بعد "حرير" باريكو تأتي المرأة الشابة

مثل أمبرتو إيكو صاحب رائعة “اسم الوردة”، لم يكن أليساندرو باريكو المولود في مدينة تورينو عام 1958، يفكّر في أن يكتب الرواية. وعند تخرجه من الجامعة، قسم الفلسفة، كتب العديد من المقالات والدراسات في مجال اختصاصه. كما أنه انشغل بالموسيقى الكلاسيكية، وعنها كتب مقالات نقدية في الصحف والمجلات الكبيرة.
فقد بيع منها ما يزيد على 300 ألف نسخة في بضعة أشهر. ونوّه بها كبار النقاد في الصحف وفي مختلف وسائل الإعلام ليصبح أليساندرو باريكو واحدا من أشهر الكتاب في بلاد دانتي. بعدها انكب على كتابة روايته الثانية “حرير”.
لم تمنع النشاطات الإعلاميّة أليساندرو باريكو من مواصلة الكتابة في مجالات مختلفة. فقد أعدّ دراسة بديعة عن الموسيقيّ الكبير روسيني
ولم تمنع النشاطات الإعلاميّة أليساندرو باريكو من مواصلة الكتابة في مجالات مختلفة. فقد أعدّ دراسة بديعة عن الموسيقيّ الكبير روسيني. وفي مقال له حمل عنوانا مثيرا “روح هيغل وبقرات فيسكونسين” (مدينة أميركية مشهورة بتربية البقر)، انتقد الموسيقى الجديدة. كما أنه أسس مدرسة تحمل اسم هولدن، بطل رواية “حقل الشوفان” الذي يفر من المدرسة ليعيش المغامرات المثيرة التي تحرره من قيود التقاليد المجحفة. وفي هذه المدرسة يتعلم الشبان والفتيان فنّ الحكايات المشوّقة الشبيهة بالحكايات الشرقية القديمة، أو بحكايات العصور الوسطى في أوروبا.
وفي روايته الجديدة “الزوجة الشابة” سعى باريكو لأن يقطع مع كل الأساليب الفنيّة واللغوية التي استخدمها في رواياته السابقة. فالكاتب الحقيقي بالنسبة إليه لا يمكن أن يكرر نفسه، إذ يقول “كل رواية لها قصّتها. ثمّة كتّاب يفعلون الشيء ذاته في كل كتاب من كتبهم الجديدة. أما أنا فسوف أنزعج كثيرا من نفسي إذا ما أنا استخدمت في كلّ مرة نفس الأسلوب”، وفي رواية “الزوجة الشابة” اختار باريكو الواقعية السحرية التي تميّز بها كبار كتاب أميركا اللاتينية من أمثال أليخو كاربانتيي، وغابريال غارسيا مراكيز، وخوان رولفو، وغيرهم.
|
وفي هذه الرواية يموت كلّ أفراد العائلة التي تروي الرواية قصتها، في الليل. لذلك هم يخشون الظلام، وفي كل صباح يقيمون احتفالا احتفاء بقدوم النهار. ويشير باريكو إلى أنه عاش في طفولته حياة مشابهة. فقد كان له عمّ سقط ميتا وهو يحلق ذقنه بعد قهوة الصباح. ومنذئذ انقطع كل أفراد عائلته عن حلق ذقونهم بعد قهوة الصباح!
وفي “الزوجة الشابة” يروي باريكو قصة فتاة في الثامنة عشرة من عمرها تأتي من الأرجنتين لتتزوج من شاب من جزيرة لومبيدوزا. وعند وصولها تكتشف أن خطيبها سافر في رحلة عمل إلى لندن ولا أحد من عائلته يعلم بتاريخ عودته.
وفي حوار أجري معه، أشار باريكو إلى أنه كان يطمح في البداية إلى كتابة روايات تكثر فيها المغامرات المثيرة على منوال “الفرسان الملكيّون الثلاثة” لأكسندر دوما. أما الآن فهو يرغب في كتابة رواية على غرار “فطور الصباح عند تيفاني”، أو “بدم بارد” لترومان كابوتي.
كاتب من تونس