انتقادات رسمية للإذاعات الليبية: تبث أغاني لا تراعي الحشمة

الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي تطالب الإذاعات بمراعاة النصائح والتوجيهات المحلية المتعلقة بالمحتوى الموسيقي.
الاثنين 2024/05/20
يجب مراجعة الإخلالات المهنية

طرابلس - وجهت الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا انتقادات واسعة للاختيارات الغنائية لعدد من الإذاعات في البلاد، باعتبارها تتنافى مع القيم الاجتماعية وتتضمن ألفاظا خادشة للحياء.

وقال رئيس الهيئة في خطاب إلى مدراء الإذاعات إن “هناك أغاني لا تتناسب مع الذوق العام، وهي تحتوي على بعض الألفاظ النابية، أو التعبيرات التي لا تناسب القصّر، وقد تم تحميلها من وسائل التواصل الاجتماعي، وبعضها تم تسجيله من مناسبات اجتماعية، أو جلسات غنائية خاصة”.

ويقول البعض من المسؤولين عن المشهد الإعلامي إن هناك حالة انفلات في بث الأغاني التي عادة ما يتم نقلها عن الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي دون رقابة على الكلمات التي عادة ما تكون من خارج دائرة الانضباط الأخلاقي والاجتماعي.

وأفادت الهيئة بأن “الأمر يستلزم منكم مراعاة القيم والمعايير الثقافية، وتنوع الأذواق الموسيقية للجمهور الليبي، إذ تتمتع بلادنا بتراث غنائي غني ومتنوع، يشمل مختلف الأنماط الموسيقية، الأمر الذي يستدعي أن تكون القائمة الموسيقية متنوعة وتعكس هذا التنوع، وذلك لإرضاء جميع الفئات العمرية والاهتمامات الموسيقية المختلفة”.

الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي تشدد على مراجعة وتقييم الأغاني قبل بثها والتأكد من توافقها مع المعايير

وطالبت الهيئة الإذاعات بمراعاة النصائح والتوجيهات المحلية المتعلقة بالمحتوى الموسيقي، فهناك معايير محلية ودولية بشأن محتوى الأغاني التي يمكن بثها عبر الإذاعات المحلية، بحيث يستوجب مراجعة الإخلالات المهنية التي يمكن ارتكابها عبر المحتوى الإعلامي، والتي اعتمدتها الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي في دليل منهجيتها لرصد اتجاهات وإخلالات المحتوى الإعلامي، المُتعلّق بالشأن الليبي في وسائل الإعلام، وبالأخص الإخلالات المتعلقة بالسب والتشهير والإهانة والازدراء والتحريض وخطاب الكراهية، أو المنافية للحياء.

وذكّرت الهيئة في رسالتها بأهمية الحساسية الاجتماعية والثقافية عند اختيار الأغاني، إذ من المفترض تجنب بث الأغاني التي تحتوي على كلمات أو محتوى يمكن أن يُعتبر مسيئًا للأفراد، أو المكونات الثقافية للمجتمع الليبي، أو التقاليد الثقافية الليبية، وبالتالي يجب الحرص على تقديم المحتوى الذي يتمتع بالاحترام والتقدير.

وشددت على أهمية مراجعة وتقييم الأغاني بعناية قبل بثها، والتأكد من أنها تتوافق مع المعايير الموسيقية، والجودة الصوتية المطلوبة، وأنها لا تحتوي على محتوى يمكن أن يُعتبر غير لائق أو مسيئا أو مخالفا للقانون، داعية إلى أخذ هذه الملاحظات في الاعتبار، والعمل على تطبيقها في البث الإذاعي.

وتشير أوساط إعلامية ليبية إلى أن بعض الإذاعات الخاصة تعتمد على الأغاني الراقصة التي تتجاوز الذوق العام والقيم الاجتماعية بهدف استقطاب الشباب والمراهقين، وهي في أغلب الأحيان تقوم بأخذ تلك الأغاني من الإنترنت بما يعني عدم خضوعها للرقابة، وتبثها في مختلف الأوقات بما في ذلك أوقات الذروة، بينما لم يعد هناك تركيز على الموروث الغنائي الليبي المنسجم مع طبيعة الشعب المحافظ، وخاصة من خلال رصيد الإذاعة الليبية منذ خمسينات القرن الماضي، وما تم تسجيله خلال العقود الماضية من أعمال غنائية ذات كلمات ملتزمة وألحان راقية وبأصوات محلية وعربية كثيرة.

