انسحاب المرشحة لمنصب سفيرة واشنطن في ليبيا يكشف تذبذبا أميركيا في التعامل مع الملف الليبي

الولايات المتحدة لا تزال من دون سفير في ليبيا منذ عام 2022.
السبت 2024/10/05
واشنطن تسعى لتثبيت موقعها في ليبيا

اعتبر جوناثان واينر، المبعوث الأميركي السابق إلى ليبيا، أن عدم وجود سفير لهم يجعل من الصعب تلبية احتياجات ليبيا.

وقال واينر، عبر منصة إكس “بسبب فشل مجلس الشيوخ الأميركي في اتخاذ إجراءات، انسحبت جينيفر جافيتو من منصبها كمرشحة لمنصب سفيرة الولايات المتحدة في ليبيا. وستبقى القائمة بأعمال النائب الرئيسي لمساعد وزير الخارجية لمكتب شؤون الشرق الأدنى”.

وأضاف “تحتفظ الولايات المتحدة بمسؤول رفيع المستوى متمثل في القائم بالأعمال جيرمي بيرنت، ولكن عدم وجود سفير يجعل من الصعب على الولايات المتحدة دعم الجهود الليبية لتلبية احتياجات البلاد”.

وكان الدبلوماسي الأميركي ريتشارد نورلاند تولى مهامه كسفير الولايات المتحدة لدى ليبيا من 2019 حتى 2022، وسعى لإنهاء القتال إلى دعم الأمم المتحدة في التوصل إلى حل سياسي تفاوضي في البلاد. كما تم تكليفه في مايو 2021 بمهمة مبعوث خاص للولايات المتحدة يقود الجهود الدبلوماسية الأميركية لتعزيز الدعم الدولي لإيجاد حلّ سياسي وشامل ومتفاوض عليه يقوده الليبيون.

وبعد عامين ونصف العام من الانتظار، قررت الدبلوماسية الأميركية التي كان من المقرر أن تصبح السفيرة المقبلة للبلاد في ليبيا، الانسحاب من قائمة المرشحين، بعد أن فشلت لجنة متنافرة في مجلس الشيوخ في المضي قدما في ترشيحها لعدة أشهر.

واشنطن أعلنت في يوليو 2014 عن غلق سفارتها في ليبيا ونقل كل طاقمها إلى تونس، بسبب تدهور الوضع الأمني

وكتبت جافيتو على موقع “لينكد إن”، “في الأسبوع الماضي، طلبت من الرئيس جو بايدن سحب ترشيحي لمنصب سفيرة الولايات المتحدة في ليبيا. إن الأمن القومي الأميركي يستحق ما هو أفضل من هذا. لم يكن هناك سفير للولايات المتحدة في ليبيا لمدة عامين، مما أفسح المجال لروسيا والصين اللتين سعتا بنشاط إلى استغلال غيابنا الملحوظ وزعزعة استقرار الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي”.

وقالت إنه تم الاتصال بها بشأن الوظيفة لأول مرة منذ أكثر من عامين ونصف العام، وأن عدم اليقين بشأن عدم معرفة خطواتها التالية كان له تأثير سلبي على حياتها العائلية.

وكان قد تم ترشيح جينيفر جافيتو من قبل الرئيس جو بايدن في يناير الماضي، لكن الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أوقفوا مناقشة تعيينات 26 دبلوماسيا محترفا بسبب نزاع مع الديمقراطيين في اللجنة حول مشروع قانون غير ذي صلة بالمحكمة الجنائية الدولية، والذي اتهم إسرائيل وحماس بارتكاب جرائم حرب في غزة.

ولا تزال الولايات المتحدة من دون سفير في ليبيا منذ عام 2022 بما يشير إلى استمرار  ضبابية علاقتها بالدولة العربية الثرية الواقعة في شمال أفريقيا، والتي تحولت إلى ساحة للتنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى. وفي الحادي عشر من سبتمبر 2012 أعلن عن مقتل أربعة أميركيين بمن فيهم السفير كريستوفر ستيفنز عندما اقتحم أعضاء من جماعة أنصار الشريعة المسلحة مجمعا قنصليا أميركيا في بنغازي.

