بورصة أبوظبي تتجاوز حذرها وتطلق سوقا للمشتقات المالية

دخلت أبوظبي مرحلة أكثر انفتاحا في خططها المتعلقة بتطوير نشاط بورصة الإمارة حين بدأت فعليا في عملية تسويق أول منتجات المشتقات المالية، في تحرك يرجح أن يحقق إيرادات أكبر مع إمكانية جذب المزيد من المستثمرين، رغم أن البعض يرى أنها واحدة من أهم وأخطر الأدوات المالية في الأسواق.
أبوظبي - بدأت سوق أبوظبي للأوراق المالية رسميا الخميس تداول باكورة المشتقات المالية ضمن مبادراتها الرامية لمواكبة ما تقدمه الأسواق العالمية المماثلة من منتجات وخدمات مبتكرة تلبي تطلعات المستثمرين مع أنها قد تبدو خطوة محفوفة بالمخاطر.
وذكر مكتب أبوظبي الإعلامي في بيان نشره على حسابه في تويتر أنه مع إطلاق العقود المستقبلية للأسهم المفردة ستتيح المنصة الجديدة للمستثمرين والمتداولين فرصة الاستفادة من مجموعة من المزايا أهمها زيادة الرافعة المالية وإمكانية تحقيق المكاسب خلال أوقات صعود السوق وهبوطها، بجانب التحوط ضد مخاطر المحافظ الاستثمارية.
وقال محمد علي الشرفاء، رئيس مجلس إدارة بورصة أبوظبي، إن “إطلاق سوق المشتقات المالية يشكل محطة بارزة ضمن مسيرة نجاح سوق أبوظبي للأوراق المالية التي رغم تاريخها القصير استطاعت أن تحقق سلسلة من الإنجازات النوعية لتمضي قدما بوتيرة نمو متسارعة”.
وأضاف “ستعزز جهودنا لتوفير محفظة واسعة من المنتجات والخدمات المبتكرة زخم النمو الاقتصادي المستدام في الإمارة، مما يفتح آفاقاً أوسع أمام المستثمرين للاستفادة من فرص النمو الفريدة التي توفرها شركات أبوظبي”.

محمد علي الشرفاء: السوق تعزز جهودنا لتوفير محفظة واسعة من المنتجات المبتكرة
وشهدت بورصة أبوظبي تداول العقود المستقبلية للأسهم المفردة التابعة لخمس كيانات، وهي مجموعة اتصالات وبنك أبوظبي الأول والشركة العالمية القابضة وأدنوك للتوزيع والدار العقارية.
والمشتقات هي عقود مالية تشتق قيمتها من قيمة أصول حقيقية أو مالية أخرى تشمل أسهما أو سندات أو عملات أجنبية أو سلعا أو ذهبا.
وتكون لتلك العقود مدة زمنية معينة، بالإضافة إلى سعر وشروط يتم تحديدهما عند تحرير العقد بين البائع والمشتري، ومن أشهر صورها المستقبليات والاختيارات والعقود الآجلة والمبادلات.
ويقول خبراء أسواق المال إن منتجات المشتقات هي أدوات تداول بديلة توفر فرص تداول وتحوط للمستثمرين، كما أنها تقدم ميزات مضمنة في منتجاتها مثل البيع على المكشوف والرافعة المالية.
غير أن البعض يرى أن منتجات المشتقات محفوفة بالمخاطر، فهي مثل أي ورقة مالية أخرى، ومعروفة بكونها المفتاح لبدء التداول، حيث يُنظر إليها على أنها منتجات أكثر تعقيدا تتطلب معرفة أعمق بالاستخدامات والمخاطر والفوائد.
وكانت بورصة السعودية “تداول” من أوائل أسواق المال في منطقة الخليج التي بدأت تتعامل بهذه الأدوات المالية، حيث فتحت أبوابها في أغسطس العام الماضي أمام سوق المشتقات المالية ليدخل أكبر اقتصاد عربي مرحلة أكثر انفتاحا في خططه الاستراتيجية المتعلقة بإصلاح نشاط سوق المال.
