تبادل الابتسامات يبعد الأزمات عن الحياة الزوجية

خبراء الأسرة يؤكدون أن المال لا يضمن السعادة، مقارنة بصفة المرح ودورها في مساعدة الشريكين على التصرف بشكل أفضل إذا مرت علاقتهما بمرحلة حرجة.
الثلاثاء 2015/09/01
مقولة "اضحك للدنيا تضحك لك" ليست بلا معنى

أكد علماء النفس أن الأزواج الذين كثيرا ما يتبادلون الابتسامات، يجدون في ذلك وسيلة فعالة للتخلص من التوتر الذي تسببه لهم الأحداث المرهقة في حياتهم المشتركة، وبشكل عام يمنحهم الضحك الطاقة الإيجابية ويساعدهم على التفكير بهدوء في مشاكلهم، واتخاذ قراراتهم بعيدا عن الضغوط.

وصنفوا الابتسامة على أنها أبلغ لغات الجسد في التعبير عن العواطف، والوصفة السحرية لتخفيف وطأة الأعباء اليومية.

وبوأوا روح الدعابة المرتبة الأولى في عوامل نجاح محاولات التعارف بين الجنسين، مرجحين أن الشخص خفيف الظل والقادر على إلقاء النكات والطرائف هو الذي يشد الانتباه دائما ويترك انطباعا جيدا لدى الآخرين أفضل حتى من كتابة عبارات مباشرة تعبر عن المشاعر.

ونوهوا بأهمية إدراج روح الدعابة في قائمة الشروط التي على أساسها يجب اختيار شريك الحياة، كون الضحك ليس فقط مجرد رد فعل تجاه المواقف المضحكة، بل هو أيضا وسيلة دفاع عن الحياة الأسرية وعن الصحة أثناء المواقف الصعبة.

وأشاروا إلى أن النساء يعجبن أكثر بالرجال الذين يجعلونهن يضحكن، فيما يرغب الرجال في مواعدة النساء اللاتي يقدرن روح الدعابة لديهم.

وكانت بحوث سابقة في علم النفس التطوري قد توصلت إلى أن المرأة تفضل الارتباط بالرجل الذي بإمكانه أن يوفر لها حياة زوجية كريمة، وربطوا ذلك بالمسائل المادية، ولكن خبراء الأسرة يرون أن هذه الفكرة مغلوطة، فالمال من وجهة نظرهم لا يضمن السعادة ولا يساهم في ديمومة العلاقات الزوجية، مقارنة بصفة المرح التي قد تساعد الشريكين على التصرف بشكل أفضل إذا مرت علاقتهما بمرحلة حرجة.

باحثون يدعون إلى إدراج روح الدعابة في قائمة الشروط التي على أساسها يجب اختيار شريك الحياة

وأوضحوا أن المشاعر الإيجابية والكيفية التي يتعامل بها الشخص في حالات الضغط تعطي إشارات عن طباعه، فالرجل المرح يتصف بأنه غير عدواني ولا يمكن أن يسبب الأذية لزوجته، في حين تبدو المرأة التي تتميز بخفة الظل أكثر جاذبية وحيوية في عيون الرجل.

وعلى الرغم من أن العلماء لم يتوصلوا إلى حد الآن إلى علم صحيح يدل المرء على الشريك المثالي، إلا أن بعض الدراسات تزعم أن هناك بعض الصفات التي يمكن أن تكون دليلا قويا على العلاقة العاطفية طويلة الأمد، مرجحين أن الحس الفكاهي قد يتفوق على المال والجمال في ضمان السعادة الزوجية.

وفي هذا الصدد أكد باحثون كنديون أن المرأة مستعدة للتغاضي عن عيوب الرجل إذا كان قادرا على أن يجعلها تضحك.

وقال اريك بريسلر من ويستفيلد ستيت كوليدج في ماساتشوستس “النتائج التي توصلنا إليها أن خفة الظل يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على قبول شخص ما كشريك، لكن هذا التأثير من المرجح أن يحدث عندما يستخدمه الرجل وتقوم المرأة بتقييمه”.

وأكد باحثون أن مقولة “اضحك للدنيا تضحك لك” ليست بلا معنى، فقد ثبت علميا أن تبادل الأزواج للابتسامات والقيام بعملية أرشفة للذكريات المشتركة يجعلان أبناءهم يتذكرون ذلك على الدوام، وهذه الذكريات من شأنها أن تعطي أطفالهم معنى لحياتهم.

ولا يستبعد المحلل النفسي كارستن غريم، من جامعة “كانتيربيري” في نيوزيلندا، أن يصبح الإنسان أكثر سعادة حتى من الأطفال إذا كان مرحا حتى أثناء ممارسة علاقته الحميمية.

وأشار إلى أن الجنس من بين أهم النشاطات التي تنسي البشر همومهم وتشعرهم بالرضى عن أنفسهم، وخاصة إذا اتصف الشريك بخفة الظل.

الرجل المرح يتصف بأنه غير عدواني ولا يمكن أن يسبب الأذية لزوجته، في حين تبدو المرأة التي تتميز بخفة الظل أكثر جاذبية

ولا يستبعد الطب الحديث أن يكون للمزاج المرح دور كبير في شفاء أخطر الأمراض، ولذلك أصبح الضحك والفكاهة من الوسائل التي يستعين بها الأطباء في علاج مرضاهم.

ويرى بعض الخبراء أن فائدة الضحك لا تقتصر على تحسين الحالة النفسية للمرضى، بل تتجاوزها بشحذها قدرة الجسد على مقاومة الأمراض.

وقد أجريت العديد من الأبحاث لاكتشاف التأثير الإيجابي للمرح على الحالة البدنية والنفسية للعديد من الأشخاص. وأظهرت تلك الأبحاث أن من يتعرضون للأزمات القلبية يمكنهم تفادي الإصابة بأزمة ثانية والتعرض لارتفاع ضغط الدم، ويمكنهم الاستغناء عن تعاطي كميات كبيرة من الأدوية إذا ضحكوا لمدة نصف ساعة كل يوم.

وثبت علميا أيضا أن الضحك يخفض معدلات إفراز المواد الكيميائية المرتبطة بحالات التوتر العصبي، ويقوي أجهزة المناعة وقدرة الجسد على تحمل الآلام.

ويؤكد الأطباء النفسيون أن المرح يعد وسيلة فعالة للتخلص من الضغط العصبي، وسلاحا لمواجهة وتجاوز ما يتعرض له الإنسان من مواقف صعبة ومحرجة، ويساعد على تجاوز كل أنواع الألم والمعاناة.

وتدعم نتائج الأبحاث في هذا الجال ما هو معروف في العديد من أساليب المعالجات الطبية في الثقافات البشرية المختلفة، قديمها وجديدها، كما تظهر أهمية الفكاهة والضحك في العلاج النفسي الذي يؤثر بدوره على علاج البدن.

21