وفي يوليو 2014 أعلنت واشنطن عن غلق سفارتها في ليبيا ونقل كل طاقمها إلى تونس، بسبب تدهور الوضع الأمني واستمرار المعارك بين مجموعات مسلحة متنافسة في العاصمة طرابلس، وقالت “للأسف اضطررنا إلى اتخاذ هذه الخطوة لأن موقع سفارتنا قريب جدا من القتال الكثيف والعنف الدائر بين الفصائل الليبية المسلحة”، في إشارة إلى انقلاب منظومة فجر ليبيا على انتخابات مجلس النواب بعد فشل تيار الإسلام السياسي في تحقيق الأغلبية.

جينيفر جافيتو قدمت في شهر يونيو الماضي، رؤيتها أمام مجلس الشيوخ الأميركي حول الأوضاع في ليبيا

وفي أبريل الماضي أخطرت إدارة بايدن الكونغرس بنيتها استئناف عمليات السفارة في طرابلس بعد غياب دام عقدا من الزمان.

وجينيفر جافيتو هي عضو محترف في الخدمة الخارجية العليا، من فئة وزير مستشار. وقد شغلت مؤخرا منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران. وقبل توليها هذا المنصب، عملت كوزيرة مستشارة للشؤون السياسية في سفارة الولايات المتحدة في لندن، وقبل ذلك كانت القنصل العام للولايات المتحدة في ميونخ.

وأمضت جافيتو معظم حياتها المهنية في السلك الدبلوماسي في منطقة الشرق الأوسط، وشملت المهام السابقة كلا من مهمة نائب المسؤول الرئيسي في القنصلية الأميركية العامة في دبي، ومدير شؤون سوريا ولبنان ضمن طاقم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، ونائب مدير مكتب شؤون المغرب العربي في مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية، ومسؤول مكتب ليبيا، ورئيس القسم الاقتصادي والتجاري في سفارة الولايات المتحدة في بيروت، كما شغلت وظيفة رئيسة القسم السياسي في القنصلية الأميركية العامة في القدس، ومستشارة السياسة الخارجية لمدير الخطط والسياسات في القيادة الأميركية – الأفريقية.

 وفي وقت سابق من حياتها المهنية، شغلت مناصبا في سفارة الولايات المتحدة في نيكاراغوا وفي القنصلية الأميركية العامة في فرانكفورت، وقبل انضمامها إلى وزارة الخارجية في عام 1998، كانت عملت في وزارة الخزانة الأميركية كمحللة اقتصادية.

وفي يونيو الماضي، قدمت جافيتو، بصفتها المرشحة لمنصب سفيرة فوق العادة للولايات المتحدة الأميركية في ليبيا، رؤيتها أمام مجلس الشيوخ الأميركي حول الأوضاع في ليبيا.

وقالت في إحاطتها إن ليبيا محاطة بالعديد من المخاطر وتحتاج إلى عناية خاصة، مشيرة إلى أن على الولايات المتحدة قيادة جهود حل الأزمة الليبية.

وأضافت أن التحدي الأكبر الذي يواجه ليبيا هو عدم وجود حكومة موحدة، لافتة إلى ضرورة إشراك جميع الأطراف السياسية الفاعلة لتشكيل هذه الحكومة، وأكدت أنها ستعمل مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين، للوصول إلى تسوية سياسية بين الأطراف الليبية، تضع ليبيا على مسار الوحدة والانتخابات.

ويرى المراقبون أن استقالة الدبلوماسية المرشحة لتولي منصب سفيرة بلادها في طرابلس أكدت طبيعة التذبذب الأميركي في ليبيا، لاسيما أنها تضاف إلى استمرار تردد واشنطن في إعادة افتتاح سفارتها في العاصمة الليبية بعد عشر سنوات على مغادرتها.

4