تباطؤ النمو يدفع مسقط لتأجيل ضريبة القيمة المضافة

ضريبة القيمة المضافة البالغ نسبتها 5 بالمئة وتشمل غالبية السلع والخدمات، هي ضريبة يدفعها المستهلك، وتفرض على الفارق بين سعر الشراء من المصنع وسعر البيع للمستهلك.
الخميس 2019/08/01
مواجهة تحديات المالية مهمة صعبة

اضطرت سلطنة عُمان إلى تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة مرة أخرى، في تحرّك ربطه كثيرون بعدم استعداد الدولة الخليجية للدخول في هذه المرحلة، التي من المفترض أن تساعدها على جني عوائد إضافية، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرتها على تنفيذ برنامجها الإصلاحي.

مسقط - أرجأت الحكومة العُمانية للمرة الثانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة، والتي كان من المفترض أن تبدأ مطلع العام الجاري لرفد خزينة الدولة بأموال إضافية تمكّنها من اجتياز الأزمة الاقتصادية تدريجيا.

وأشارت وثيقة حكومية إلى أن مسقط “تخطط لفرض ضريبة القيمة المضافة بحلول عام 2021”، لتؤخر أكثر إجراء يقول الاقتصاديون إنه قد يكون حساسا من الناحية السياسية وسط تباطؤ النمو وارتفاع معدّل البطالة.

وقالت زارة المالية في بيان إنه “لا خطط لتأجيل ضريبة القيمة المضافة وإن العمل جار لاستكمال الإجراءات التشريعية لإصدار قانون” بذلك.

وضريبة القيمة المضافة البالغ نسبتها 5 بالمئة وتشمل غالبية السلع والخدمات، هي ضريبة يدفعها المستهلك، وتفرض على الفارق بين سعر الشراء من المصنع وسعر البيع للمستهلك.

واتفقت دول مجلس التعاون الخليجي الست على فرض ضريبة القيمة المضافة مع بداية العام الماضي بعدما تضررت إيراداتها جراء هبوط أسعار النفط، لكن مسقط، الأضعف ماليا بينها، أرجأت التنفيذ إلى 2019.

ودشنت السعودية والإمارات تطبيق ضريبية القيمة المضافة للمرة الأولى في دول الخليج بهدف زيادة الإيرادات المالية غير النفطية، في وقت تباينت فيه مواقف دول الخليج الأخرى بشأن موعد تطبيقها في وقت لاحق.

وينص الاتفاق الموقع بين دول المنطقة على أنه في حال تطبيق دولتين للضريبة المضافة، فعلى بقية الدول البدء بالتطبيق خلال مدة عام من تاريخ التطبيق، لكن مسقط ستؤجل هذه العملية إلى عامين إضافيين.

وكانت وكالات التصنيف الائتماني العالمية الثلاث موديز وفيتش وستاندرد آند بورز، التي تمنح جميعها سلطنة عمان تصنيفا عالي المخاطر، قد أكدت حاجة مسقط لفرض تلك الضريبة في العام المقبل.

وفي نشرة سندات وُزعت على المستثمرين في وقت سابق هذا الشهر، قالت عُمان إنها ستزيد قاعدة إيراداتها من خلال فرض ضريبة القيمة المضافة “التي من المتوقع تطبيقها في 2021”.

والتأخير انتكاسة لمسقط، التي قال صندوق النقد الدولي هذا الشهر إنها يجب أن تعمل بجد أكثر على إصلاحات مالية، تتضمن تسريع تطبيق ضريبة القيمة المضافة وإجراءات لضبط الإنفاق الحكومي.

مونيكا مالك: ضريبة القيمة المضافة لن تغير جذريا الوضع المالي لعُمان
مونيكا مالك: ضريبة القيمة المضافة لن تغير جذريا الوضع المالي لعُمان

ونسبت وكالة رويترز لكبيرة الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري مونيكا مالك قولها إن “عُمان تركز بشكل كبير على دعم النمو، لكنهم (الحكومة) حذرون جدا بشأن تنفيذ الإصلاحات المالية لتفادي السخط الاجتماعي.. البطالة تظل مرتفعة”.

واستطاعت الحكومة العمانية جمع ثلاثة مليارات دولار عن طريق إصدار سندات الأسبوع الماضي، مع تلقف المستثمرين الدين وسط تدني العوائد في أنحاء العالم.

ورغم أن الأسواق غير مغلقة في وجهها، فإن المركز المالي لعُمان يظل ضعيفا.

وقد أثار لجوء مسقط للاقتراض الخارجي بشراهة لسد العجز في الموازنة مخاوف بين المستثمرين ودفع تصنيفها الائتماني إلى مستوى عالي المخاطرة، في ظل بطء وتيرة الإصلاحات وزيادة الإنفاق الحكومي.

وتقدر وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية أن الدين العماني زاد إلى نحو 49 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي من أقل من 5 بالمئة في 2014.

وترجح الوكالة أن يرتفع الدين إلى نحو 64 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، إذا لم تسرع الحكومة من وتيرة الإصلاحات.

وتتوقع ستاندرد آند بورز أن يرتفع العجز المالي إلى 10.6 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي بنهاية هذا العام من 8.9 بالمئة العام الماضي.

وكانت وكالة التصنيفات الائتمانية قالت في وقت سابق هذا العام إن تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة إلى ما بعد 2020، بالتزامن مع أسعار نفط منخفضة، ينطوي على مخاطر تتهدد افتراضها لمستويات عجز أصغر مقارنة مع 2015 – 2017.

وتؤكد مالك أن العمل بضريبة القيمة المضافة لن يغيّر الوضع المالي لعُمان بشكل جذري، فالضريبة الجديدة ستقلّص العجز نحو نقطة مئوية واحدة من الناتج الإجمالي.

وتعتبر الخبير الاقتصادية أنه مع كل ذلك التأخير، فإن الخطوة مهمة لإظهار تقدّم على صعيد الضبط المالي.

وكانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني قد استبعدت في تقرير لها نشرته في وقت سابق هذا العام حاجة سلطنة عمان لحزمة إنقاذ مالية لمعالجة الاختلال في التوازنات المالية، كالذي تلقته البحرين.

وسنّت السلطنة بعض الضرائب على مدار الأعوام القليلة الماضية. ففي 2017، زادت ضريبة الشركات إلى 15 بالمئة من 12 بالمئة وفي الشهر الماضي فرضت ضرائب استهلاك جديدة.

وقال البنك الدولي في تقرير العام الماضي إن مبعث القلق الاجتماعي الرئيسي لعُمان هو نقص الوظائف فضلا عن “الآثار السلبية لإصلاح الدعم على الأسر الضعيفة”.

ووفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية، فإن نسبة البطالة بين الشباب العُماني بلغت حوالي 8.3 بالمئة في العام الماضي.

وخفض صندوق النقد مطلع الشهر الماضي توقعاته لنمو الاقتصاد العماني خلال العام الحالي، رغم كل المساعي التي تبذلها مسقط للخروج من أزمتها بتنفيذ حزمة إصلاحات لتنويع مصادر الدخل.

10