بداية جديدة لعهد تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى السعودية

تحولت العاصمة السعودية إلى ورشة كبيرة في إطار مبادرة مستقبل الاستثمار، التي مثلت بداية جديدة لعهد تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، التي تحث الخطى لمواصلة أكبر برنامج إصلاح في تاريخها، وأصبحت أكبر حدث لرسم مستقبل الأعمال في السعودية.
الرياض - تدفق قادة قطاع الأعمال والاستثمار في العالم بوتيرة غير مسبوقة للمشاركة في منتدى مستقبل الاستثمار الذي انطلق أمس في الرياض لبحث أجندات عالمية تمتد من توزيع الثروات في العالم إلى سياسات البنوك المركزية ومستقبل التكنولوجيا.
وقال ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمار السيادي صندوق الاستثمارات العامة السعودي في افتتاح المنتدى “لدينا اليوم أكثر من ستة آلاف من المسؤولين التنفيذيين والمشاركين حاضرون. هذا أكثر من ضعف مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الأول” في عام 2017.
وقدمت دورة هذا العام بداية جديدة للمنتدى السنوي، الذي تجنب كثير من كبار المسؤولين التنفيذيين الغربيين حضوره في العام الماضي بسبب تداعيات مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
وأعلنت الهيئة العامة للاستثمار السعودية عن توقيع 23 اتفاقية بقيمة إجمالية تبلغ 15 مليار دولار في اليوم الأول للمنتدى، الذي يطلق عليها “دافوس الصحراء” ويختتم أعماله يوم غد الخميس.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الاتفاقيات تضمنت عددا من النشاطات الاستثمارية في مختلف القطاعات الاستراتيجية، أبرزها الطاقة والمياه وصناعة الدواء والخدمات اللوجستية والبتروكيماويات والتكنولوجيا وريادة الأعمال والابتكار.
وقالت الهيئة إن أرامكو وقعت عدة اتفاقات خلال مبادرة مستقبل الاستثمار بينها اتفاق بقيمة مليار دولار مع مجموعة توباسكس للاستثمار في ربط الأنابيب المقاومة للتآكل ومنشآت صناعية في السعودية.
كما توصلت أرامكو لاتفاق بقيمة 230 مليون دولار مع شركة بيكر هيوز الأميركية للتعاون في التطوير والاستثمار في الذكاء الصناعي والتحول الرقمي. ووقعت مذكرة تفاهم لتأسيس مشروع مشترك مع أي.بي.كيو بقيمة 600 مليون دولار.
وقال بيان الهيئة إن أرامكو وقعت أيضا اتفاقا بقيمة 200 مليون دولار مع داسو سيستميز يهدف إلى التعاون في تحليل البيانات وإدارة المشاريع والمدن الذكية. كما وقعت اتفاقا استثماريا بقيمة 120 مليون دولار مع شركة بي.آر.أف البرازيلية للصناعات الغذائية.
ومن المقرر أن توقع مجموعة سامسونغ الكورية الجنوبية مذكرة تفاهم للمشاركة في تطوير مدينة ألعاب وفندق ومركز للتسوق في مدينة “القدية” الترفيهية العملاقة جنوب العاصمة السعودية.
وأعلن محافظ الهيئة إبراهيم العمر، أن عدد التراخيص الصادرة للاستثمار الأجنبي خلال الربع الثالث من العام الحالي بلغ 251 رخصة بزيادة نسبتها 30 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وكثفت السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، جهودها لجذب الاستثمارات الأجنبية لتمويل مشروعات خارج قطاع الطاقة، بعد إجراء إصلاحات اقتصادية وتشريعية هي الأكبر في تاريخ البلاد.
وتسعى الرياض لإعادة هيكلة الاقتصاد على أسس مستدامة من خلال مشروعات محلية ضخمة مثل نيوم وهي مدينة مستقبلية باستثمارات قدرها 500 مليار دولار، أُعلن عنها خلال نسخة المؤتمر الأولى في عام 2017، إضافة إلى مشاريع سياحية عملاقة.
وجاء المؤتمر بعد أيام من حصول السعودية على شهادة كبرى من البنك الدولي حين سجلت أكبر قفزة في تاريخ مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، حين قفزت 30 مركزا لتحتل المرتبة 62 بين 190 دولة.
وقدم ذلك دليلا على جدية الإصلاحات غير المسبوقة التي نفذتها الرياض، والتي انعكست في إدراج بورصة الرياض في عدد من مؤشرات الأسواق الناشئة، إضافة إلى الإصلاحات الاجتماعية وفتح أبواب البلاد أمام السياحة الأجنبية.
ويشارك في المنتدى رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس البرازيل جايير بولسونارو، إضافة إلى وفد أميركي كبير يقوده وزير الخزانة ستيفن منوتشين ويضم جاريد كوشنير، صهر الرئيس الاميركي دونالد ترامب ومستشاره.
وقال مودي إنه يتوقع أن تستثمر الرياض في مشروعات المصب بقطاع النفط والغاز في الهند في إطار شراكة استراتيجية. ومن المتوقع أن يلتقي بالعاهل السعودي الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان اليوم الثلاثاء.
وشارك الرميان في جلسة ناقشت تحديات تواجه الاقتصاد العالمي منها التكنولوجيا المثيرة للاضطرابات والفجوات في الثروات والافتقار إلى أدوات فعالة لدى البنوك المركزية في ظل نمو اقتصادي متباطئ.
وضمت الجلسة الرئيس التنفيذي لمجموعة أتش.أس.بي.سي نويل كوين والرئيس التنفيذي لمجموعة بلاكستون ستيفن شوارتزمان ورئيس العمليات في مجموعة غولدمان ساكس جون والدرون.
وقال الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد ستيفن هيرتوغ إن مبادرة مستقبل الاستثمار أصبحت “أكبر حدث ضمن قائمة الفعاليات السنوية المرتبطة بالأعمال في السعودية”.
وتتجه أنظار المستثمرين العالميين إلى برنامج الخصخصة، الذي أعلنته السعودية في العام الماضي وقالت إنه يتضمن بيع أصول حكومية تصل قيمتها إلى 200 مليار دولار.
وقال متحدث باسم المركز السعودي للتخصيص إن 5 صفقات شراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال البنية التحتية تم إبرامها منذ ديسمبر الماضي باستثمارات جديدة تتجاوز 13 مليار دولار سيتم ضخها في العامين إلى الثلاثة أعوام القادمة.
وقال روبرت موجيلنيكي، الباحث المقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن “مبادرة مستقبل الاستثمار تمثل اختبار ثقة المستثمرين في السعودية لتقييم اتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر والقواعد التجارية وإجراءات الشفافية”.