انتقال الحكومة المصرية إلى العاصمة الإدارية ينتظر القبول الشعبي

الحكومة المصرية تحدد موعد نهائي لانتقال الوزارات واستلام مقارها.
الخميس 2023/07/06
رسالة انتخابية وراء عودة الحديث عن العاصمة الإدارية

القاهرة - أكملت غالبية الوزارات المصرية نقل قطاع كبير من موظفيها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، في شرق القاهرة، وتوالت الاجتماعات التي عقدتها الوزارات داخل المقار الجديدة، وبعثت الحكومة بإشارات توحي بأنها بدأت تمارس عملها فعليا من هناك والتغلب على صعوبات الانتقال بانتظار الحصول على تأييد شعبي يدعمها.

وسعت وزارة التربية والتعليم المصرية التي تشغل اهتمام قطاعات كبيرة حاليا للفت نظر المواطنين إلى العاصمة الجديدة مع إعلانها الأربعاء نتائج اختبارات “الشهادة الفنية” الموازية للبكالوريا، وتضم أكثر من 700 ألف طالب وطالبة من مقرها الجديد، وهناك فعاليات جماهيرية أخرى قد تأخذ طريقها إلى الحي الحكومي الذي يشمل مقار جميع الوزارات المصرية.

وحددت الحكومة المصرية بداية الشهر الحالي كموعد نهائي لانتقال الوزارات واستلام مقارها، وهو ما نجحت فيه معظمها بشكل كبير، وقدمت مجموعة من التسهيلات التي دعمت وصول أكثر من 40 ألف موظف إلى أماكن الوزارات الجديدة على بعد 60 كيلومترا من القاهرة، ما انعكس على إقناع الموظفين بوجوب التواجد في مقار عملهم.

محمد سامي: الترويج للعاصمة الإدارية جعل صورتها سلبية
محمد سامي: الترويج للعاصمة الإدارية جعل صورتها سلبية

وتبقى الأزمة في الصورة النمطية للعاصمة الإدارية في أذهان بعض المواطنين التي تطغى عليها جوانب سلبية، إذ يجري بشكل دائم تحميل عملية الإنفاق الحكومي على إنشائها مسؤولية الأزمة الاقتصادية وتبعاتها من تضخم وزيادة في أسعار السلع وشح في العملات الأجنبية وزيادة في الديون بعد التوسع في عملية الاقتراض من الخارج، بالتالي فمساعي الحكومة لإتمام الانتقال بحاجة إلى إقناع المواطنين بها.

وتستهدف الحكومة التأكيد على أن الانتقال إلى المقار الجديدة ليس مكانيا فقط وإنما يواكبه انتقال في الفكر والأداء في ظل روتين قاتل تعاني منه بعض الخدمات الحكومية، وإرسال إشارات تؤكد بأنه انتقال ضروري وتُصر عليه بما يحقق عوائد لأفراد المجتمع على مستوى تطوير الخدمات المقدمة إليهم أو عبر تخفيف الضغط عن العاصمة القديمة وتعمير مناطق صحراوية بعيداً عن شريط وادي النيل الضيق.

وتحرص الحكومة على تأكيد أن المكان حضاري ولن يكون “مبنى تحرير سوبر”، في إشارة إلى مبنى المصالح الحكومية الشهير في وسط القاهرة الذي يضم غالبية الخدمات المقدمة للمواطنين، وأن العاصمة الإدارية تلافت كل العيوب.

ولم تفلح مساعي دوائر حكومية هدفت إلى التسويق للعاصمة الجديدة في إقناع المواطنين، ما يجعلها تخشى أن تختصر عملية الانتقال في طرق طويلة ممهدة طالما ظل المكان خاويا من دون تحقيق استفادة حقيقية منه.

وتعتقد الحكومة أن وجودها وهيئاتها وأجهزتها سوف يفتح الباب لدوران عجلة الاستثمارات وتسريع وتيرتها، ولتجد الجهات الرسمية غضاضة في تقديم تسهيلات ودعم مادي للموظفين الذين بدأوا في ممارسة أعمالهم من هناك.

