انعدام الأمن الغذائي في لبنان يتفاقم مع انهيار الليرة

تسارع الانهيار المالي ينذر بموجة جوع قد تطال كافة السكان.
الثلاثاء 2021/07/13
محاولات شاقة لتأمين الغذاء

تتضاءل هوامش ابتعاد لبنان عن حدود العجز الكبير في الأمن الغذائي، والذي تفاقم بدرجة خطيرة خلال الأشهر الماضية جراء الأزمة المالية الخانقة ما دفع خبراء ومسؤولين إلى التحذير من أن استمرار هذا الوضع يهدد بموجة جوع قد تطال كافة السكان على الرغم من ظهور بوادر مرتبكة لتحريك نشاط الزراعة لتفادي ما هو أسوأ.

بيروت - دخل القطاع الزراعي والأمن الغذائي في لبنان، دوامتي الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار العملة المحلية أمام الدولار، وقيود من بعض الدول على وارداتها الزراعية من السوق اللبنانية.

وواجه لبنان صدمتين قوّضتا قدرته على توفير الأمن الغذائي لسكانه، وهما الأزمة السورية التي اندلعت في العام 2011، والأزمة المالية في أواخر العام 2019.

وتسبّبت الحرب السورية بنزوح قرابة 1.5 مليون لاجئ إلى لبنان، ما أدّى إلى ارتفاع الطلب على المواد الغذائية. ومع أن هذا الطلب شكّل عبئا على البلاد، كان له أيضا تأثير ايجابي، إذ ارتفعت القيمة الحقيقية للإنتاج الزراعي بنسبة 10 في المئة مقارنة مع مستويات ما قبل الأزمة.

عباس مرتضى: عدم وقف تدهور الليرة يدفع الناس للانكفاء عن الزراعة
عباس مرتضى: عدم وقف تدهور الليرة يدفع الناس للانكفاء عن الزراعة

واستجابة لهذا الطلب المتزايد على المواد الغذائية، لجأ السكان إلى الاستثمار في الزراعة، وبخاصة في الخيم الزراعية.

ورغم غياب الدعم السياسي، استطاع القطاع الزراعي التأقلم في وجه التهديدات المحدقة بالأمن الغذائي، وإرساء الاستقرار الاجتماعي، وتعزيز قدرة المناطق الريفية على الصمود. لكن الأزمة المالية وانهيار قيمة الليرة وضعا الأمن الغذائي للفئات الضعيفة في دائرة الخطر.

وتحتل الزراعة في لبنان المرتبة الثالثة بين القطاعات الاقتصادية في البلاد بقرابة 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي كما تؤمن دخلا لحوالي 15 في المئة من السكان.

ومنذ اندلاع الاحتجاجات في أكتوبر 2019 ارتفع مؤشر الاستهلاك بنسبة تجاوزت 240 في المئة وتضاعفت أسعار السلع أربع مرات في المتوسط كما تظهره أرقام المؤسسات المالية الدولية والمنظمات الأممية.

وتشير التقديرات الصادرة عن البنك الدولي إلى أن 77 في المئة من الأسر لا تملك ما يكفي من غذاء أو مال لشرائه، فيما تضطر 60 في المئة من الأسر إلى شراء الطعام عبر مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو عبر الاقتراض.

وقال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى في مقابلة مع وكالة الأناضول، إن “تسارع الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان، يضع الأمن الغذائي للبلاد في خطر، وينذر بموجة جوع قد تضرب جميع السكان”.

وأضاف أن “تخوفا يكبر يوما بعد آخر في ظل انعدام أي بوادر لحل الأزمتين الاقتصادية والسياسية في البلاد”.

وبسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ الربع الأخير من 2019، فقد فرضت على اللبنانيين التوجه نحو الزراعة أكثر لمواجهة الجوع الذي يطرق أبوابهم منذ نحو عام.

