بسام مخلوف ينتقل من كتابة الشعر المحكي إلى الدراما

دمشق – جاء الشاعر والكاتب السوري بسام مخلوف من عباءة الشعر المحكي ببساطته والتصاقه بالأرض، ليكون المسلسل الدرامي الاجتماعي “دفا” الذي انطلقت مؤخرا عمليات تصويره، باكورة أعماله الدرامية ونقلة من كتابة القصيدة العامية باللهجة السورية إلى تأليف السيناريو.
المسلسل الذي يخرجه سامي الجنادي وتنتجه المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني يقول عنه مخلوف في حديث معه “دفا ليس عملي الدرامي الأول الذي أكتبه، بل سبقته أعمال أخرى ولكنه الأول الذي يرى النور، وسعيت من خلاله إلى أن أسلط الضوء على قضية أجدها مهمة جدا وتتصل بالصراع الذي يعيشه شبابنا بين البقاء في الوطن أو السفر”.
ويضيف مخلوف “كتبت العمل عام 2017 بهدف تشجيع الشباب على التمسك بوطنهم والعمل والإصرار على النجاح من أجل النهوض بسوريا من جديد، حيث يعاني أبطال المسلسل وهم خريجون جامعيون من البطالة ولكنهم يقررون تحدي الظروف الصعبة وينشئون مطعما يديرونه بأنفسهم ويصبحون محط أنظار الناس وزوار البلاد”.
وأعرب مخلوف عن أمله في أن يلقى العمل إعجاب الجمهور لدى عرضه في الموسم الرمضاني القادم.
مخلوف الذي عشق القصيدة المحكية وكتبها بطريقته الخاصة ينحت حروفها لتكون لوحة فنية تحاكي خيال العشاق، وله بصمة مع عدد من الشعراء في تأسيس مهرجان سنوي للزجل والشعر المحكي في سوريا كما كانت له عدة مشاركات في مهرجانات ومنتديات وأمسيات شعرية ومقابلات تلفزيونية.
وكان الوطن وقضاياه من الأعمدة صلبة في قصائده، فكتب عن سوريا وتاريخها والمقاومة والحب والغزل والأم والفراق والوفاء والحزن معاتبا الحياة وقسوتها.
والشعر المحكي الشعبي، هو المنظوم باللهجة العامية أو الدارجة، وهو الشعر الذي لا يتقيَّد بقواعد إعراب اللغة وصرفها، ولا ببحور الشعر التي نجدها في الشعر الشعبي التقليدي أو بالفصحى.
ويلتحم هذا النمط من الشعر مع القضايا الاجتماعية والوطنية والأحداث، حيث صوَّر من خلاله الشعراء الشعبيون في دمشق (الشام)، جميع ما جرى من أفعال وردود أفعال، سياسية واجتماعية واقتصادية، خاصة في زمن الاحتلال الفرنسي لسوريا، معبرين عن وجدان الطبقات المسحوقة، وتواصلت هذه السمات مع الشعراء الذين يكتبون المحكي.
الشاعر السوري يعتبر أن الجمال لا يقتصر على المرأة وأنوثتها بل هو موجود أيضا في الطبيعة وخضرتها وعند من يذود عن وطنه وأهله وفي الحياة بحلوها ومرها وكل ما يثير مكامن الإحساس بالجمال في نفسه
من هنا نفهم التصاق قصائد مخلوف بواقعه وتصديه للكثير من القضايا الطارئة التي تخص الوطن والناس.
ويصف مخلوف الشعر المحكي بأنه “السهل الممتنع وهو الأقرب إلى وجدان وضمائر الناس”، مبينا أنه استلهم أبياته الشعرية الأولى من الجمال الذي يراه مصدر الإلهام وكل إنسان يكتب الشعر ولا يعشق الجمال ليس بشاعر.
ويعتبر الشاعر السوري أن الجمال لا يقتصر على المرأة وأنوثتها بل هو موجود أيضا في الطبيعة وخضرتها وعند من يذود عن وطنه وأهله وفي الحياة بحلوها ومرها وكل ما يثير مكامن الإحساس بالجمال في نفسه.
ويلفت مخلوف إلى أنه تأثر بالشعراء العرب الكبار أمثال المتنبي وقيس بن الملوح ومحمد مهدي الجواهري وغيرهم، أما شعراء المحكي فيؤكد أنه لم يترك واحدا منهم سمع به إلا قرأ له، مثل طلال حيدر وعمر الفرا وعبدالرحمن الأبنودي وميشيل طراد وكريم العراقي وعصام العبدالله.
وحول ارتباط القصيدة المحكية بالغناء يوضح مخلوف أن المطرب عندما يسعى إلى أغنية يغنيها يذهب إلى قصيدة تكون من عيون الشعر المحكي ويبحث عن عمق الإحساس والمشاعر الصادقة التي تحتل مساحة واسعة في قلبه وعقله.
كما يحتفي مخلوف بالقافية في قصائده ويزخرفها ويزينها ضمن القصيدة الواحدة وعن ذلك يبين أنه يكتب مثل الملحن الذي يضع علاماته الموسيقية فتارة يعلو بالكلمات وتارة يذهب باتجاه الهدوء وهنا تكمن جمالية القصيدة برأيه في تحريك مشاعر المستمع.
والشعر المحكي يتميز بمرونته وقدرته الفائقة على تناول حالات اجتماعية وذاتية، لكن بعض النقاد يرون أن هذا النمط من القصائد لا يرقى إلى مستوى الشعر واللغة والفن، فهو يعبر عن قضايا تعتبر ردة فعل عن القهر والخنوع والألم والحب والمشاعر وبالتالي يسمونه على أنه تعبير عاطفي وكأنه لسان حال مرحلة ما لا أكثر ولا أقل.
لكن مخلوف لا يرى ذلك في ما يكتبه أو في ما يراه من أهمية للشعر المحكي، إذ يؤكد أن الشعر المحكي هو الأقرب إلى وجدان وضمائر الناس وبذلك تذهب القصيدة المحكية إلى أبعد مدى في التعبير عن مشاعر وأحاسيس وهموم ومشاكل الناس.
ويعرب مخلوف عن أسفه لأن الشعر المحكي لا يحظى اليوم بالكثير من الاهتمام من المؤسسات الثقافية حيث يرفضه البعض لأنهم وفقا لرأيه لا يجيدون التعبير من خلاله.
ويشير إلى أن القصيدة المحكية موغلة في القدم وكان لها وجود في قصائد القبائل العربية القديمة والتي كانت لها عدة لهجات وهي ابنة القصيدة الفصيحة وتستمد جذورها من لغة الضاد.