تأليف الحكومة اللبنانية يصطدم بالخلافات مجددا

طرح نجيب ميقاتي بتحييد وزارتي الداخلية والعدل لا يروق لميشال عون.
الجمعة 2021/08/20
عقبة تلو الأخرى

لا تكاد مفاوضات تشكيل الحكومة اللبنانية تتجاوز عقبة حتى تصطدم بمطبات جديدة تؤخر تأليفها وتفاقم معاناة اللبنانيين. وبعد تجاوز عقبة التوزيع الطائفي للحقائب الوزارية يبدو أن الأسماء المقترحة لتولي الوزرات دخلت بازار الأجندات والحسابات.

بيروت – اصطدم ملف تشكيل الحكومة اللبنانية مجددا بخلافات حول تسمية الوزراء، بعد أن تم التوافق على التوزيع الطائفي للحقائب الوزارية، ما يزيد من تأخر تأليفها، بالرغم من مرور عام على حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، والضغوط الدولية على الساسة اللبنانيين.

وبالرغم من حديث رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي والرئيس اللبناني ميشال عون عن أجواء إيجابية خلال اللقاءات الـ11 التي جمعتهما في قصر الرئاسة منذ التكليف، إلا أن الصورة انقلبت في الساعات الماضية، حيث تعثر مسار التأليف.

وأفادت مصادر لبنانية مطلعة على المفاوضات بأن الخلاف بين ميقاتي وعون يتركز حول تسمية الوزراء، في ظل إبداء كل منهما تحفظا على الأسماء التي يطرحها الآخر. وأكدت ذات المصادر وجود عقبات أمام مسار تشكيل الحكومة، لكن الاتصالات لم تنقطع في محاولة للتوصل إلى حلّ.

ويتركز الخلاف بالأساس حول تسمية وزيري الداخلية والعدل، حيث يصر ميقاتي على أن يكونا غير تابعين لأي حزب سياسي، فيما يتحفظ عون على بعض الأسماء المقترحة من قبل ميقاتي. وقال مصدر مطلع مقرب من الرئاسة إن “الخلاف يدور حول بعض الأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية”.

الرئيس ميشال عون يتحفظ على الأسماء المقترحة من قبل رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لتولي وزارتي العدل والداخلية

وأضاف المصدر أن “عون يتحفظ على بعض الأسماء المقترحة من قبل ميقاتي، وكذلك الرئيس ميقاتي لديه تحفظ على بعض الأسماء المقترحة من عون”، موضحا أن الخلاف برز عندما اقترح ميقاتي أسماء وزراء مسيحيين غير الأسماء التي اقترحها عون، وهذا ما رفضه الأخير.

ويرى مراقبون أن إصرار ميقاتي نابع من أنه يريد أن يشكل حكومة تستطيع إدارة الانتخابات النيابية المقبلة (في 2022)، والتفاوض مع البنك الدولي، فيما عين عون ومن ورائه التيار الوطني الحرّ على الانتخابات القادمة التي قد تقوض مكاسب التيار السياسية.

وأشار هؤلاء إلى أنه رغم الخلاف فإن الأمور لم تتجمد بعد، وستحصل اتصالات لإعادة تدوير الزوايا والانفتاح المتبادل بشأن مباحثات التشكيل. وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية الخميس أن الرئيس عون “مصمم على الاستمرار في التعاطي بانفتاح وإيجابية مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، لتأمين ولادة حكومة يرضى عنها اللبنانيون وتحظى بدعم المجتمع الدولي”.

وأضاف البيان أن “عون لم يقدم إلى ميقاتي أي اسم حزبي لتولي حقيبة وزارية أو أكثر”، معتبرا أن “كل الأسماء التي عرضها تتمتع بالخبرة والكفاءة والاختصاص المناسب للوزارات المرشحة لها”، فيما علّق ميقاتي على بيان الرئاسة بالقول إنه سيواصل جهوده لتشكيل حكومة.

ويرى متابعون في تعليق ميقاتي على بيان الرئاسة اللبنانية تأكيدا غير مباشر على وجود الخلافات التي ينفيها عون. وكان ميقاتي قد أعلن مطلع الأسبوع الجاري عن مسودة تشكيلة حكومية قدّمها إلى عون قال إنه يمكن البناء عليها.

Thumbnail

وتشير المسودة إلى الإبقاء على التوزيع الطائفي نفسه المعتمد في الحقائب السيادية، الأمر الذي يثبت إبقاء حقيبة الداخلية والبلديات في يد شخصية سنية واستمرار حقيبة المال عند الشيعة، من دون أن تكون من نصيب مدير العمليات المالية في مصرف لبنان يوسف خليل، وهذا ما يشدّد عليه عون تحت ذريعة أنّ الرجل قد يخضع للتحقيق معه عند إجراء التدقيق المالي في البنك المركزي، فيما حسمت حقيبة العدل لجهة إبقائها من حصة الرئيس عون.

وتمارس كل من الولايات المتحدة وفرنسا ضغوطا على الفرقاء السياسيين، لإخراج مسار تشكيل الحكومة من دوامة العراقيل والشروط التعجيزية التي طرحها رئيس الجمهورية في بداية المشاورات للاستئثار بحصة وازنة بالحكومة، ما أدى إلى تعثر التشكيل.

وأبلغ الجانب الفرنسي الفرقاء السياسيين بأن مسألة فرض عقوبات على كل من يعطل التشكيل، لن تستثني رئيس الجمهورية شخصيا هذه المرة، وأن الوضع اللبناني لم يعد يحتمل التعطيل على حساب معاناة اللبنانيين المتفاقمة، على وقع أزمات مستفحلة آخرها أزمة رفع الدعم عن المحروقات.

ووجه رؤساء وزراء سابقون، بمن فيهم ميقاتي، تحذيرات للرئيس ميشال عون من مغبة التأخير في تسهيل ولادة حكومة لبنانية جديدة. وحمّل هؤلاء رئيس الجمهورية اللبنانية مسؤولية وضع العراقيل أمام تشكيل حكومة جديدة، تكون مهمتها الأساسية الخروج من الأزمات المتفاقمة السياسية والاقتصادية.

ويزيد التأخر في تشكيل الحكومة الوضع سوءا في بلد يعاني منذ أواخر 2019 أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، ما أدى إلى انهيار مالي ومعيشي وارتفاع معدلات الفقر، وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى.

وفيما يرى مسؤولون وخبراء أن الأزمة في لبنان سببها خلافات داخلية، يذهب آخرون إلى أنها نتيجة ضغوط خارجية، خاصة وأن البلد يمثل ساحة صراع لمصالح دول إقليمية وغربية.

2