تأجج الخلافات بين إسبانيا والمغرب حول سبتة ومليلية

الرباط - أعاد استدعاء وزارة الخارجية الإسبانية سفيرة الرباط في مدريد لاستيضاح تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة المغربي سعدالدين العثماني بشأن منطقتي سبتة ومليلية الواقعتين شمالي المغرب، التوتر بين الرباط ومدريد إلى الواجهة.
وقالت وزارة الخارجية الإسبانية في بيان صدر في أعقاب الاجتماع مع السفيرة المغربية، إن “إسبانيا تتوقع من جميع شركائها احترام سيادة بلادنا ووحدة أراضيها وقد طلبت من السفيرة إيضاحات حول تصريحات رئيس الوزراء المغربي”.
وبالرغم من أن التعاون بين البلدين بلغ مستويات جيدة لاسيما منذ وصول الحزب الاشتراكي الإسباني بزعامة بيدرو سانشيز إلى الحكم، إلا أن التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة المغربية أعادت التوتر إلى العلاقات بين الرباط ومدريد.
وكان العثماني أكد في حوار مع قناة “الشرق”، أن “الجمود هو سيد الموقف حاليا بخصوص ملف المدينتين المحتلتين”، مضيفا أن “الموضوع ظل معلقا منذ 5 إلى 6 قرون مضت، وأن المغرب ربما سيفتح الملف في يوم ما، ويجب أولا أن ننهي قضية الصحراء؛ فهي الأولوية الآن، وقضية سبتة ومليلية سيأتي زمانها”.
وتابع “صحيح كلها أراض مغربية تتمسك بها الرباط كتمسكها بالصحراء، والمهم الآن أن نبني العيش المشترك، والموقف الإسباني في قضية الصحراء أصبح اليوم أكثر اعتدالا، أي أكثر انسجاما مع قرارات مجلس الأمن، وهذا شيء إيجابي”.

رشيد لزرق: إسبانيا ليس من مصلحتها القيام بإجراء يضر بالمصالح المغربية
وأكد سمير بنيس، الخبير في العلاقات الدولية المقيم بواشنطن، أن “تصريحات العثماني حول سبتة ومليلية طريقة لدعوة الحكومة الإسبانية إلى ‘الأمر الواقع’ وعدم السماح لأحد أعضائها بالتلاعب بالسيادة المغربية على الصحراء”.
وأضاف بنيس في تصريح لـ”العرب” أنها (تصريحات العثماني) “وسيلة للإشارة إلى الحكومة الإسبانية بضجر المغرب من اللغة الخشبية التي تتبناها إسبانيا في ما يتعلق بهذا الملف، حيث يود المغرب أن تعبّر إسبانيا عن موقفها بوضوح”.
وجاء حديث العثماني عن سبتة ومليلية في وقت لا يمكن فيه إخفاء بوادر التوتر بين الرباط ومدريد بعد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه، حيث بقي الغموض يخيم على موقف إسبانيا حيال ذلك.
واعتبر زعيم حزب الشعب الإسباني بابلو كاسادو، أن السيادة الإسبانية على المدينتين “غير قابلة للتصرف”، فيما هاجم زعيم حزب “فوكس” اليميني المتطرف سانتياغو أباسكال، المغرب، مشيرا في تغريدة له على تويتر إلى أن “سبتة ومليلية هما مدينتان إسبانيتان في أفريقيا منذ ما قبل وجود المغرب (..) وستظل المدينتان إسبانيتين حتى إذا لم يعد المغرب موجودا”.
ويثير هذا التصعيد الإسباني اللافت تساؤلات حول الرد المغربي خاصة وأن موقف الرباط تعزز بعد الاعتراف الأميركي الأخير بمغربية صحرائه.
وقال رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ”العرب”، إن “المغرب يتعامل بندية وليس من مصلحة إسبانيا التي تعد الآن الشريك الاقتصادي الأول للمغرب أن تقوم بأي إجراء من شأنه الضرر بالمصالح المغربية”، مؤكدا أن “على إسبانيا التخلي عن المنطق الاستعماري وذلك بفسح المجال للمفاوضات بخصوص مدينتي سبتة ومليلية وكل الجزر الأخرى، ولعب دور إيجابي في ملف الصحراء لكون إسبانيا معنية بضرورة مواجهة الحركات الانفصالية”.
وكانت الرباط ومدريد قد أعلنتا قبل أيام عن تأجيل الاجتماع رفيع المستوى الذي كان مقررا بينهما في الـ17 من ديسمبر الجاري إلى فبراير المقبل بسبب الوضعية الوبائية لفايروس كورونا المستجد.