انطلاق الحوار الوطني في مصر يجدد آمال الصحافيين

دخلت نقابة الصحافيين المصرية بقوة على خط الحوار الوطني المزمع انطلاقه في الثالث من مايو الجاري، في محاولة للاستفادة من أجواء إيجابية تواكب بدء جلساته بشكل رسمي لتحسين أوضاع الصحافيين الذين يعانون من مشكلات جمة جراء تأثرهم سلبا بالأزمات الاقتصادية والتضييق الحاصل في المجال العام.
القاهرة - عقدت نقابة الصحافيين المصرية جلسة للاستماع إلى مقترحات الصحافيين بشأن رؤيتهم حول المطالب المرفوعة إلى الحوار الوطني المزمع انطلاقه في الثالث من مايو الجاري، حيث شهدت تركيزا على محوري تعديل البنية التشريعية التي تضمن إقرار قانون تداول المعلومات المنصوص عليه دستوريا، وحظر الحبس في قضايا النشر، وتقديم مقترحات لحلول تساهم في تحسين أوضاع الصحافيين الاقتصادية، بينها إقرار زيادة سنوية لبدل التدريب والتكنولوجيا.
ويأمل صحافيون أن يصاحب انطلاق الحوار الوطني انفراجة في ملف الحريات العامة تنعكس إيجابا على تحسين أوضاع مهنة الصحافة، وإنقاذ الكثير من الصحف والمواقع الإلكترونية وبعض القنوات الفضائية التي تعتمد بشكل كبير على الصحافيين، وهو ما انعكس على المشاركة الفاعلة للصحافيين في الجلسة الأخيرة.
وينظر قطاع من هؤلاء الصحافيين إلى انتخاب خالد البلشي نقيبا للصحافيين، المحسوب على تيار الاستقلال ورئيس تحرير موقع “درب” (معارض) المحجوب في مصر، على أنه بادرة نحو إتاحة المزيد من مساحات الحركة، وأن الحالة الإيجابية مازالت قائمة حتى الآن مع انتظار انطلاق جلسات الحوار الوطني، وما سيتمخض عنه في مجال الحريات العامة، وفي القلب منها حرية الصحافة والإعلام.
وقال نقيب الصحافيين الجديد خالد البلشي إن غالبية المقترحات التي تلقتها النقابة من أعضاء الجمعية العمومية تعلقت بالمحور التشريعي والحريات العامة، وتضمنت تحسين أوضاع الصحف الحزبية ومساواتها بالخاصة في قانون النقابة.
علاوة على المطالبة بتعديلات خاصة بالقوانين التي تنظم عمل الصحافة والإعلام في مصر، والاكتفاء ببطاقة نقابة الصحافيين كتصريح لمزاولة المهنة بالنسبة للعاملين في الأقسام االتي تتطلب تحركات ميدانية وإلغاء تصاريح التغطية والتصوير.
وتلقت نقابة الصحافيين مذكرة مقدمة من 200 عضو طالبوا فيها بإطلاق سراح جميع المحبوسين، والنظر في قوانين الحبس الاحتياطي لتقليل المدة، وإعطاء الفرصة لوسائل الإعلام لتغطية الموضوعات المختلفة، ورفع الحجب عن المواقع الصحافية، ومنع الحبس في قضايا الرأي والنشر وإصدار قانون حرية تداول المعلومات.
والمتوقع أن لا تكون مطالب الصحافيين سهلة التطبيق، فهي بحاجة إلى تغيير حقيقي في المشهد الإعلامي، غير أن الانفتاح على عملية تقديم المقترحات والنقاش بشأنها يشي بوجود رغبة من جانب النقابة في الدخول في عملية تفاوضية صعبة لتحقيق الحد الأدنى من المكاسب، ويبقى التعويل على الظرف السياسي الذي يتيح إمكانية فتح المجال العام على نطاق أوسع، بما يعزز من مكاسب الصحافة والصحافيين.
أكد سكرتير عام نقابة الصحافيين جمال عبدالرحيم لـ”العرب” أن مجلس النقابة السابق شكل لجنة لوضع تصورات ومقترحات الصحافيين للحوار الوطني، وأن المجلس المنتخب حديثا استكمل إجراءات الإعداد بجلسات تشاورية مع أعضاء الجمعية العمومية من الصحافيين.
