بي.بي.سي تضاعف حظوظ خدمة "بريتبوكس" بحرمان نتفليكس من المحتوى البريطاني

منتجو المحتوى القديم ينافسون اليوم نتفليكس وأمازون وأبل وأزمة قادمة بين قطاع البث التدفقي والمنصات الرقمية.
السبت 2019/11/16
المنافسة تدخل مرحلة جديدة

تشكل المسلسلات والبرامج الكلاسيكية محتوى أساسيا في منصات البث التدفقي العملاقة مثل نتفليكس وأمازون، حيث يجذب قطاعا كبيرا من المستخدمين، لذلك قررت خدمة “بريتبوكس” التابعة لـ”بي.بي.سي” و”آي.تي.في” استعادة هذا المحتوى على منصتها الرقمية، والمنافسة به في هذه السوق المزدهرة.

لندن – قررت خدمة “بريتبوكس” للبث التدفقي إزالة “الغالبية الساحقة” من العروض البريطانية من نتفليكس العام المقبل، ما يعني أن نتفليكس ستواجه أزمة قادمة بغياب آلاف الساعات من المحتوى التلفزيوني البريطاني عن منصته، وقد تضطر إلى تعويضه بإنتاجات أصلية مكلفة جدا.

وأصبح قطاع البث التدفقي سوقا رائجة ومزدهرة مع تغير سلوك المشاهدة وتحول الجمهور -وخاصة الشباب- إلى المنصات الرقمية والمشاهدة حسب الطلب، ما دفع المؤسسات الإعلامية مثل “بي.بي.سي” إلى التوجه نحو هذا القطاع، مستفيدة من مكتبة الفيديو الضخمة التي تملكها، رغم صعوبة المنافسة مع عمالقة التكنولوجيا الذين يستثمرون مبالغ كبيرة جدا في المحتوى الأصلي.

وأطلقت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” بالاشتراك مع “آي.تي.في”، خدمة “بريتبوكس” في المملكة المتحدة في السابع من نوفمبر الجاري، لمنافسة نتفليكس وأمازون و”أبل.تي.في بلس”.

وقالت “بي.بي.سي” و”آي.تي.في” قبل أيام، إنهما توصلتا إلى اتفاق مع قناتي “تشانل 4” و”تشانل 5” لتدعيم برامجهما.

ونقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن بول مور، مدير الاتصالات وشؤون الشركات في مجموعة “آي.تي.في”، قوله إنه “خلال العام المقبل لن تبقى الغالبية العظمى من العروض البريطانية متوفرة على نتفليكس”.

القنوات وشركات الإنتاج قررت الاستفادة من إنتاجاتها السابقة بعد أن أدركت مدى نجاحها في استقطاب المستخدمين على نتفليكس

وأضاف مور أن “التراخيص التي تمتلكها “نتفليكس وأمازون لعرض معظم برامج ‘بي.بي.سي’ و’آي.تي.في’ ممنوحة على أساس عقود متجددة مدتها 12 شهراً. وبمجرد انتهاء صلاحية تلك العقود، ستنتقل العروض إلى خدمة بريتبوكس”.

وتابع ” بالنسبة للمستقبل، لن نرّخص عرض الأعمال على نتفليكس أو أمازون في المقام الأول طالما أن لدينا شبكة وطنية الآن: خدمة بث تدفقي في المملكة المتحدة”.

ومنذ 2010، مع دخول نتفليكس مجال خدمات الفيديو عبر الإنترنت، كانت القنوات التلفزيونية وشركات الإنتاج تعتمد عادة المنصة كنافذة ثالثة بعد العرض الأساسي والإعادات على القنوات التقليدية، وذلك لتحقيق أرباح إضافية من البرامج.

ويبدو أن القنوات التلفزيونية وشركات الإنتاج قد قررت الاستفادة من إنتاجاتها السابقة بعد أن أدركت مدى الأرباح التي قد تحصل عليها بسبب اهتمام الجمهور بها على منصة نتفليكس، فعلى سبيل المثال يعتبر مسلسل “ذي أوفيس”، أكثر المسلسلات نجاحا على صعيد نسبة المشاهدة، وهو اقتباس أميركي للمسلسل البريطاني الذي يحمل الاسم نفسه من إنتاج “أن.بي.سي” وعُرضت آخر حلقاته قبل ست سنوات.

وفي 2021، ستغيب عن المنصة العملاقة الرائدة في مجال البث التدفقي أحداث هذا المسلسل الذي يؤدي ستيف كاريل دور البطولة فيه مجسدا شخصية المدير مايكل سكوت، إذ سيتنقل العمل إلى منصة “أن.بي.سي يونيفرسال” الجديدة للفيديو بفعل عقد بقيمة نصف مليار دولار على خمس سنوات.

مرحلة جديدة
مرحلة جديدة

وتصدّر المسلسل قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة، بحسب شركة “نيلسن”، يليه مسلسل “فريندز” (1994 – 2004)، بفارق كبير عن المسلسلات الخاصة من إنتاج نتفليكس.

كما ستتخلى نتفليكس، اعتبارا من العام المقبل، عن مسلسل “فريندز” الذي سيعزز ترسانة الأعمال المعروضة عبر منصة “إتش.بي.أو ماكس” من “وورنر ميديا” (مجموعة “إي.تي أند تي”)، في مقابل 425 مليون دولار أيضا على خمس سنوات.

