بايدن والمصالحة الخليجية يحييان طموح قطر إلى استئناف أدوارها الوظيفية

الدوحة - عبّرت قطر عن رغبتها في لعب دور في تقريب هوّة الخلاف بين الولايات المتّحدة وإيران، وإخراج قضيّة الالتزام ببنود الاتّفاق النووي وتخفيف العقوبات عن طهران من الاستعصاء الذي وصلت إليه، بسبب تمسّك كلّ من الطرفين بأن يكون الطرف الآخر هو المبادر بالخطوة الأولى.
ونقلت وسائل إعلام قطرية عن وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، قوله إن بلاده تعمل على تخفيف حدة التوتر في المنطقة بالدعوة للعودة إلى الاتفاق المُبرم عام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وبينما تحمل “المبادرة” القطرية ملامح “ردّ الجميل” لإيران حليفة قطر أثناء فترة مقاطعتها من قبل السعودية والإمارات ومصر والبحرين، تظهر في الآن نفسه حالة من ارتفاع المعنويات وتعاظم الطموحات القطرية بعد المصالحة مع السعودية، وخصوصا بعد تولّي إدارة ديمقراطية زمام الحكم في الولايات المتّحدة الأميركية تتوقّع الدوحة وحلفاؤها، بما في ذلك الحركات الإسلامية التي تدعمها وفي مقدّمتها جماعة الإخوان المسلمين، أنّها أنسب لها وأكثر لينا تجاهها من سابقتها الجمهورية.
وتتوقّع قطر أن تتمكّن في ظل إدارة بايدن من العودة إلى لعب أدوار في المنطقة كانت قد قامت بها مطلع العشرية الماضية في المنطقة، وتمثّلت أساسا في دعم جماعة الإخوان ومساعدتهم على الوصول إلى الحكم في عدد مما يعرف ببلدان الربيع العربي، لكنّ النتائج كانت كارثية خصوصا في ليبيا وسوريا واليمن.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن الوزير قوله “دولة قطر تعمل وتسعى إلى أن يكون هناك خفض للتصعيد، وأن يكون هناك إعادة للعملية السياسية والعملية الدبلوماسية للعودة إلى الاتفاق النووي”.
وجاءت هذه التصريحات في مذكرات إعلامية عن اتصالين هاتفيين أجراهما الشيخ محمّد بن عبدالرحمان هذا الأسبوع، مع كل من الممثل الأميركي الخاص بالشأن الإيراني روبرت مالي ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان.
ويسجّل في كلام الشيخ محمّد بن عبدالرحمان خلوّه من المحاذير التي أثارتها بلدان مثل فرنسا من العودة إلى الاتفاق النووي دون مراعاة قلق بلدان مثل السعودية والدعوات إلى مشاركتها في اتّفاق نووي جديد.
وتبحث إدارة الرئيس بايدن سبل إحياء الاتفاق النووي الذي وقّعته إيران مع قوى عالمية، وانسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 وأعاد فرض العقوبات عليها.
وانتهت المساعي الأميركية في الوقت الحالي إلى طريق مسدود بسبب مطالبة واشنطن لطهران بالكف عن تخصيب اليورانيوم التزاما ببنود الاتفاق، بينما تقول طهران إنّ على واشنطن البدء برفع العقوبات التي فرضتها عليها إدارة ترامب.
قطر تتوقّع العودة إلى لعب أدوار قامت بها خلال العشرية الماضية، ولا تزال نتائجها ماثلة في ليبيا وسوريا واليمن
وقال الوزير القطري إن اتصالات قطر مستمرة مع إيران والولايات المتحدة، في ضوء العلاقات الاستراتيجية التي تربط الدوحة بالدولتين.
وأظهرت قطر خلال الفترة الأخيرة رغبة واضحة في أن تستفيد حليفتاها خلال مرحلة المقاطعة الخليجية المصرية لها، إيران وتركيا من مناخ المصالحات والتهدئة السائد في المنطقة.
وعلى غرار رغبتها في تخفيف الضغط الأميركي والدولي على إيران، تظهر الدوحة رغبة واضحة في تحقيق مصالحة بين تركيا والسعودية، في ظلّ الاهتمام الشديد من قبل الجانب التركي بذلك، نظرا لما تفتحه العلاقة مع المملكة وبلدان الخليج عموما من آفاق تعاون اقتصادي شديد الحيوية لتركيا في فترة الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها.
وقام وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بجولة قادته الخميس إلى قطر، بعد أن كان قد زار كلاّ من سلطنة عمان والكويت.
وخلال الزيارة لوحظ تركيز الخطاب القطري على الموقف “الإيجابي” التركي من المصالحة بين قطر والسعودية، في عملية إيحاء بأنّ أنقرة لا تقف ضدّ وحدة الصفّ الخليجي ولم تعمل على بثّ الفُرقة بين بلدان مجلس التعاون، مثلما ذهب إلى ذلك الكثيرون حيث اعتبروا أن الجانب التركي استفاد فعلا من عزلة قطر أثناء فترة المقاطعة وحصل على مكاسب مالية كبيرة منها، بينما تمكّن من وضع قدم في منطقة الخليج عبر إرسال قوات عسكرية إلى الأراضي القطرية بدعوى حمايتها.
وعبّر وزير الخارجية القطري، عن شكر بلاده لتركيا على موقفها من المصالحة الخليجية، وترحيبها بنتائج قمة العلا التي تمت خلالها تلك المصالحة. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي عقب لقاء ثنائي جمعهما بالدوحة.
وقال إنّه تناول مع نظيره التركي في اللقاء عدة ملفات إقليمية، وناقش كذلك التطورات التي تخص الملف النووي الإيراني.
وأضاف الوزير القطري أن بلاده وتركيا تحثان الولايات المتّحدة وإيران “على الانخراط مرة أخرى في حل هذه الأزمة بالطرق الدبلوماسية”. وعن الجانب التركي عبّر أوغلو عن ترحيب بلاده الكبير “بعودة الأمور إلى مسارها الطبيعي بين قطر ودول الخليج الأخرى”.
وأضاف قوله “هذه بداية مهمة، لكن آمل أن تعود العلاقات بين هذه الدول الشقيقة إلى طبيعتها بشكل كامل في الفترة المقبلة”.
وبشأن العلاقة التركية مع بلدان الخليج قال أوغلو “نرغب في دفع العلاقات قدما سواء على الصعيد الثنائي مع جميع دول المنطقة، أو مع المنظمات الإقليمية مثل مجلس التعاون الخليجي”.
وأوضح أن التوترات بين إيران والولايات المتحدة بسبب انسحاب الإدارة الأميركية السابقة من الاتفاق النووي وفرض الحظر أثرت على المنطقة بأسرها، لافتا إلى أن قطر وتركيا يمكنهما الإسهام في الحل.
وتابع بقوله “نحن لا نعمل فقط من أجل تطوير علاقاتنا الثنائية، فكل من تركيا وقطر تسهمان وتتكاتفان من أجل تجاوز المشكلات في المنطقة بالطرق السلمية”، مثنيا على ما سمّاه “دور قطر وقوّتها الناعمة في هذه المجالات”.