وحضر الجلسة الأولى عدد كبير من الصحافيين الذين أبدوا اهتماما بتحسين أوضاع المهنة، وأن اجتماعا آخر سيتم عقده قبل انطلاق جلسات الحوار للاستقرار على المقترحات المناسبة وتقديمها بشكل رسمي.
وأوضح عبدالرحيم لـ”العرب” أن النقابة تستجيب لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للحوار وستقدم مقترحاتها التي ترى أنها تخدم الوطن والجماعة الصحافية والمهنة بوجه عام، وينصب التركيز على البنية التشريعية، لأنها تشهد قدرا كبيرا من العوار وثمة نصوص دستورية لم يتم تفعيلها بعد وتحويلها إلى قوانين، مثل النص الملزم بإصدار قانون تداول المعلومات، ومنع الحبس في قضايا النشر.
وشدد على أن الأجواء السياسية المؤاتية تسمح بالاستجابة للقدر الأكبر من مقترحات النقابة، وأن التعاون بين مجلسها وأجهزة الدولة يشي بإدراك أهمية تحسين أوضاع الصحافيين، كما أن أعضاء المجلس لديهم رغبة ومصلحة في التعاون مع الدولة باعتبار أن النقابة جزء من مؤسسات الدولة، بعيدا عن أي انتماءات سياسية أو حزبية. وقد تواجه اقتراحات نقابة الصحافيين المتعلقة بتعديل قوانين الهيئات المنظمة للعمل الإعلامي معارضة من جانب المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام.
وتطالب النقابة بأن يكون من حق الأشخاص الاعتباريين تأسيس الصحف والمواقع الإلكترونية بالإخطار وفقا للنص الدستوري مع تقليص رسوم الإصدار التي تصل إلى 4 ملايين جنيه (130 ألف دولار) لترخيص الصحيفة اليومية.
وتسعى النقابة للحفاظ على حقوق أعضائها في المؤسسات الصحافية القومية بعد أن تولت الهيئة الوطنية للصحافة مهمة دمج وإغلاق الإصدارات، ما نجم عنه غلق عدد من الإصدارات اليومية المسائية، ودمج صحف ومجلات أخرى معا، وترى أن تلك الصحف تاريخية ولابد من الحفاظ عليها، ما يجعل النقابة تسعى لتعديل القانون 179 الخاص بتنظيم الهيئة الوطنية للصحافة.
واقترحت النقابة أن يكون للدولة دور بالتنسيق مع المؤسسات الصحافية والهيئات الإعلامية ونقابة الصحافيين للحفاظ على الصحافة الورقية وإصدار لائحة خاصة بأجور الصحافيين وتشكيل صندوق داخل كل مؤسسة صحافية لمواجهة العجز أو البطالة، يشارك في تمويله المجلس الأعلى للإعلام.
وذكر مقرر لجنة استقلال الصحافة بشير العدل لـ”العرب” أن المقترحات التي ناقشتها النقابة والمقرر تقديمها للحوار الوطني تم التطرق إليها في مناسبات عديدة سابقة، من دون استجابة من الدوائر الحكومية، تحديدا ما يتعلق بالجوانب التشريعية المرتبطة بالإفراج عن قانون تداول المعلومات، وإلغاء الحبس في قضايا النشر، والسؤال الأهم هل يستجيب الحوار الوطني لمطالب النقابة أم ستظل مجرد مقترحات؟
ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن النقابة سيكون عليها أولا المطالبة بتطبيق التشريعات الموجود على الأرض التي لا تجد سبيلا إلى التنفيذ، وتكون محددة بشكل أكبر دون التفرع في مجالات عدة لا تحقق الهدف المرجو منها، وتقديم مقترحات تشريعية جديدة، في مقدمتها الحفاظ على حقوق الصحافيين التأمينية وزيادة أجورهم.
وقلل العدل من إمكانية الاستجابة للجزء الأكبر من مقترحات نقابة الصحافيين، وأرجع ذلك إلى أن أجواء المشهد الإعلامي برمته لم تشهد تغييرا وأن المؤشر الحالي يدعم استمرار الأوضاع كما هي عليه لفترة أطول، وأن التخلص من المشكلات التي تجابه الصحافيين أثناء عملهم اليومي يفتح الباب أمام تحسين أوضاع مهنتهم بشكل عام، وأن استمرار انفصال الرأي العام عن الصحافة والإعلام لن يقود إلى تغيير إيجابي، وإن تم تمرير عدد من التشريعات.