بعد أسبوع على اختطافه: مصير الدرسي يخيم على الوضع السياسي والاجتماعي في شرق ليبيا

حفتر يطالب الجهات الأمنية في نغازي بضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى المتورطين في خطف الدرسي والتأكد من سلامته وإرجاعه إلى أهله.
الجمعة 2024/05/24
مطالب للجيش الليبي بالتدخل للوصول إلى الجناة

بمرور أسبوع على اختفائه القسري عاد مصير عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي ليتصدر اهتمامات الشارع الليبي وخاصة في المنطقة الشرقية، وليتحول إلى مصدر حرج لسلطات بنغازي وخاصة القيادة العامة للجيش الوطني والحكومة المنبثقة عن البرلمان.

وطالب القائد العام للجيش، الجنرال خليفة حفتر الجهات الأمنية في مدينة بنغازي بضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى المتورطين في خطف الدرسي والتأكد من سلامته وإرجاعه إلى أهله.

وكان مكتب إعلام القيادة العامة قال الاثنين الماضي إن حفتر استدعى وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب فرج قعيم ورئيس جهاز الأمن الداخلي الفريق أسامة الدرسي ومدير أمن بنغازي اللواء أحمد الشامخ إلى مقر القيادة العامة بمنطقة الرجمة، وعقد معهم اجتماعا خصص “للوقوف على ملابسات حادثة خطف إبراهيم الدرسي والاطلاع على تفاصيل التحقيقات وعمليات البحث والتحري المُستمرة”.

ورغم أن حفتر “أكد خلال هذا الاجتماع على ضرورة تكثيف العمل والجهود للوصول إلى الجناة والتأكد من سلامة النائب وإرجاعه إلى أهله سالماً بصورة عاجلة”، إلا أن مصير النائب المختطف لا يزال غامضا فيما تخشى مصادر مطلعة أن يكون مصيره شبيها بمصير زميلته سهام سرقيوة التى تم تغييبها منذ يوليو 2019 عن طريق مسلحين محسوبين على القوى المسيطرة على مقاليد الحكم في شرق البلاد.

وطالبت قبيلة الدرسة التي ينتمي إليها النائب المختطف، الجنرال حفتر، بـ”التدخل بشكل شخصي، للإشراف على مجريات التحقيق، وإرجاع الدرسي إلى أهله”، وقالت في بيان لها إنها “تفاجأت في غمرة الاحتفال بالذكرى العاشرة لثورة الكرامة باختطاف النائب إبراهيم الدرسي، بعد الاعتداء على منزله، وعدم تحديد مصيره حتى الآن”.

ويرى مراقبون أن الاختفاء القسري للدرسي تحول إلى قضية رأي عام من الدرجة الأولى في شرق ليبيا، وبات يثير حالة من الاحتقان الاجتماعي وخاصة في الأوساط القبلية التي تعرضت خلال الفترة الماضية إلى تصفية عدد من أبنائها، كما كشفت عن وجود تضييق غير مسبوق على الحريات العامة والخاصة في مناطق سيطرة قوات الجنرال حفتر، واستعمال الاختطاف والإخفاء القسري كوسيلة لتكريس الحكم الواحد بما يخدم مصلحة الدكتاتورية الناشئة.

وكانت وزارة الداخلية بالحكومة الليبية المنبثقة عن مجلس النواب، قد أعلنت الجمعة الماضي، اختفاء  الدرسي، وقالت إنها فتحت تحقيقا شاملا في الحادثة، موضحة أن مديرية أمن بنغازي تلقت بلاغا بشأن اختفاء الدرسي “إثر الدخول إلى منزله وسرقته في ساعات متأخرة من ليل الخميس”.

الاختفاء القسري لإبراهيم الدرسي بات يثير حالة من الاحتقان في الأوساط القبلية التي تعرضت إلى تصفية عدد من أبنائها

وأكدت الوزارة تكليف مدير أمن بنغازي وجهاز الأمن الداخلي وجهاز البحث الجنائي بفتح تحقيق شامل وعاجل للوقوف على ملابسات اختفاء الدرسي، نافية الأخبار المتداولة  على أكثر من صعيد حول مقتله.

