بريتش بتروليوم تضع عُمان على خارطة صناعة الغاز العالمية

تعززت طموحات سلطنة عُمان في مجال صناعة الغاز الطبيعي المسال بعد الإعلان عن استكمال المرحلة التالية من أحد أكبر الحقول بالبلاد تمهيدا لزيادة الإنتاج. ويقول محللون إن الخطوة ستدعم استراتيجية البلد الخليجي في هذا المضمار ليكون في غضون سنوات من بين أهم اللاعبين في السوق.
مسقط - أعطت شركة بريتش بتروليوم (بي.بي) جرعة تفاؤل لسلطنة عمان بعد أن وسعت رهاناتها على آفاق إنتاج الغاز في البلد الخليجي من حقل خزان.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى رئيس وحدة بي.بي في عُمان، يوسف بن محمد العجيلي قوله إن “إنتاج الغاز في حقل خزان، المعروف باسم غزير، سيضيف 500 مليون قدم مكعبة بنهاية العام الجاري”.
وأوضح العجيلي أن إنتاج الغاز من مشروع خزان للغاز يصل حاليا إلى مليار قدم مكعبة وسيرتفع إلى 1.5 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا.
وأشار إلى أن شركة النفط البريطانية العملاقة تقوم حاليا بإنتاج حوالي 35 ألف برميل من المكثفات يوميا، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا المعدل عند بدء الإنتاج بشكل كلي من مشروع غزير.
ويأتي هذا الإعلان في الوقت الذي يعاني فيه البلد الخليجي، وهو مصدر صغير للنفط، وغير عضو بمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) من أزمة مالية ويواجه عدة تحديات دفعت السلطان هيثم بن طارق إلى تبني استراتيجية لإنعاش الاقتصاد.
ويقول محللون إن المشروع الضخم سيعمل على تغيير مسار الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، التي تمتلك الحكومة نحو 51 في المئة من أصولها.
12 تريليون قدم مكعبة من احتياطات الغاز المؤكدة القابلة للاستخراج في المنبع
وتقوم العمانية للغاز بتشغيل ثلاث وحدات لتسييل الغاز في محطة قلهات على ساحل المحيط الهندي بقدرة إنتاج يومية تبلغ 10.4 مليون طن.
واستأنفت بي.بي إنتاج الغاز في حقل خزان مطلع أبريل الماضي، في أعقاب إغلاق مخطط له استمر ثلاثة أسابيع بسبب ظروف أزمة وباء كورونا.
وكانت الشركة البريطانية قد أعلنت في سبتمبر 2017 عن بدء الإنتاج من حقل خزان، وهو السادس والأكبر بين سبعة مشاريع في قطاع المنبع لبي.بي في سلطنة عمان.
وأبرمت بي.بي اتفاقا مع الحكومة العمانية يمتد حتى 2025 لشراء الغاز المنتج من حقل خزان، الذي تشير التقديرات إلى أنه يضم احتياطات كبيرة تضع مسقط بقوة على خارطة صناعة الغاز العالمية.
ويرجح أن يتم حفر حوالي 300 بئر على مدى عمر حقل خزان، وأن تتمكن مسقط من استخراج ما يصل إلى 12 تريليون قدم مكعبة من احتياطات الغاز المؤكدة القابلة للاستخراج.
وقال العجيلي إن “تشييد المنشآت في موقع المشروع يسير بوتيرة سريعة، حيث تم حتى الآن حفر 126 بئرا من أصل 300 بئر مزمع حفرها”.
وبلغت الاستثمارات في المشروع حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري نحو 9.3 مليار دولار من أصل تقديرات إجمالية للاستثمارات في منطقة المشروع تبلغ 16 مليار دولار.
وتعد الشركة البريطانية، التي تعمل في قطاع المنبع في عمان منذ 2007، شريكا رئيسيا في المشروع بحصة تبلغ 60 في المئة، بينما تملك شركة النفط العمانية للاستكشاف والإنتاج الحصة المتبقية.
واتفق الطرفان قبل عامين على تمديد اتفاقات الترخيص لتمهيد الطريق نحو تطوير المرحلة الثانية من حقل خزان للغاز وزيادة الإنتاج بنحو 50 في المئة.
ووفق البيانات الرسمية، فإن السلطنة تنتج حاليا نحو أربعة مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا من جميع الحقول التي تديرها الشركة العمانية للغاز. ومن المتوقع أن تزيد إنتاج العاز تدريجيا خلال السنوات القليلة المقبلة.
وكانت مسقط قد أعلنت قبل ثلاث سنوات عن اكتشاف مخزون كبير من الغاز شمال البلاد باحتياطات تقدر بنحو أربعة تريليونات قدم مكعبة، إضافة إلى نحو 112 مليون برميل من المكثفات.
ورغم أن صناعة الغاز لم تسلم من تأثيرات كورونا إثر انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى معدلات غير مسبوقة، لكن الأوضاع قد تتغير مع مرور الوقت وقد تستفيد مسقط من مشاريعها في هذا المضمار على المدى الطويل.
وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضي إنه “من المتوقع تعافي الطلب العالمي على الغاز بشكل تدريجي في العامين المقبلين، لكن هذا لا يعني أنه سيعود سريعا إلى الوضع المعتاد”.
وأضاف “سيكون لأزمة كورونا أثر دائم على تطورات السوق مستقبلا حيث تثبط معدلات النمو وتعزز الضبابية، وستكون غالبية الزيادة في الطلب بعد 2021 في آسيا وفي مقدمتها الصين والهند حيث تطبق سياسة دعم قوية”.
ولدى الحكومة العمانية خطة كانت قد اعتمدتها قبل سنوات قليلة تضمنت عدة شراكات يقول محللون إنها ستمهد لفتح الباب أمام تسويق الغاز إلى عدة أسواق، وهو ما سيجعلها تحقق عوائد ترفد بها خزينة الدولة بشكل مستدام.
وأبرمت الشركة العمانية العالمية للمتاجرة في مايو 2018 اتفاقية بيع الغاز لمدة عشر سنوات مع شركة بيتروبانغلا النفطية المملوكة لحكومة بنغلاديش.
وتزامن ذلك مع توقيع وزارة النفط والغاز العُمانية على ثلاث مذكرات تفاهم مع شركات نفطية عالمية، هي شل البريطانية الهولندية وتوتال الفرنسية وأوكسيدنتال الأميركية لتطوير مشروعات الطاقة والنفط في السلطنة.
وتتولى شل استكشاف الغاز وتحويله إلى غاز طبيعي مسال بالشراكة مع صندوق الاحتياطي العام العماني وشركة إينرتك القابضة الكويتية.
كما تطور توتال بالشراكة مع شل بصفتهما مشغلين اكتشافات غاز طبيعي بمنطقة بريك الكبرى في الرقعة 6 البرية الواقعة شمال البلاد من خلال حصتين تبلغان 25 و75 في المئة على التوالي.
ويتوقع أن يكون الإنتاج المبدئي نحو نصف مليار قدم مكعبة يوميا وقد يرتفع إلى مليار قدم مكعبة يوميا. وستستغل توتال حصتها من الغاز كلقيم لإقامة مركز إقليمي في عمان لتموين السفن بالغاز.