وسبق أن تناول جلال عثمان رئيس الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي هذه القضية معيبا على الإذاعات الخاصة ارتكاب مخالفة القانون رقم 9 لسنة 1968 بشأن الملكية الفكرية، لأن أغلب الأغاني التي تبثها، أو حتى البرامج الدينية، أو القرآن الكريم، مأخوذة من مواقع إلكترونية، دون مراعاة حقوق الملكية الفكرية، مشيرا إلى أن عددا من محطات الراديو تبث أغاني لا تراعي الحشمة، وبها كلمات خادشة للحياء.

وتذكّر تصريحات رئيس الهيئة بحادثة اعتقال السلطات الأمنية الفنانة الشعبية فاطمة الحمصة في فبراير الماضي، الذي أثار جدلا واسعا بين الليبيين على الشبكات الاجتماعية وذلك على خلفية كلمات أغنية اعتبرها كثيرون “خادشة للحياء”.

وقال جهاز دعم الاستقرار التابع لوزارة الداخلية إنه تم ضبط المدعوة الحمصة لارتكابها جريمة خدش الحياء، وذلك “حرصاً على المحافظة على الأخلاق الحميدة التي تميز المجتمع الليبي”، مشدّداً على أنه “سيقف سداً منيعاً ويضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بالأخلاق والقيم”.

وأضاف الجهاز أنّه سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدّ هذه الفنانة، على اعتبار الفعل المرتكب مجرّما قانوناً.

وفجرت أغنية الحمصة موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، بعد تداول مقطع فيديو للفنانة وهي تغني في إحدى حفلات الزواج وترقص على أغنية اعتبر ليبيون أن كلماتها تشجع على الانحلال الأخلاقي وعلى الخيانة الزوجية والعلاقات غير الشرعية وتدعو إلى التفكك الأسري.

إذاعات خاصة تعتمد على الأغاني الراقصة التي تتجاوز الذوق العام والقيم الاجتماعية بهدف استقطاب الشباب والمراهقين

واعتبر البعض أن كلمات الأغنية “خطيرة، حيث تشجع فيها الفنانة المراهقات الصغار على الفسق والانحلال بشكل كبير جداً”، داعيا إلى ضرورة القبض عليها ومحاسبتها.

ويقول المختصون إن النظام القانوني الليبي يحض على المحافظة على الآداب العامة، وهناك نصوص تشريعية وقانونية واضحة وصريحة، أبرزها القانون رقم 56 منذ عام 1970 بشأن حماية الآداب العامة في الأماكن العامة.

كما ينص القانون بشكل صريح على ضرورة أن تكون هناك رقابة تتعلق بكل ما يخدش الحياء العام وهناك تشريعات أخرى من ضمنها القانون رقم 10 لعام 1985 تتعلق بهذا الشأن أيضا.

ووفقا للقوانين لا يجوز تقديم العروض المسرحية أو التمثيلية أو الغنائية أو الراقصة إلا بعد الحصول على ترخيص، وأيضا هناك عقوبات واضحة للمخالفين.

ويقول المتابعون إن الكلمات التي ترد في بعض الأغاني، والتي تبث في الإذاعات كما هو الحال في أغنية الحمصة، هي خدش للحياء وخروج عن الآداب العامة، ولذلك يعاقب عليها القانون الليبي، والأمر ليس مرتبطا بحرية التعبير.

في المقابل هناك من يرى أن ما يتم تقديمه في الأغاني هو عمل فني ويجب نقده فنيا، ومن حيث المبدأ لا يوجد قاض أو جهاز أمني مؤهل لتقييم عمل فني، ومن يحق لهم النقد هم أهل الاختصاص، كما يرفض هؤلاء الوصاية على الذوق العام مؤكدين أن زمن الرقابة ولى مع انتشار منصات التواصل الاجتماعي.

5