وفي ذات السياق، أعلن النائب عبدالمنعم العرفي عن تشكيل مجلس النواب غرفة لمتابعة آخر مستجدات حادثة اختفاء النائب إبراهيم الدرسي منذ 16 مايو الماضي، وقال إنهم يتابعون عن كثب أيّ معلومات تبين مصير الدرسي، مرجحا خطفه قرب موقع سكنه في منطقة القوارشة، وترك سيارته بمفترق سيدي فرج شرق مدينة بنغازي، حيث لا توجد أيّ كاميرات مراقبة.

وأضاف “لا نعلم حتى الآن إذا ما كانت عملية ابتزاز أو سطو مسلح أم أن هناك أبعادا أخرى. لكن الأجهزة الأمنية كافة باشرت أعمالها للبحث عنه، وجرى تكليف مدير الأمن ورئيس جهاز الأمن الداخلي بمتابعة الواقعة”.

وبحسب مصادر برلمانية فإنه تم فقدان الاتصال بإبراهيم الدرسي منذ مساء 16 مايو، وتم العثور على سيارته في منطقة سيدي فرج، ولم يعلن بعد ذلك عن مصيره أو عن الجهة التي كانت وراء اختطافه، وهو ما يعني أن الأمر خرج من يد السلطات الحاكمة في المنطقة الشرقية.

واجتمع وزير الداخلية بالحكومة الليبية عصام أبوزريبة، الأربعاء، رفقة رئيس جهاز الأمن الداخلي أسامة الدرسي، ومدير أمن بنغازي، أحمد الشامخ، مع نائب رئيس لجنة الداخلية بمجلس النواب عزالدين قويرب، وعضو اللجنة مصطفى بقوشه، بالإضافة إلى عدد من أعضاء المجلس النواب.

مصادر مطلعة تخشى أن يكون مصير النائب المختطف شبيها بمصير زميلته سهام سرقيوة التى تم تغييبها منذ يوليو 2019

واستعرض اللقاء الذي عُقدَ في مقرّ ديوان المجلس، آخر مستجدات لجنة التحقيق بشأن قضية اختطاف عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي، بالإضافة إلى مناقشة مستجدات الأوضاع الأمنية في مختلف مناطق البلاد.

وقبل ذلك، دعا مجلس النواب، الأجهزة الأمنية إلى الكشف عن مصير الدرسي، داعيا مكتب النائب العام إلى ضرورة التحقيق في الحادثة وتقديم المدانين إلى العدالة.

كما طالب في بيان بخصوص حادثة اختطاف الدرسي، الأجهزة الأمنية بضمان عودة الدرسي سالما، وقال في بيان إنه يدين حالات الاختطاف والتغييب والاعتداء كافة، مهما اختلفت مصادرها وضحيتها.

وفي الأثناء، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا السلطات المختصة إلى تحديد مكان النائب عن مدينة بنغازي إبراهيم الدرسي وتأمين إطلاق سراحه الفوري، وحثت السلطات على إجراء تحقيق شامل في ملابسات اختفاء الدرسي ومحاسبة المسؤولين بموجب القانون.

وأعربت البعثة الأممية عن قلقها العميق إزاء اختطاف النائب الدرسي، وأدانت البعثة كافة أشكال الاحتجاز التعسفي في جميع أنحاء ليبيا، وأشارت إلى أن مثل هذه الأعمال تقوض سيادة القانون وتخلق مناخا من الخوف، مذكرة السلطات بالتزامها باحترام الحريات الأساسية ودعم حقوق الإنسان وسيادة القانون.

وحثت بعثة الاتحاد الأوروبي وبعثات دوله لدى ليبيا في بيان مشترك، السلطات المختصة على سرعة التحقيق في ملابسات هذا الاختفاء وضمان الإفراج الفوري عن الدرسي، وأدانت جميع أشكال الاحتجاز التعسفي في جميع أنحاء ليبيا، بما في ذلك تلك التي ترتكب لدوافع سياسية، وأكدت أن إجراء تحقيق شامل وشفاف في جميع حالات الاختفاء السابقة والحالية أمر ضروري وعاجل، مشددة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن ذلك وفق القانون، معلنة عن ضم أصواتها إلى صوت البعثة الأممية في تذكير السلطات بالتزامها باحترام الحريات الأساسية ودعم حقوق الإنسان وسيادة القانون.

4