ويشكل قرار “بريتبوكس” مرحلة جديدة في إطار المنافسة المحتدمة في هذا القطاع؛ فإضافة إلى حرمان نتفليكس من آلاف الساعات التلفزيونية الأقل كلفة من إنتاجاتها الضخمة، من المرجح أن تخسر عددا من مستخدميها المولعين بهذه الإنتاجات، كما أن هذه الخطوة ستشجع منافسين آخرين في أوروبا والولايات المتحدة على اتخاذ نفس الإجراء.

وخدمة “بريتبوكس” موجودة أصلا في الولايات المتحدة وكندا حيث تحقق المجموعتان أداء أفضل من المتوقع رغم أنه لا يزال متواضعا.

وستقدم خدمة “بريتبوكس” التي يبلغ اشتراكها الشهري 5.99 جنيه إسترليني في بريطانيا، “أوسع مجموعة بريطانية من الإنتاجات عبر البث التدفقي من الكلاسيكيات إلى أحدث البرامج والمسلسلات، بينها “داونتاون أبي” و”برودتشرتش” وبرنامج تلفزيون الواقع “لوف أيلاند”.

ويعتبر انخفاض تكلفة الاشتراك مقارنة بنتفليكس، عاملا آخر يزيد من حجم المنافسة.

وقالت كارولين ماكول المديرة التنفيذية لقناة “آي.تي.في” البريطانية إنّ خدمة “بريتبوكس” الجديدة ستكون موطنَ كلّ ما هو رائع في الإبداع الإعلامي البريطاني، من الاحتفاء بأفضل برامج الماضي، وأفضل برامج الحاضر، مع الاستثمار في المحتوى البريطاني الجديد في المستقبل.

لكنّ هناك رأيا آخر يلوم “بي.بي.سي” على تأخرها في اللحاق بركب البث التدفقي، حيث ذكر ريتشارد هانتر، مدير الأسواق في شركة “إنتراكتيف إنفستور” “إن إبرام مشروع مشترك مع هيئة الإذاعة البريطانية في صورة “بريتبوكس” جاء متأخراً، ولكنّه يُعتبر من التّطورات المهمة، على الرغم من كل شيء”.

وثمة ما لا يقل عن 12 مليون أسرة مشتركة في خدمة واحدة على الأقل وأكثر من أربعة ملايين منصة في البلاد.

زيادة عدد المشتركين
زيادة عدد المشتركين 

ولا يرى أحد أن المسلسلات الشهيرة في التسعينات والعقد الأول من القرن الحالي قادرة وحدها على جذب مشتركين، لكن منصات البث التدفقي تسعى من خلال هذه الأعمال إلى “التأكد من وجود ما يكفي من المضامين التي تهمّ” الجمهور. ويقول الخبير دومينيك كاريستي “لا حاجة إلى مشاهدة هذه الأعمال وفق ترتيب الحلقات الأصلي. في إمكانكم مشاهدة أي حلقة عن طريق الصدفة” والتمتع بها.

وتبدي منصات البث التدفقي استعدادا لدفع المئات من ملايين الدولارات للحصول على حقوق المسلسلات الكوميدية غير أنها تمتنع بصورة شبه كاملة عن إنتاج مضامين خاصة من هذا النوع.

وفي 2020، لن تنتج أي خدمة للبث التدفقي مسلسلات من نوع كوميديا الموقف (سيتكوم) على الطريقة القديمة مع تسجيل الحلقات مباشرة أمام الجمهور.

يذكر أن شركة نتفليكس أعلنت عن زيادة بالملايين في عدد مشتركيها خلال أربعة أشهر فقط، حيث سجل الربع الثالث من العام الحالي زيادة بمقدار 6.77 مليون مشترك، الجزء الأكبر منها جاء من الأسواق الخارجية.

وتعود هذه الزيادة الضخمة في عدد المشتركين إلى عرض الموسم الجديد لمجموعة من أشهر الأعمال التلفزيونية مثل مسلسل الخيال العلمي “أشياء غريبة” الذي شاهده 64 مليون مشترك خلال أول أربعة أسابيع فقط من عرضه، ليصبح بذلك الموسم الأعلى مشاهدة بين البرامج التي أنتجتها نتفليكس، وفقا لما ذكرته وكالة بلومبرغ.

أما على مستوى الأرباح والأداء الاقتصادي لنتفليكس، فقد سجل السهم الخاص بالشركة أكبر ارتفاع له منذ تسعة أشهر في تعاملات بورصة نيويورك للأوراق المالية.

وهدأت الزيادة الكبير في أعداد المشتركين، فضلا عن الأداء الجيد في البورصة، مخاوف القائمين على الشركة من تداعيات المنافسة الوشيكة مع شركة “والت ديزني”، عملاق الإنتاج التلفزيوني والسينمائي، وشركة “أبل”، عملاق التكنولوجيا.

وقال المدير المالي لشركة نتفليكس، سبنسر نيومان “كان بالفعل فصلا قويا ليس فقط بشأن المشتركين، وإنما أيضا بالنسبة إلى أداء الشركة ككل”.

وتتوقع الشركة إضافة 7 ملايين مشترك جديد خلال الربع الأخير من العام الحالي.

18