتبر رئيس مجلس النواب عبدالمنعم العودات خلال الجلسة أن “حديث العجارمة يخالف النظام الداخلي؛ لأنه خارج عن مضمون الجلسة”. ليرد العجارمة على ذلك بعد أن غادر مكانه قائلا “طز (تبّا) بمجلس النواب وطز بالنظام الداخلي”، وفق مقطع مصور تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعقب انتهاء الجلسة، اعتذر العجارمة في مكتب رئيس المجلس عما بدر منه، إلا أن زملاء له وقعوا مذكرة لتحويله إلى لجنة تأديبية، لتصل الأزمة إلى تجميد عضويته ثم فصله. وفي الوقت ذاته، انتشر فيديو مسجل للعجارمة أثناء وجوده بين جمع من أقاربه، توعد خلاله بمهاجمة عاهل البلاد، حيث قال “لو كنت أمتلك مسدسا.. سأقبل جبينه برصاصة”.