بغداد تودع شاعرها راضي مهدي السعيد

ودعت بغداد شاعرها راضي مهدي السعيد، أحد حراس قلعة الشعر العراقي على مدى ستين عاما، بعد أن غيّبه الموت الجمعة 6 مايو الحالي.
ومنذ العام 1957 وحتى احتلال العراق في العام 2003 أصدر الشاعر السعيد دواوين عديدة كان أبرزها "مرايا الزمن المنكسر" 1972، وكان قد صدر له في العام 1957 ديوان "رياح الدروب"، و"الشوق والكلمات" 1977، و"ابتهالات لوطن العشق" 1985، و"الصيحة" 1988، إلى جانب مجموعتين شعريتين مشتركتين هما: "المعركة" 1966) و"أصداء على الشفاه" 1967، ومن مؤلفاته أيضا كتاب "لغتي" الذي صدر بالاشتراك.
ولد الشاعر راضي مهدي السعيد في محلة من محلات مدينة الكاظمية شمال بغداد، تقع على نهر دجلة وتسمى أم النومي، في العام 1932، وقطع مراحل دراسته الابتدائية والثانوية بتفوق، وتخرج في معهد إعداد المعلمين، ثم في كلية الحقوق العراقية، ولكنه مارس مهنة التدريس منذ العام 1954، على خلاف أخيه الأكبر صادق الذي مارس المحاماة وكان له نشاط سياسي ملحوظ في العهد الملكي.
في بداية العام 1970 ترك الشاعر السعيد التدريس ليعمل في هيئة تحرير مجلة "الأقلام" الصادرة عن وزارة الثقافة والإعلام، وقتها، ثم عمل في مجلة "آفاق عربية" لسنوات عدة، كما عمل ضمن مجموعة من الأدباء في متابعة الكتب الأدبية والثقافية لإبداء الرأي في صلاحيتها، بعد تقاعده من وظيفته.
ويقول الشاعر العراقي عبد المنعم حمندي عن الشاعر الراحل "إن السعيد عرف بين مجايليه بكتابة الشكل الكلاسيكي العمودي والقصيدة الحرة ذات التفعيلة المتشابهة الموزعة توزيعا جديدا وذات القافية الموحدة أحيانا، والمختلفة أحيانا أخرى، الموسيقى الكلاسيكية في شعره واضحة دوما".
يضيف " ديوانه الشاعر راضي مهدي السعيد الأول ‘رياح الدروب‘ الصادر في العام 1957 اقترن بمقدمة كتبها الشاعر بدر شاكر السياب، وكنتُ أغبطه على صمته ودماثة خلقه وعدم دخوله معترك المهاترات الأدبية والتزامه بحب الوطن والإنسان".
وكان الشاعر الراحل من المداومين على حضور المجالس الأدبية البغدادية، والمحاضرين فيها، وقد أصدر عنها في العام 1970 كراسا بعنوان "المجالس والندوات الأدبية في الكاظمية" أورد فيه نحو عشرين مجلساً وندوة أدبية في الكاظمية وحدها، وربطته علاقة وثيقة بالعلامتين الدكتورين علي الوردي وحسين علي محفوظ والشعراء بدر شاكر السياب وعبد الرزاق عبد الواحد وحميد سعيد وسامي مهدي وعلي جليل الوردي، وسائر مثقفي العراق ومفكريه وشعرائه.
صمت الشاعر السعيد بعد احتلال العراق، ولعله كتب ما سيظهر بعد رحيله، وفي ظل عمليات الاغتيال والاختطاف والاعتقال التي مارستها فرق الموت والمليشيات الطائفية في العراق بعد الاحتلال، كان اسم الشاعر السعيد يتكرر في قوائم أسماء الشخصيات الثقافية والأدبية والسياسية والفكرية والعلمية المطلوب تصفيتها جسديا لاتهامها بالارتباط مع جهات خاصة.
ورغم عزلته بعد احتلال العراق، فقد كرم الشاعر راضي مهدي السعيد "مهرجان بغداد الشعري الذهبي الأول" الذي نظمته رابطة شعراء بغداد في الثاني عشر من ديسمبر 2009 والذي حملت دورته اسم الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة عنوانا لها، إلى جانب عدد من المبدعين من شعراء ومؤرخين وإعلاميين.
|