بومبيو يرسم ملامح قاتمة لمستقبل العلاقات الأميركية - التركية

الخارجية التركية تعبر عن امتعاضها من برنامج زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو إلى إسطنبول والتي تمحورت حول الحريات الدينية لكنه امتنع عن لقاء مسؤولين أتراك.
الأربعاء 2020/11/18
رسائل أميركية تعمق المخاوف التركية

عمقت زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى إسطنبول والتي تجاهل خلالها لقاء المسؤولين الأتراك حالة الترقب والقلق التي تخيّم على إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حيال مستقبل العلاقات بين البلدين بعد انتخاب جو بايدن العازم على تحجيم النفوذ التركي على أكثر من جبهة.

إسطنبول- يحمل تجاهل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للمسؤولين الأتراك خلال زيارته لإسطنبول الثلاثاء، إشارات بتغيّر مزاج الإدارة الأميركية الحالية، في وقت تتوجس فيه أنقرة من سياسات الرئيس المنتخب جو بادين حيالها والتي يتوقع مراقبون أن تقطع مع مرونة الإدارة السابقة وتكون أكثر حزما في تسوية الملفات العالقة.

وأجرى بومبيو الزيارة لإسطنبول والتي تتمحور حول الحريات الدينية من دون أن تتضمن أي لقاءات مع المسؤولين الأتراك رغم تأكيده أنه يريد “إقناعهم” بوقف تحركاتهم “العدائية”.

وبدأت الزيارة التي أثار برنامجها انتقادات أنقرة بلقاء بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول، الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية، في مقر البطريركية قبل أن يقوم بجولة في مسجد رستم باشا القريب.

وكانت تركيا أثارت موجة انتقادات في العالم المسيحي في يوليو عبر تحويلها كاتدرائية آيا صوفيا السابقة، المصنفة ضمن التراث العالمي للبشرية، إلى مسجد بعدما جعلتها في السابق متحفا.

وعبرت الخارجية التركية عن امتعاضها من برنامج زيارة بومبيو مؤكدة أن الحرية الدينية “محمية” في تركيا. وقالت أنقرة “سيكون من المناسب أكثر للولايات المتحدة أن تنظر في المرآة وتفكر بالعنصرية ومعاداة الإسلام وجرائم الحقد على أراضيه”.

وقال مسؤول تركي لبلومبيرغ، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “بومبيو رفض دعوة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للحضور إلى أنقرة أثناء زيارته لتركيا، وطلب من جاويش أوغلو القدوم إلى إسطنبول للاجتماع”. وأضاف أن جاويش أوغلو رفض الطلب، معبرا عن استيائه من تجاهل بومبيو زيارة أنقرة قبل مغادرة منصبه.

توري توسيج: سنشهد تحولا أقوى من إدارة بايدن ضد الحكومة التركية
توري توسيج: سنشهد تحولا أقوى من إدارة بايدن ضد الحكومة التركية

وفي غياب لقاءات ثنائية، لن يتمكن بومبيو من أن يناقش مع السلطات التركية الخلافات الكثيرة التي عددها الاثنين في ختام لقاء عقده في باريس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقال لصحيفة لوفيغارو الفرنسية “الرئيس ماكرون وأنا أمضينا الكثير من الوقت في مناقشة تصرفات تركيا الأخيرة واتفقنا على أنها شديدة العدائية”.

وأشار خصوصا إلى دعم تركيا لأذربيجان و”حقيقة أنّها زرعت قوات سورية في المنطقة أيضا”، في إشارة إلى مرتزقة سوريين أكّدت يريفان أنّ أنقرة أرسلتهم لمؤازرة القوات الأذرية في ناغورني قره باغ.

وأضاف “بحثنا أيضا في ما تقوم به تركيا في ليبيا حيث أدخلت أيضا قوات من دول أخرى، وأفعالها في شرق البحر المتوسط، والقائمة تطول”. واعتبر بومبيو أنّه “يجب على أوروبا والولايات المتحدة العمل معا لإقناع الرئيس رجب طيب أردوغان بأنّ مثل هذه الأعمال لا تصبّ في مصلحة شعبه”.

وتضاف هذه المواضيع إلى الخلافات بخصوص شراء أنقرة نظام الصواريخ الروسية أس400- والذي يفترض أن يؤدي، بحسب القانون الأميركي، إلى عقوبات أميركية لكن تركيا حصلت على إرجاء من دونالد ترامب الذي كان حريصا كما يبدو على الحفاظ على علاقته الجيدة مع أردوغان.

لكن الجيش التركي قام الآن بتجربة صواريخ أس400- وبالنسبة للولايات المتحدة هذا الأمر يشكل خطا أحمر. وحذرت الخارجية الأميركية في الآونة الأخيرة من أنه “يجري التفكير في العقوبات” وأنه “احتمال فعلي جدا”.

ويبقى أن نرى ما إذا كان الملياردير الجمهوري سيرغب في تنفيذ هذا التهديد قبل تسليمه البيت الأبيض في 20 يناير، أم أنه سيترك للرئيس المقبل جو بايدن أمر التعامل مع هذا الوضع الدقيق.

وتؤشر تصريحات بايدن التي وصف فيها أردوغان بالمستبد وتعهده بدعم المعارضة التركية للإطاحة به في الانتخابات القادمة على ملامح سياسية خارجية حازمة تجاه أنقرة.

ويشير مراقبون إلى أن تركيا قد تخسر أكثر من معظم الدول الأخرى مع انتخاب بايدن، إذ من المتوقع أن يشدد الموقف الأميركي إزاء التدخلات العسكرية الخارجية لإدارة أردوغان وتوثيق أنقرة التعاون مع روسيا.

وتؤكد توري توسيج، مديرة الأبحاث بمركز بيلفر بكلية كنيدي في هارفارد “أعتقد أن من الإنصاف القول إنك ستشهد تحولا أقوى (من إدارة بايدن) ضد الحكومة التركية حين تتعارض مع المصالح الأميركية”.

زيارة بومبيو بدأت بلقاء بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول، الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية، في مقر البطريركية قبل أن يقوم بجولة في مسجد رستم باشا القريب

ويتوقع متابعون أن يعتمد بايدن نهجا أقل انعزالية من ترامب ويلجم تحركات تركيا في الخارج لاسيما ليبيا وناغورني قره باغ وشرق المتوسط، لكن جبهات المواجهة لا تقف عند هذا الحد.

وعارض بايدن العمليات العسكرية التركية في سوريا، ووصف اتفاق ترامب مع أردوغان في عملية نبع السلام، التي أعطت تركيا منطقة آمنة، بأنه خيانة للأكراد، كما أنه يدعم إقامة حكم ذاتي للوحدات الكردية المسلحة في الشمال السوري، شريكة الولايات المتحدة في الحرب على داعش والتي تعتبرها أنقرة إرهابية.

ومن شأن ارتفاع منسوب التوتر في العلاقات الأميركية التركية أن يعرض الليرة التركية، التي تعاني بالفعل من انخفاض قياسي أمام الدولار، لمزيد من الضغوط، ما يعمق أزمة الاقتصاد التركي المتعثر.

5