بعد روسي للانتقادات الجزائرية لفرنسا: إقالة جنرال محسوب على تيار باريس

تأويلات متضاربة حول قرار إقالة الجنرال محمد قايدي المنتمي إلى الجناح العسكري الذي يتعرض إلى عملية اجتثاث في ظل اشتداد قبضة الجناح التقليدي الموالي للروس.
الخميس 2021/11/11
صاحب رؤية براغماتية غربية داخل الجيش الجزائري

الجزائر- قالت مصادر جزائرية مطلعة إن قرار إقالة الجنرال محمد قايدي، مدير دائرة الاستعمال والتحضير في أركان الجيش الجزائري، لم تكن نتيجة مباشرة لصراعات داخل المؤسسة كما هو معروف، وأن الأمر يتعلق بميله إلى تعامل الجزائر مع فرنسا، وهو التوجه الذي ترفضه أغلبية القيادات العسكرية المحسوبة على روسيا.

وأشارت المصادر إلى أن ظهور خلفيات هذه الإقالة كشف عن تأثير روسي في الموقف المتشدد الذي أظهرته المؤسسة العسكرية والسياسية في الجزائر تجاه فرنسا ورفضها أي محاولات للتهدئة بالرغم من بروز تصريحات فرنسية على أعلى مستوى تسعى لتجاوز التوتر الأخير.

وتأكد الأربعاء قرار تنحية الجنرال قايدي وتعويضه بجنرال جديد تمت ترقيته منذ شهر يوليو فقط إلى الرتبة المذكورة، ويتعلق الأمر باللواء بلقاسم حسنات، القادم من الحرس الجمهوري.

◄ الجنرال محمد قايدي انتقل إلى واجهة الأضواء الإعلامية والسياسية خلال حقبة الحراك الشعبي، حيث قدم من طرف الدعاية العسكرية على أنه الذراع اليمنى لقايد صالح،

واكتفت تقارير محلية بالإعلان عن خبر تعيين الجنرال الجديد دون تقديم أي تفاصيل بشأن إقالة قايدي الذي خلفت تنحيته تأويلات متضاربة، خاصة وأن القرار جاء مفاجئا، لأن الرجل من الكفاءات العسكرية الشابة التي كان ينظر إليها على أنها أفضل خلف للحرس القديم داخل المؤسسة العسكرية.

وكشفت المصادر السابقة عن أن قيادات الحرس القديم في المؤسسة العسكرية الجزائرية لديها رغبة شديدة في التعاون مع روسيا على حساب فرنسا، خاصة بعد الاستقطاب المستجد في الآونة الأخيرة بين الروس والفرنسيين حول مواطئ النفوذ في شمال أفريقيا ودول الساحل والصحراء.

وتزامن هذا الاستقطاب مع الانكفاء العسكري الفرنسي المسجل مؤخرا، بعد إقرار باريس الإنهاء التدريجي لعملية “برخان” في مالي ودفع الجيوش المحلية إلى خوض الحرب على الإرهاب وحدها، وهو الفراغ الذي فسح المجال أمام دخول مجموعة فاغنر الروسية الخاصة والمقربة من الكرملين.

وكانت دوائر جزائرية على مستوى عال تجهّز لملء الجيش الجزائري هذا الفراغَ ولأن يكون بديلا عن الجيش الفرنسي في المنطقة، خاصة بعدما تم رفع الحظر الدستوري عن خروج قواتها العسكرية خارج حدودها الإقليمية، قبل أن يحصل لاحقا تراجع مفاجئ في الموقف الرسمي.

وشدد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في أكثر من تصريح على أن “الجيش الجزائري لن يكون إلا في مهام سلام رسمية تشرف عليها هيئات دولية أو إقليمية، وأنه لن يكون جيشا مرتزقا ولا يمكن التفكير في الزج بأفراده في مستنقعات الموت”.

الجنرال بلقاسم حسنات القادم من الحرس الجمهوري تمت ترقيته منذ شهر يوليو فقط إلى الرتبة المذكورة

يشار إلى أن الجنرال قايدي سبق أن ظهر في أكثر من مناسبة إلى جانب مسؤولين فرنسيين وجزائريين بارزين، كما أنه كان دائم الحضور في المحافل العسكرية الإقليمية والدولية كممثل للمؤسسة العسكرية منذ عام 2013، وهو ما أكسبه خبرة استراتيجية تجمع بين الدبلوماسية والأمن والدفاع، فكان بذلك صاحب الرؤية البراغماتية الغربية داخل الجيش الجزائري.

ولا يستبعد متابعون للشأن الجزائري أن يكون الجنرال قايدي هو الممهد للتقارب الأمني والعسكري بين بلاده وفرنسا خلال السنوات الأخيرة، تحسبا للتحول الذي كان يتم التخطيط له والمتمثل في خلافة الجيش الجزائري للقوات الفرنسية في مالي.

ويشير هؤلاء إلى أن الجنرال قايدي -وهو أحد الضباط السامين المحسوبين على مرحلة قائد الجيش الراحل أحمد قايد صالح، وهو الجناح الذي يتعرض في السنتين الأخيرتين إلى عملية اجتثاث- قد تكون عصفت به رؤيته وانتماؤه إلى المدرسة العسكرية الغربية، في ظل اشتداد قبضة الجناح التقليدي الموالي للروس، كمدرسة سلاح ولوجستيك وعقيدة موروثة عن عقود الشراكة الأيديولوجية داخل المعسكر الاشتراكي.

وانتقل محمد قايدي إلى واجهة الأضواء الإعلامية والسياسية خلال حقبة الحراك الشعبي، حيث قدم من طرف الدعاية العسكرية على أنه الذراع اليمنى لقايد صالح، وأنه مستقبل الجيش الجزائري، وكان يردد وقتها -وهو بالزي المدني رفقة بعض العناصر- شعار “جيش، شعب، خاوة خاوة (إخوة)”، ما جعله محبوبا عند الشارع الجزائري ومقربا منه.

ورغم التحولات المتسارعة داخل المؤسسة العسكرية خلال العامين الأخيرين ظل الرجل ثابتا في منصبه، وتم تعيينه عام 2020 على رأس دائرة الاستعمال والتحضير التي تمثل العمود الفقري للمؤسسة العسكرية والنواة الصلبة داخل الجيش، قبل أن يفاجأ الرأي العام والمتابعون بقرار تنحيته.

1