برلمان ليبيا يتجه لإلغاء الضريبة على النقد الأجنبي في انتظار حضور محافظ المصرف المركزي للمساءلة

يتجه مجلس النواب الليبي بقيادة عقيلة صالح نحو إلغاء الضريبة على النقد الأجنبي، في انتظار مساءلة ناجي عيسى محافظ مصرف ليبيا المركزي الذي أقرّ خفض قيمة الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية.
لن يكون بإمكان أعضاء مجلس النواب الليبي مساءلة محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى الذي اعتذر عن حضور جلسة اليوم الثلاثاء، والتي تقرر عقدها على خلفية قراره الأخير بخفض قيمة الدينار الليبي بنسبة 13.3 في المئة مقابل العملات الأجنبية، فيما قالت مصادر مطلعة إن هناك نية من داخل المجلس لإلغاء الضريبة على النقد الأجنبي.
ووجه ناجي عيسى رسالة إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قبل أيام، أبلغه فيها بأنه لن يتمكن من حضور الجلسة الطارئة المقررة يوم الثلاثاء في مدينة بنغازي، وذلك لانشغاله بمهمة عمل مسبقة الترتيب تتعلق باجتماع موسّع يُعقد بحضور نائبه ومدراء المصرف المركزي في طرابلس وبنغازي، إضافة إلى ممثلين عن الوزارات والهيئات والمؤسسات الليبية، إلى جانب بعثة خبراء صندوق النقد الدولي.
وترأس عيسى، ونائبه مرعي البرعصي، الاثنين، جلسة مشاورات المادة الرابعة بين مصرف ليبيا المركزي وصندوق النقد الدولي، بحضور فرق فنية متخصصة تمثل عددا من الجهات السيادية في ليبيا، وبمشاركة ممثلين عن وزارات المالية، والاقتصاد والتجارة، والتخطيط، والعمل والتأهيل، والعدل، والتعليم، والصحة، بالإضافة إلى ديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط، وهيئة الرقابة الإدارية، ومصلحة الإحصاء والتعداد.
مراقبون يرون أن غياب التنسيق بين المؤسسات السيادية في ليبيا هو الذي كثيرا ما يضعها في مواقف محرجة
وتأتي هذه المشاورات في إطار تقييم الأوضاع الاقتصادية والمالية في ليبيا، بهدف دعم جهود الإصلاح الاقتصادي، الذي يسعى إلى تعزيز الاستقرار المالي والنمو المستدام، حيث تم استعراض أداء الاقتصاد الوطني والسياسات المالية والنقدية والتجارية المتبعة خلال عام 2024، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي خلال الربع الأول من عام 2025.
وأعلن عيسى أنه سيحيل إلى مجلس النواب حزمة من الإصلاحات الاقتصادية السريعة موجهة إلى الحكومتين في الشرق والغرب، مؤكدا أنها كفيلة بإنهاء الأزمة الاقتصادية بشكل كلي، شريطة تجاوب كافة الأطراف المعنية مع هذه الخطوات الإصلاحية.
وكان رئيس مجلس النواب دعا محافظ المصرف المركزي إلى حضور جلسة طارئة يعقدها اليوم الثلاثاء، مخصصة لاستجوابه من قبل أعضاء المجلس وذلك على خلفية قراره الأخير بخفض قيمة الدينار الليبي بنسبة 13.3 في المئة مقابل العملات الأجنبية.
وأوضح المحافظ في رسالته إلى رئيس مجلس النواب أن قرار تخفيض قيمة الدينار جاء كردّ على التضخم الكبير في الإنفاق الحكومي، والذي بلغ 224 مليار دينار ليبي (40.31 مليار دولار) خلال عام 2024، مما تسبب في عجز مالي يُقدّر بـ136 مليار دينار (24.47 مليار دولار)، وهو ما اعتبره خطرا يهدد استقرار الاقتصاد الوطني ويتطلب تدخلا فوريا عبر إجراءات إصلاحية عاجلة.