ومن الواضح أن المشرفين على سوق المال في أبوظبي ماضون في تنفيذ مبادراتها الاستراتيجية الهادفة إلى ضمان سوق مالية سهلة التمويل ومحفزة للاستثمار وداعمة لثقة المتعاملين فيها.
وتؤكد هيئة سوق المال أنه من المتوقع أن تُضاف المزيد من العقود المستقبلية للأسهم المفردة في وقت لاحق من العامين الجاري والقادم.
وستطلق بورصة أبوظبي العقود المستقبلية للمؤشرات في الربع الأول من عام 2022 قبل توسيع سوق أبوظبي للأوراق المالية محفظة منتجاتها من المشتقات المالية، التي يعتمد تشغيلها على تقنيات حديثة مقدمة من ناسداك للأسواق المالية.
ومن المرجح أن تنضم ثلاثة كيانات أخرى، هي كيو لصناعة السوق التابعة لشركة أي.دي.كيو القابضة وبي.أتش.أم كابيتال والرمز كابيتال، إلى سوق المشتقات المالية الجديدة لتوفير السيولة في المنصة الجديدة مما يعزز كفاءة وانتظام النشاط.
وسيسهم منح رخص التداول بالهامش قصير الأجل للمزيد من الوسطاء في زيادة المشاركة في السوق. ويأتي إطلاق سوق المشتقات المالية بالتزامن مع إطلاق الطرف المقابل المركزي، بهدف تعزيز كفاءة واستقرار السوق وتحسين الثقة بإمكاناتها.
وستدعم العقود المستقبلية لكلّ من الأسهم المفردة والمؤشرات استراتيجية أي.دي.إكس ون التي تهدف إلى مضاعفة القيمة وتعزيز النشاط الاستثماري في سوق المال.
بورصة أبوظبي ستطلق العقود المستقبلية للمؤشرات في الربع الأول من عام 2022 قبل توسيع سوق أبوظبي للأوراق المالية
ويتمثّل هدف استراتيجية أي.دي.إكس ون، التي تم تدشينها مطلع هذا العام، في ترسيخ جاذبية سوق أبوظبي للأوراق المالية انطلاقا من عدة محاور تشمل توسيع نطاق محفظة المنتجات والخدمات في السوق، والاستثمار في تطوير بنية تحتية عصرية ومتطوّرة بالشراكة مع شركات رائدة عالمياً.
واعتبر سعيد الظاهري الرئيس التنفيذي لسوق أبوظبي للأوراق المالية أن إطلاق سوق المشتقات المالية يُعتبر خطوة مهمة ستضيف فصلا جديدا إلى قصّة نجاح بورصة الإمارة.
وقال إن “هذه السوق ستزود المستثمرين بالأدوات اللازمة لتنفيذ استراتيجيات تداول معقدة، كما ستتيح لهم تكوين رؤية أشمل حول توجهات الأسهم المفردة والمؤشرات بطريقة فعّالة”.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن قيمة الشركات المُدرجة في بورصة أبوظبي وصلت إلى ضعف القيمة منذ بداية 2021، حيث تجاوزت نحو 1.48 تريليون درهم (400 مليار دولار)، مدعومة بسلسلة من عمليات الإدراج وزيادة الاستثمار الدولي.
وارتفع المؤشر العام لسوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة تخطّت الخمسين في المئة خلال العام الجاري، ما جعلها أحد أفضل مؤشرات الأسهم أداءً في جميع أنحاء العالم خلال الفترة ذاتها.
وفي الشهر الماضي أطلقت أبوظبي صندوقا للاكتتابات بقيمة خمسة مليارات درهم سيستثمر في ما يتراوح بين خمس وعشر شركات سنويا مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة.