بنغازي تدخل على خط المنافسة لقيادة المشهد الإعلامي في ليبيا

بنغازي (ليبيا) - دخلت سلطات الشرق في ليبيا مرحلة المنافسة على قيادة المشهد الإعلامي في البلاد بالعمل على إعادة تشكيله وفق رؤية جديدة هدفها تحويل بنغازي إلى قطب إعلامي وثقافي واتصالي متعدد المنصات والاختصاصات. وأعلن رئيس المؤسسة الليبية للإعلام محمد عمر بعيو عن قرار بإنشاء قناة تلفزيونية إخبارية جديدة، تحمل اسم “الإخباريّة الليبية”، تتبع شبكة تلفزيون وراديو ليبيا (تال)، وتبث برامجها من مدينة بنغازي.
وستكون القناة الجديدة، رابعة المحطات التلفزيونية التي تبث من شرق ليبيا بعد “الحدث” و”المسار” التابعتين للقيادة العامة للجيش و”المستقبل” التابعة لمجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق مقرا له. وأكدت المؤسسة الليبية للإعلام قرب الانطلاقة الرسمية لإذاعة “ليبيا” من مقرها في بنغازي وأنه تم الانتهاء من المرحلة ما قبل الأخيرة لإنشاء مقرها.
وأوضحت المؤسسة أنها قطعت أشواطا في تجهير المقر، بما في ذلك عمليات العزل والتصميم الداخلي وتركيب أنظمة التكييف المركزي، وبدأت أيضا في تركيب الأثاث والمعدات اللازمة لتشغيل الإذاعة، بما في ذلك المرسلات والألياف البصرية. ومن المنتظر أن يتم إعلان عن الانطلاقة الرسمية لإذاعة “ليبيا” بعد الانتهاء من المرحلة الأخيرة من التجهيزات التقنية والاختبارات النهائية.
وأوضحت المؤسسة الليبية للإعلام أن الإذاعة ستكون إضافة مهمة للمشهد الإعلامي الليبي، حيث توفر منبرا للتعبير الحر وتبادل الآراء والأفكار وفقا لمعايير مهنية وأخلاقية عالية، بهدف توحيد الخطاب الليبي ونبذ الكراهية والتفرقة، وتعزيز الوحدة الوطنية. وأشارت المؤسسة إلى أن الإذاعة ستعمل على تعزيز الوعي العام والمشاركة المجتمعية، وتوفير مصدر موثوق للمعلومات والأخبار في ليبيا.
وقالت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب إن الإذاعة تهدف إلى إيصال صوتها إلى جميع المدن والمناطق الليبية. كما أنها تأتي تنفيذا لتعليمات رئيس الحكومة أسامة حماد بضرورة تطوير الخطاب الإعلامي، والاهتمام بالمؤسسات الإعلامية. وبحسب بعيو، فإن الإذاعة الجديدة “ستكون صوتا مسموعا لكل الليبيين، وصوتا ناطقا باسم ليبيا، لتعمل وفق معايير مهنية وأخلاقية، بهدف توحيد الخطاب ونبذ الكراهية”.
وأفاد مدير مكتب الإعلام والتواصل بالمؤسسة الليبية للإعلام هاني بالراس بأن المؤسسة تعمل أيضا على إنشاء مركز للتدريب والتطوير الإعلامي في مدينة بنغازي. وأضاف بالراس في تصريحات صحفية أن البرامج التدريبية للمركز ستغطي جميع المجالات الإعلامية، كما سيجري تجهيزه بالإمكانات اللازمة ليسهم في الارتقاء بمستوى الإعلام الليبي وتوحيد خطابه لصالح البلاد.
وتعتزم المؤسسة على التعاون مع أساتذة الصحافة والإعلام من ليبيا وخارجها لتبادل الخبرات وعقد دورات تدريبية، وإقامة ورش عمل لجميع الإعلاميين على مستوى ليبيا عند الانتهاء من إنشاء مبنى المركز، وستكون هناك مجموعة من الخطوات المهمة وفق آلية تعمل عليها المؤسسة. وكان رئيس حكومة الوفاق السابقة فايز السراج، بادر في سبتمبر 2020 بتعيين الكاتب والإعلامي محمد بعيو، في منصب رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، بعد قراره بإنشائها على أن تكون لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة ويكون المقر الرئيسي لها في طرابلس.
وفي الخامس عشر من يونيو عام 2021، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة حل المؤسسة. وفي يونيو 2023 قررت الحكومة المكلفة من مجلس النواب إنشاء المؤسسة الليبية للإعلام وتكليف بعيو برئاستها، وهو ما جعل المشروع ينتقل من طرابلس إلى بنغازي حيث يمضي بعيو نحو تنفيذ مشروعه الذي كان قد أعلن عن تأسيسه في فبراير 2021 والمتمثل في إنشاء “شبكة تلفزيون وراديو ليبيا” والتي تمت تسميتها اختصارا “تال”.
ووفق بيان التأسيس، فإن الشبكة تهدف إلى توحيد إدارة وحدات الإعلام الوطني الليبي، بما ينهي ظاهرة الجزر المعزولة التي كان عليها الوضع قبل تأسيس المؤسسة وإنشاء الشبكة، وذلك بهدف تحقيق التكامل بين القدرات والخبرات البشرية والإمكانيات الفنية لهذه القنوات والإذاعات للارتقاء بمستوى أدائها، وتنظيم خطابها، وتحديد هوية كل منها الإعلامية والبصرية، مع المحافظة على الهوية الخاصة بكل وحدة من وحدات الشبكة.
وتحدث بعيو في أكتوبر الماضي عن “الضعف الواضح في الأداء الإعلامي والتواصلي للقيادة العامة للجيش في الداخل والخارج، والذي ينعكس سلبا على مخرجاتها الإعلامية والتواصلية، رغم الإنفاق المالي الكبير الذي قال إنه لا يدري أين يذهب".
ويرى مراقبون أن تأسيس قطب إعلامي في بنغازي نابع من رغبة في بناء قوة قادرة على التصدي للإعلام المناهض للقيادة العامة للجيش، أو المؤدلج القادم من وراء الحدود للتأثير على النسيج السياسي والإعلامي في البلاد، كما إنه يهدف إلى إحداث قدر من التوازن مع الإعلام الدائر في فلك سلطات طرابلس والموالي لها، والذي ينطلق من إمكانات مادية وبشرية ضخمة ويحظى بالدعم والرعاية من أطراف داخلية وإقليمية.