وقال عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي إنه “حال الإبلاغ رسميا بعدم حضور ناجي عيسى للجلسة المقبلة فسنضطر إلى تأجيلها حتى يوم الاثنين أو الثلاثاء من الأسبوع المقبل”، محذرا من أن المضاربين سيستغلون الموقف ويرفعون سعر الدولار في السوق السوداء.
ويرى مراقبون أن غياب التنسيق بين المؤسسات السيادية في ليبيا هو الذي كثيرا ما يضعها في مواقف محرجة، معتبرين أن مجرد اتصال هاتفي مع عيسى قبل الإعلان عن موعد الجلسة العامة كان يمكن أن يضع النقاط على الحروف ويوفر فرصة تحديد موعد للجلسة مع ضمان حضور المحافظ.
وفي السادس من أبريل الجاري، أعلن مصرف ليبيا المركزي عن خفض قيمة الدينار الليبي بنسبة 13.3 في المئة أمام العملات الأجنبية، وهو ما جعل 69 نائبا يرفعون إلى رئاسة البرلمان لائحة دعوة إلى عقد جلسة طارئة لمساءلة محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى بحضور “الجهات الرقابية وعلى رأسها ديوان المحاسبة والمؤسسة الوطنية للنفط”.
ورجح عضو مجلس النواب رمضان شمبش إلغاء قرار ضريبة النقد الأجنبي بنسبة 15في المئة في الجلسة المقبلة للبرلمان، وقال إنه “حال حضور عيسى فسنقوم بالاستماع لإحاطته بشأن أسباب قرار خفض قيمة الدينار ومن ثم سنطرح جملة من الحلول المالية لمعالجة الأزمة”، و”في حال عدم حضور عيسى للجلسة فسنعمل على مداولة الملف، وتأجيل جلسة الاستماع واتخاذ القرار للأسبوع المقبل، وإلغاء قرار الضريبة المفروضة على النقد الأجنبي بنسبة 15 في المئة هو أحد أبرز الحلول المتوقع اتخاذها في الجلسة المقبلة.”
وفي نوفمبر الماضي، قرر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح تخفيض نسبة الرسم الضريبي على عمليات شراء النقد الأجنبي إلى 15 في المئة، بدلا من 20 في المئة، ونص القرار رقم 86 لسنة 2024 على فرض رسم على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بقيمة 15 في المئة لكل الأغراض على أن يكون سعر الصرف مضافا إليه مع هذه النسبة. كما نص على مراعاة الاستثناءات الممنوحة بموجب قرارات رئيس مجلس النواب وإمكانية تخفيضه حسب ظروف إيرادات الدولة الليبية وبمقترح مقدم من محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه.
واعتبر رئيس لجنة الأمن القومي بمجلس الدولة الاستشاري سعيد ونيس أن أزمة ليبيا تفوق اختصاصات محافظ المركزي، وأن اعتذاره عن الحضور لمجلس النواب تصرف سليم.
وأضاف في تصريحات صحفية أن المال العام يتم نهبه قبل الوصول إلى الخزانة العامة، الأمر الذي يجعل المسؤولية تقع على البرلمان والسلطات التنفيذية معا، لا على المركزي وحده.
وأوضح ونيس أن محافظ المصرف المركزي مسؤول عن السياسة النقدية فقط، والأزمة التي تعاني منها ليبيا تفوق هذه الاختصاصات بكثير، بل إنها تتخلل إلى عمق إدارة الموارد والسياسات العامة، لافتا إلى أن “ليبيا تعاني من غياب حماية مواردها الأساسية، والبرلمان يرى المال العام ينهب أمامه ولا يحرك ساكنا.”
وتوقعت أوساط برلمانية أن يحضر عيسى جلسة مجلس النواب للثلاثاء القادم ليقدم قراءته للأزمة المالية وللتدابير والإجراءات المتخذة مؤخرا، ومنها ما يتعلق بخفض قيمة الدينار وإمكانية التراجع عن بعضها للحد من انعكاسات انهيار العملة المحلية على الحياة اليومية لليبيين والمقيمين الأجانب.