يأتي ذلك، بينما فقدت العملة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها منذ 2020، لتسجل سعرا متدنيا جديدا مقابل الدولار عند 17.8 ألف ليرة لكل دولار في السوق الموازية، مقابل 1510 ليرات في السوق الرسمية.

وحذر مرتضى من أن عدم وقف تدهور قيمة العملة المحلية يجعل كلفة الإنتاج المحلي مرتفعة، وقد يدفع الناس إلى الانكفاء عن الزراعة.

وقال إن “تراجع الليرة مقابل الدولار، يضعف عملية استيراد الأصناف الزراعية غير المتوافرة في لبنان ولذلك فإن على الحكومة وضع خطة عاجلة لوقف انهيار العملة حتى لا ينجرف لبنان إلى أزمة جوع شديدة”.

ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن لبنان يستورد 85 في المئة من احتياجاته الغذائية، فيما يشعر نصف سكان البلاد بالقلق من عدم قدرتهم على توفير الغذاء.

حدود الأمن الغذائي

  • 7 في المئة مساهمة الزراعة في الاقتصاد وتؤمن دخلا لنحو 15 في المئة من اللبنانيين
  • 77 في المئة من الأسر لا تملك ما يكفي من غذاء أو مال لشرائه
  • 60 في المئة من الأسر تضطر لشراء الطعام عبر مراكمة الفواتير المؤجلة أو الاقتراض
  • 720 مليون دولار قيمة الصادرات الزراعية في 2020 بعدما كانت 625 مليون دولار في 2019

وفي أغسطس الماضي، أشارت دراسة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا) إلى تضاعف نسبة الفقراء من سكان لبنان.

ووصلت نسبة الفقر في البلاد إلى 55 في المئة عام 2020، بعد أن كانت 28 في المئة في 2019، فضلا عن ارتفاع نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع بثلاثة أضعاف من 8 إلى 23 في المئة خلال الفترة نفسها.

وأشار وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، إلى أنه وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية، فإن القطاع الزراعي يشهد نموا اليوم، من خلال توسع مساحات الأراضي المزروعة، وزيادة حجم الصادرات.

وقال إن “هذا النمو ترجم بارتفاع قيمة الصادرات الزراعية، حيث بلغت 720 مليون دولار عام 2020، بعدما سجلت 625 مليون دولار عام 2019”.

وضمن محاولات توفير الغذاء في ظل ارتفاع نسب الفقر وعدم القدرة على توفير النقد اللازم للاستهلاك، توجهت شريحة من المواطنين نحو القطاع الزراعي، لتأمين الغذاء في ظل الظروف الراهنة.

وقال مرتضى “هذا التوجه انعكس على شكل نمو في هذا القطاع بنسبة 21 في المئة خلال 2020، مقارنة مع 2019، حيث مساحة الأراضي الزراعية توسعت العام الماضي بمقدار 6 آلاف دونم”.

ويجعل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، المزارعين يفضلون تصدير منتجاتهم إلى الخارج مقابل العملات الأجنبية الصعبة، بدلا من بيعها في السوق المحلية.

وتصل صادرات الزراعة اللبنانية إلى الصين وأوروبا والدول العربية، إلا أن 25 في المئة منها توقف على غرار قرار السعودية بعد منع دخول الصادرات اللبنانية بسبب استغلالها في تهريب مواد مخدّرة.

وكان لبنان يصدر 25 في المئة من إنتاجه الزراعي إلى السعودية، كما كان يمر عبرها 44 في المئة من المنتجات الزراعية اللبنانية إلى دول الخليج الأخرى، قبل إعلان حظر ذلك.

ورأى مرتضى أن هناك مصلحة كبيرة للبنان في عودة التصدير إلى السعودية وعبرها، مشيرا إلى أنه مطلوب من الدولة اللبنانية اليوم أن تضع ضمانات وتتخذ خطوات فعالة لمنع التهريب.

11