باريس تضغط لوضع قوانين أوروبية للعملات المشفرة

رمت فرنسا بكل ثقلها الجمعة لإقناع الاتحاد الأوروبي بإنشاء جبهة موحدة ضد التهديدات والمخاطر المالية التي قد تسببها العملات المشفرة إذا انتشرت على نطاق أوسع، بعد احتدام الجدل بسبب نية شركة فيسبوك الأميركية إطلاق عملتها الرقمية الخاصة.
هلسنكي - بدأت فرنسا الجمعة في حشد جهود حلفائها الأوروبيين للتحرك سريعا من أجل وضع جدار صد قانوني يمنع استخدام العملات المشفرة، إلا بضوابط واضحة.
وأكد وزير المالية الفرنسي برونو لو مير أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي وضع مجموعة عامة من القواعد تهدف إلى تنظيم التداول بالعملات الافتراضية، والتي تخضع في الوقت الحالي لقواعد تنظيمية في الأغلب على المستوى المحلي.
ولا يوجد في الاتحاد المؤلف من 28 دولة قوانين موحدة بشأن العملات المشفرة، والتي تعتبر حتى الآن مسألة هامشية من قبل معظم صناع القرار لأنه يتم تحويل جزء ضئيل للغاية من العملات الرقمية إلى اليورو.
وقال لو مير، الذي وصل إلى اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية هلسنكي، إن “هناك حاجة إلى إطار عمل عام للعملات الرقمية لدول الاتحاد الأوروبي”.
وكرر معارضته لتطوير عملة ليبرا المشفرة التابعة لشركة فيسبوك الأميركية في الاتحاد الأوروبي. كما دعا إلى تأسيس “عملة رقمية عامة” أوروبية.
وقال لو مير إن “على أوروبا أن تفكر في عملة رقمية عامة يمكنها تحدي ليبرا”، مؤكدا أنه سيناقش هذه المسألة مع وزراء آخرين الشهر المقبل.
وأدت الخطط، التي كشفت عنها فيسبوك في يونيو الماضي لإطلاق عملتها الرقمية ليبرا، للقيام بالمدفوعات بين الملايين من المستخدمين حول العالم، إلى إعادة التفكير في كيفية مواجهة هذه المسألة.
وأوضح لو مير أن ليبرا قد تسبب مخاطر للمستخدمين والاستقرار المالي وحتى سيادة الدول الأوروبية.
واتسعت التكهنات بأن عملة فيسبوك لن تجد طريقها إلى التداول وفق ملامح مشروعها المعلن، بعد اتساع الجبهات المحذرة، لتشمل قائمة طويلة تمتد من الحكومات والسلطات التنظيمية إلى البنوك والمحللين.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أدخل العام الماضي قوانين جديدة على نطاق الكتلة لزيادة الضوابط على أماكن تداول العملات المشفرة بهدف الحد من مخاطر غسيل الأموال وغيرها من الجرائم المالية.
ويرى محللون أنه بغض النظر عن ذلك، فإن تلك العملات تتحرك أصلا في السوق الإلكترونية، فيما يعتبر إلى حد كبير مأزقا قانونيا في الاتحاد الأوروبي.
وأشاروا إلى أن السلطات المالية التنظيمية في دول الاتحاد لم تتمكن حتى اليوم من الاتفاق بشأن ما إذا كان يجب معاملتها كأوراق مالية أو خدمات دفع أو عملات في حد ذاتها.
وفي ظل عدم وجود قوانين محددة، فإن مسؤولي الاتحاد يقيّمون احتمال تطبيق القوانين الحالية، التي تضبط التعاملات المالية.
واستبعدت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية ناتاشا بيرتود إمكانية تحديد قوانين الاتحاد الأوروبي، التي ستطبق في ظل المعلومات المتاحة للجمهور حول ليبرا.
وقالت في مؤتمر صحافي إنه “من المحتمل أن يتطلب المشروع شكلا من أشكال الترخيص في أوروبا، وذلك اعتمادا على ميزاته الدقيقة”.
وتخطط فرنسا لاستثمار رئاستها لمجموعة القوى الاقتصادية السبع الكبرى لإطلاق فريق عمل للنظر في كيفية قيام البنوك المركزية بضمان تنظيم العملات الرقمية خاصة في ما يتعلق بغسيل الأموال وقواعد حماية المستهلك.
ومن الواضح أن هذا المخاض سيشهد تقلبات كبيرة قد تسفر عن أشكال جديدة للعملات المشفرة ترتبط بالسلطات النقدية السيادية لمنع الاصطدام مع النظام المالي التقليدي.