وقال الرئيس الشرفي لحزب تيار الكرامة محمد سامي إن الترويج لها من بوابة ناطحات السحاب وأكبر مسجد وأكبر كنيسة في الشرق الأوسط جعل صورتها سلبية، في حين أنها تشكل نقلة حداثية وإن جاءت متأخرة خاصة إذا تمكنت الحكومة من توظيف التكنولوجيا في تطوير دولاب العمل الرسمي للدولة.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “إنشاء العاصمة الجديدة بالقرب من مناطق التأثير والتبادل الصناعي والحركة في منطقة خليج السويس على البحر الأحمر يجعلها محورا إستراتيجيا يدعم الصناعة المصرية، ويفسح المجال لتسريع حركة التنمية في عدد من المدن الجديدة القريبة منها”.

وتحفظ سامي على ما يوصف بـ”البذخ” في الإنفاق عليها وعدم القدرة على التسويق الجيد، وتجاهل حضور الجوانب السياسية التي تفتح نقاشَا موضوعيًا حول الجدوى منها بعيداً عن الحشد الدعائي كأحد الأسباب التي أثرت على صورتها في نظر الناس.

الحكومة تؤكد على أن الانتقال إلى المقار الجديدة ليس مكانيا فقط وإنما يواكبه انتقال في الفكر والأداء في ظل روتين قاتل تعاني منه بعض الخدمات الحكومية

ويعد الانتقال إلى العاصمة الإدارية عملية مركبة بحيث يكون الأمر بحاجة إلى انتقال مواز لوعي المواطنين الذين يجهلون معالمها الرئيسية، باستثناء أنها تضم مباني عملاقة، وأن الاعتماد على وجوه إعلامية في الترويج تفتقر للمصداقية قاد إلى النتيجة الحالية التي تجد الحكومة نفسها بحاجة إلى سند شعبي يدعم خططها.

وتضع مسألة غياب الشفافية بشأن الأموال التي جرى إنفاقها على إنشاء العاصمة حواجز عدة أمام القبول الشعبي، وقد تكون الاستفادة المتوقعة جراء إفراغ المؤسسات الحكومية في منطقة وسط القاهرة وإكمال مشروع تطوير القاهرة التاريخية جزءاً من عملية الإقناع التي تبني الحكومة عليها تحركاتها، خاصة أنها تركت مكاتب الخدمات المباشرة في أماكنها القديمة ولم يتم نقلها بشكل كامل للتسهيل على قطاعات كبيرة تجد صعوبة في الانتقال إلى العاصمة الجديدة مع عدم الانتهاء من كافة وسائل النقل الجماعي.

ويقول مراقبون إن الانتقادات التي واجهت العاصمة الإدارية منذ وضع حجر الأساس فيها قبل ثماني سنوات تراجعت كثيرا، وإن التعويل على عامل الوقت وتهيئة الأوضاع الداخلية للقبول بالوضع الجديد قد حقق مردوداً إيجابيًا بعد أن استمرت الحكومة في خطتها الإنشائية بلا التفات إلى الآراء المعارضة، وبدا من الواضح أنها تمتلك رؤية شاملة تجعلها ماضية في طريق تنفيذ خطط الانتقال.

وأشار محمد سامي في تصريح لـ”العرب” إلى “أن إصرار الحكومة على نقل الوزارات على الرغم من الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد يعود إلى تيقنها من أن توقف العمل سوف يحولها إلى مدينة أشباح، والانتقادات التي وجهت لها قد تتضاعف، ومن ثم سوف تواجه تهمة إهدار المال العام”.

كما أنها تقطع الطريق على أي محاولات من شأنها هدم ما جرى البدء في تنفيذه عمليا مع توالي المطالبات بوقف مشروع “المونوريل” الذي يصل إليها لتوفير النفقات.

2