بريطانيات يبحثن عن مفاتيح أبواب نوادي لندن العريقة

نوادي لندن العريقة لا تزال غالبيتها حكرا على الرجال، فيما تحاول العديد من البريطانيات تأسيس نواد "أفضل حالا" بدلا من التصدّي لظاهرة النوادي الرجالية.
الأحد 2020/11/08
بانتظار لحظة القطع مع الاحتكار الذكوري

تدافع سيدات بريطانيات عن حقهن في الدخول إلى النوادي الرجالية المنتشرة في لندن، لاسيما وأن بعضها يوصد أبوابه في وجه النساء منذ نحو مئتي سنة حتى الآن.

لندن – في الوقت الذي يزداد فيه المجتمع وعيا بضرورة الحدّ من أشكال التمييز ضد المرأة ومع ظهور حركة “مي_تو” (أنا أيضا) والدعوات إلى المساواة بين الجنسين، يتنامى الغضب على النوادي اللندنية النخبوية جدّا حيث يلتقي وزراء ونوّاب ورجال أعمال، والتي لا تزال غالبيتها حكرا على الرجال.

ويتمتّع نادي “غاريك” الذي أُسس سنة 1831 بسحر إنجليزي الطابع، بفضل واجهته الكبيرة الرمادية ومكتبته الضخمة المصنوعة من الخشب الصلب وأرائكه الجلدية في الردهة، مرورا بطاولات قاعة الاستقبال حيث يتجاذب الحاضرون أطراف الحديث وسط مجموعة رائعة من اللوحات الفنية في قلب حي كوفنت غاردن.

وهذا تحديدا ما كانت تبحث عنه إيميلي بندل، سيّدة الأعمال التي تدير ماركة “بلوبيلا” للملابس الداخلية، حتى توسّع من خلاله شبكة معارفها. لكن تبيّن لها في نهاية المطاف أن “غاريك” لا يزال كغيره من عشرات النوادي اللندنية الراقية حكرا على الرجال، رغم الصورة “البوهيمية” التي يوحي بها باعتباره ملتقى الممثلين.

وقالت بندل “لم يكن الأمر ليثير مشكلة لو اقتصر ذلك على ناد صغير، لكنّ المعنيّ هنا هو مؤسسة في قلب لندن تجمع رجال السياسة والقضاء وكبار القياديين الإداريين”.

ولا شكّ، حسب رأيها، في أن “تقدّم النساء مهنيا اصطدم بهذا النوع من النوادي الرجالية قديمة الطراز”، لذا قرّرت سيّدة الأعمال أن تقاضي “غاريك” أمام المحاكم.

ويجوز في بريطانيا أن تكون جمعيات بذاتها مخصّصة لأحد الجنسين، لكن هذه المعادلة لا تسري على المواقع التي تقدّم فيها خدمات. ويستند محامي بندل تحديدا إلى هذه النقطة في ملفّه، فالنوادي النخبوية تتمتّع عادة بخدمات فنادق ومطاعم يمكن للنساء الاستفادة منها في حال دعين إليها.

وأشارت المؤرّخة إيمي ميلن – سميث، من جامعة ويلفريد لورييه (واترلو)، إلى أن هذه المؤسسات التي لم تعد لائقة في عصرنا هذا -الذي أصبحت فيه المساواة بين الجنسين ذات أهمية بالغة- نشأت في الأصل استجابة “لحاجة خاصة جدّا في القرن التاسع عشر”، وهو العصر الذهبي لـ”نوادي السادة”.

 الغضب يتنامى على النوادي اللندنية النخبوية جدّا
 الغضب يتنامى على النوادي اللندنية النخبوية جدّا 

وتابعت “في تلك الفترة، كانت الأنشطة الاجتماعية مقسّمة بدرجة كبيرة بين الرجال والنساء وأنشئت هذه النوادي تحديدا ردّا على فعاليات اجتماعية متجذّرة، مع جلسات لارتشاف الشاي وحفلات راقصة تقام في المنازل بانتظام”.

ولم يكن “من المفترض التحدّث عن الأعمال” وكان يحظر التطرّق إلى هذا الموضوع بموجب النظام الداخلي في مرّات كثيرة، وفق ما تفيد الباحثة التي قالت “لكن ما هو المقصود تحديدا بمفهوم الأعمال؟ من الصعب الفصل بين المصاحبة والسلطة في مجتمع ذكوري”.

وأضافت أن “الأعمال لا تقتصر على إبرام العقود. قد لا تتناولون هذه المسألة في النادي لكنكم تنسجون علاقات تنمّي لاحقا أعمالكم”.

ولفتت بندل إلى أن “من الساذج الاعتقاد أن الأعضاء يتركون حياتهم المهنية جانبا”.

وهذه النوادي قائمة بنسخة نسائية لكنها ليست واسعة الانتشار إلى هذه الدرجة. ففي العام 1886، “قرّرت مجموعة من النساء تأسيس ناديها الخاص”، بحسب ما يفيد أليكس مايتلاند مدير نادي “يونيفرستي ويمنز كلاب”، إحدى أقدم المؤسسات من هذا القبيل.

وقال مايتلاند من قلب النادي الواقع في حيّ مايفار الراقي إن “النساء قرّرن تأسيس نواد ‘أفضل حالا’ بدلا من التصدّي لظاهرة النوادي الرجالية”.

وأكدت بندل أنه “لا شكّ في أن هذه الشبكات النسائية مهمّة جدّا لمواجهة الإقصاء لكنّها ليست حلّا حيويا على المدى الطويل”.

وقرّرت بعض النوادي السماح بدخول النساء مثل “سيتي أوف لندن كلاب” سنة 2011. ونظّم”غاريك كلاب” تصويتا حول هذه المسألة سنة 2015 بدفع من أعضاء بارزين فيه غير أن نتيجته لم تكن كافية لاعتماد هذا التغيير.

وتلاحظ ميلن – سميث أنه “من الصعب على البعض إدراك ماهية المسألة. ولا شكّ في أن إدماج النساء سيغيّر الوضع غير أن مجتمعنا هو في طور التبدّل ولا بدّ من إعادة هيكلة مؤسساتنا”.

مواجهة الإقصاء
مواجهة الإقصاء

 

24