بغداد تسعى لكبح انفلات تشغيل العمالة الأجنبية

أجبرت الضغوط الشعبية البرلمان العراقي على التحرك لكبح انفلات تشغيل العمالة الأجنبية في ظل وجود جيوش العاطلين العراقيين، بعد موجة انتشار تشغيل الإيرانيين بدعم الجماعات الموالية لطهران وتزايد استقدام العمال الآسيويين.
بغداد - أعلنت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس النواب العراقي أنها بدأت بتحركات لدعم وزارة العمل في معالجة انفلات تشغيل العمالة الأجنبية في بلد يعاني من مستويات بطالة مرتفعة خاصة بين الشباب.
وقال عضو اللجنة البرلمانية فاضل جابر إن اللجنة ستناقش سبل فرض تطبيق قانون العمل الذي ينص على تشغيل الشركات العاملة في العراق وخاصة في القطاع النفطي نسبة لا تقل عن 70 في المئة من الأيدي العاملة العراقية وألا تزيد نسبة العاملين الأجانب على 30 بالمئة.
ويأتي هذا التحرك بعد تصاعد التذمر والاحتجاجات بين العراقيين العاطلين عن العمل من تدفق جيوش العمال، وخاصة من إيران والدول الآسيوية، خاصة في ظل ندرة فرص العمل في ظل شلل معظم القطاعات الاقتصادية.
وتفاقم الأمر في ظل دعم الأحزاب والميليشيات الموالية لطهران لتشغيل العمال الإيرانيين، وتسهيل حصول الشركات الإيرانية على العقود.
السفارة الإيرانية والميليشيات الموالية لطهران تساعدان الشركات والعمال الإيرانيين على الحصول على فرص العمل والعقود
ويقول عراقيون إن الكثير من الشركات الإيرانية لا تشغل أي عراقيين وأنها من أكثر الشركات الأجنبية انتهاكا لقوانين العمل العراقية.
كما أصبح الكثير من الشركات العراقية يميل إلى استقدام العمالة الآسيوية، لأنها قادرة على فرض عملهم لساعات طويلة وبأجور زهيدة.
وأكد جابر أن “جلسات البرلمان المقبلة سوف تشهد تحركات لتفعيل قانون العمالة الأجنبية للحد من ظاهرة تشغيل استقدام العمالة الأجنبية إلى البلاد وتطبيق القانون بالشكل الأمثل من أجل توفير فرص للعراقيين العاطلين عن العمل”.
وأضاف عضو اللجنة البرلمانية المعنية بالعمل والشؤون الاجتماعية، أن وزير العمل والشؤون الاجتماعية باسم عبدالزمان أكد بعد لقاءات عقدتها اللجنة معه، أنه يعتزم اتخاذ إجراءات رادعة بحق الشركات التي تنتهك قانون العمل وشروط الإقامة للعمالة الأجنبية.
وأوضح جابر أن القانون ينص على وجوب التزام جميع الشركات بتشغيل نسبة 70 في المئة من العراقيين، وأن هذا القانون ينبغي تفعيله بشكل خاص على الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز العاملة في العراق.
وقال إن تلك الشركات تدفع الملايين من الدولارات للعمال الأجانب، رغم توفر الأيدي العاملة العراقية الماهرة، التي تطالب بالحصول على فرصة
للعمل.
ويقول عراقيون إن تشغيل العمال الإيرانيين امتدّ من الشركات الإيرانية إلى معظم القطاعات، كما لم يعد يقتصر على محافظات الوسط والجنوب، بل امتد إلى إقليم كردستان ومدن محافظة الأنبار في أقصى غرب العراق، بسبب تفاقم وطأة العقوبات التي شلت معظم النشاطات الاقتصادية في
إيران.
وأدت تلك الظاهرة تصاعد التذمر بين العراقيين، الذين يعملون بأجور يومية خاصة في قطاع البناء والأعمال الإنشائية بسبب منافسة الإيرانيين لهم على فرص العمل القليلة.
في المقابل يجد الكثير من أصحاب العمل في الأيدي العاملة الإيرانية والآسيوية فرصة لخفض التكاليف، بسبب قبولهم للعمل لساعات طويلة على مدار الأسبوع وبأجور منخفضة، مقارنة بالعمال العراقيين.
ويأتي اتساع تدفق العمال الإيرانيين بسبب انهيار العملة الإيرانية، الذي يجعل أجور العمل في العراق مغرية بالنسبة لهم، خاصة في ظل توقف نشاط معظم الشركات في إيران بسبب العقوبات الأميركية، التي عزلت البلاد عن العالم.
ويقول مراقبون إن السفارة والقنصليات الإيرانية، تعملان على تسهيل تدفق العمال والشركات الإيرانية إلى العراق، لتخفيف وطأة العقوبات من تدفق العملة إلى إيران، إضافة إلى دعم الميليشيات الموالية لطهران في تسهيل حصول الشركات والعمال الإيرانيين على فرص العمل والعقود.
ويتركز نشاط العمال الإيرانيين في بغداد ومدن وسط وجنوب العراق، لكن مواطنين من محافظات الأنبار وصلاح الدين والموصل أكدوا تدفق العمال الإيرانيين خاصة إلى تجمعات عمال البناء، الذين يتم استئجارهم بأجور يومية.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها وجود أعداد كبيرة من العمال الإيرانيين في المواقع الذت يعرض فيها العمال جهودهم للقيام بأعمال البناء بأجور يومية في كردستان.
وذكرت الوكالة أن العمال الإيرانيين يدخلون بتأشيرات سياحية لمدة شهر، يحاولون خلاله العمل طوال أيامه ليعودوا إلى بلادهم محملين بالسلع الأساسية ولوازم الأطفال التي لم تعد سهلة المنال في إيران.
ونسبت إلى عامل إيراني يدعى رستم قوله، إن المشكلة في إيران ليست الحصول على العمل، بل إن “العملة لم تعد لها قيمة هناك” جراء العقوبات الأميركية التي أدت إلى ارتفاع التضخم إلى 52 بالمئة، بعدما فقد الريال الإيراني نحو 60 بالمئة من قيمته خلال عام واحد.
ويقول العامل الإيراني طه، الذي يحمل شهادة جامعية في الرياضيات، إن عمله في العراق يساعد عائلته في محافظة سناندج في غرب إيران، وأنه يبحث حاليا عن منزل في أربيل لاستقبال أصدقائه وأقربائه الذين يسعون للسير على خطاه.
ويشكو عراقيون من أن الحكومة قدمت تسهيلات ووقعت اتفاقات كثيرة مع إيران خلال السنوات الأخيرة مكنت الشركات الإيرانية من توسيع نفوذها في الكثير من القطاعات الاقتصادية.
ويؤكد مراقبون أن التسهيلات الممنوحة للشركات الإيرانية يقابلها تضييق على الشركات المنافسة من دول أخرى مثل تركيا ودول الخليج وحتى الشركات الأوروبية، التي تضغط عليها الميليشيات لابتزازها.
وتعتبر الكثير من الميليشيات العراقية التابعة للحرس الثوري الإيراني منح العقود للشركات الإيرانية وتشغيل عمالها أولوية قصوى لمساعدة طهران في تخفيف وطأة العقوبات الأميركية القاسية.