انسحاب الاتحاد الاشتراكي من ملتمس الرقابة ضد الحكومة المغربية يكرس ضعف المعارضة

الفريق الاشتراكي يبرّر انسحابه برفض التعامل بـ"استخفاف وانعدام الجدية مع الآليات الرقابية الدستورية وعدم احترام وتقدير الرأي العام المواكب".
السبت 2025/05/17
معارضة مشتّتة

الرباط - أعلن فريق حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" في مجلس النواب المغربي عن توقيفه لأيّ تنسيق يخص “ملتمس الرقابة” لإسقاط حكومة عزيز أخنوش، معلناً تمسكه “بأداء رقابي جاد ومسؤول،” وهو ما اعتبره مراقبون أنه يعكس ضعف المعارضة في البرلمان المغربي.

وأكد الحزب في بيان له، بأنه “لم يلمس أيّ رغبة في التقدم من أجل تفعيل ملتمس الرقابة،” مشيرا إلى أنه “كان هناك إصرار على إغراق المبادرة في الكثير من الجوانب الشكلية التي تتوالد في كل اجتماع جديد.”

وبرّر الفريق الاشتراكي انسحابه برفض التعامل بـ”استخفاف وانعدام الجدية مع الآليات الرقابية الدستورية وعدم احترام وتقدير الرأي العام المواكب،” زيادة على “انتفاء الغايات من ملتمس الرقابة كآلية رقابية من أجل تمرين ديمقراطي يشارك فيه الجميع، وحلول محلها رؤية حسابية ضيقة تبحث عن الربح السريع دون تراكمات فعلية.”

وشدد فريق الحزب اليساري المعارض على أنه “لم يلمس أيّ رغبة في التقدم من أجل تفعيل ملتمس الرقابة،” مشيرا إلى أنه “كان هناك إصرار على إغراق المبادرة في كثير من الجوانب الشكلية التي تتوالد في كل اجتماع جديد.”

وأبرز أن الإعداد لملتمس الرقابة، في نسخته الثانية، جاء أيضا بمبادرة من الفريق الاشتراكي “وتم الاتفاق بين رؤساء الفرق والمجموعة النيابية المشكلة للمعارضة على تفعيل الملتمس والشروع في صياغة مذكرة تقديمه وجمع التوقيعات لتوفير شرط خُمُس أعضاء مجلس النواب المنصوص عليه دستوريا.”

وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري أن “هناك إشكالية مزدوجة تعرقل التفعيل السليم للآليات الدستورية الرقابية منها ملتمس الرقابة، تتمثل من جهة في تغول الأغلبية البرلمانية التي توظف ثقلها العددي لإجهاض أيّ محاولة جادة للمساءلة، كما حدث في إفشال تشكيل لجان تقصي الحقائق، ومن جهة أخرى في الانقسامات الداخلية التي تعصف بالمعارضة وتحول دون تحركها كجبهة موحدة للضغط على الحكومة.”

 وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “الواقع الحالي يثبت ضعف وتشتت المعارضة وانشغالها بصراعات الزعامة على حساب رسالتها الرقابية الأساسية، ما يجعل الهاجس الشخصي والتنافس مقتصرين على الظهور الإعلامي بدل التركيز على المصلحة العامة والمساءلة الديمقراطية الحقيقية للحكومة وإرهاق الأغلبية بمبادرات جادة تجد أساسها في الوثيقة الدستورية وستكون محل ترحيب شعبي.”

رشيد لزرق: الواقع الحالي يثبت ضعف المعارضة وانشغالها بصراعات الزعامة
رشيد لزرق: الواقع الحالي يثبت ضعف المعارضة وانشغالها بصراعات الزعامة

وكشفت مصادر حزبية لجريدة “العرب” أن وصول المبادرة إلى هذا المستوى يؤكد أن الخلل يكمن في التنافر بين مكونات المعارضة خصوصا بين العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، ما أثر على التنسيق لتقديم ملتمس الرقابة وزاد من حدته لأن الاتحاد لا يريد أن يتكفل الأمين العام للحركة الشعبية محمد أوزين بتقديم الملتمس في الجلسة العامة لمجلس النواب، رغم أنه يحمل صفة برلماني أيضا.

وأوضحت المصادر أن حزب الحركة الشعبية اقترح في اجتماع قبل أيام قليلة أن يكون أمينه العام هو المؤهل لتقديم الملتمس وهو الشرط للاستمرار في هذه المبادرة، وهو ما جعل الاتحاد يغضب لأنه يقول إنه صاحب المبادرة وهو الأولى بتقديمها بدل الحركة الشعبية أو العدالة والتنمية الذي التحق مؤخرا، إلى فشل المعارضة في استغلال هذه الآلية الرقابية يؤكد ضعف موقفها وجديتها أمام المجتمع.

وأكد حزب الاتحاد الاشتراكي أن بعض مكونات المعارضة فضلت الدخول في تفاصيل ذاتية وتقنية لا علاقة لها بالأعراف السياسية والبرلمانية المتوافق عليها والمعمول بها، كما اعتمد البعض التشويش على المبادرة بالتسريبات الإعلامية التي تخدم أجندته وتعمد إلى تضليل الرأي العام، وكذلك إغراق المبادرة بالكثير من هدر الزمن السياسي بعيدا عن أخلاقيات التنسيق والتداول المسؤول بين مكونات المعارضة.

وأفاد قيادي بحزب الحركة الشعبية لـ”العرب” بأن حزبه “لم يتعنت في التعامل مع مبادرة الاتحاد الاشتراكي ودوما كنا نتعامل بجدية عكس ما وصفنا به بيان الاتحاد من أننا نستخف بالمبادرة، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نتهم الأغلبية بالتغول وهناك من يستخدم هذا المصطلح على أرض الواقع بيننا لأسباب معينة.”

أما حزب العدالة والتنمية فقد أكد أن انسحاب الفريق الاشتراكي من المبادرة بعدما تم الاتفاق على مجموعة من النقاط لتيسير المهمة، يؤكد عدم المسؤولية والارتهان لمنطق استعلائي لا يخدم التعاون والتضامن.

فيما عبر الاتحاد الاشتراكي في بيانه على أنه واثق من قراره بالقول “إننا كنا واعين بأن المعارضة لا يمكنها أن تصل إلى تصويت الأغلبية المطلقة للنائبات والنواب، وبالتالي لن يتم التصويت بالموافقة على الملتمس ودفع الحكومة إلى تقديم استقالتها الجماعية، لكننا كنا واعين أيضا بأن الملتمس سيمكن من فتح نقاش سياسي هادئ ومسؤول أمام المغاربة حول التحديات المطروحة، وحول أهمية الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضرورية لبلادنا من أجل تقوية مسارها الديمقراطي التنموي.”

4