انتخابات نقابة الصحافة اللبنانية سيناريو مكرر لنظام المحاصصة

عدد المرشحين لم يتجاوز عدد المقاعد في مجلس النقابة.
الأربعاء 2021/04/28
نقابة الصحافة مغلقة في وجه الصحافيين

لم تكن نتائج انتخاب نقابة الصحافة اللبنانية مفاجئة للوسط الصحافي حيث تكرر نفس السيناريو للسنة الثالثة على التوالي دون تمثيل حقيقي للعاملين في المجال الإعلامي وفي غياب أيّ منافسة تذكر. لكن هذه الانتخابات تعتبر بمثابة التذكير بضرورة إجراء إصلاح في المنظومة الإعلامية اللبنانية.

بيروت - وصف صحافيون لبنانيون إعادة انتخاب عوني الكعكي نقيباً للصحافة بالتزكية والتجديد لباقي أفراد هيئة مكتبه بالمشهد الهزلي، إذ لم يتجاوز عدد المرشّحين عدد المقاعد في مجلس النقابة.

وأعيد التجديد للكعكي ولباقي أفراد هيئة مكتبه للمرّة الثالثة على التوالي، بعد عقد الجمعية العمومية الانتخابية جلسة عامة إثر فشل دعوتين رسميتين في السابق.

وتم اعتبار الجلسة الثالثة الأخيرة بمن حضر قانونية، وقد شارك فيها 60 ممثلاً عن المطبوعات السياسية وغير السياسية والوكالات الإخبارية، أي ما يزيد عن النصف زائد واحد.

وبما أنّ عدد المرشّحين لم يتجاوز عدد المقاعد في مجلس النقابة، فقد أعلن رئيس المكتب الانتخابي فوز اللائحة بالتزكية بكامل أعضائها، والذين وصل عددهم إلى 16 عضواً ممثلين عن المطبوعات الحاضرة، ليقوم هؤلاء بدورهم بانتخاب الكعكي الذي يترأس اللائحة، كما حصل عام 2015 مع انتخاب الكعكي نقيباً للصحافة للمرة الأولى.

وأثارت هذه الانتخابات بعدم وجود ممثلين حقيقيين للصحافة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال صحافيون إن أوضاع النقابة لا تختلف عن الأوضاع السياسية في البلاد وهي تمثيل غير معلن لنظام المحاصصة الطائفية، إذ بات من المتعارف عليه أن يكون منصب نقيب الصحافة للطائفة السنية، ونقيب المحررين للموارنة، وأن يكون رئيس المجلس الوطني للإعلام شيعياً، في حين لا مكان لحقوق الصحافيين وأوضاع المهنة في هذه المحاصصة.

صبحية نجار: النقابة تمثل رأس المال ومن يدفع يربح وهي لا تمثل مهنة الصحافة
صبحية نجار: النقابة تمثل رأس المال ومن يدفع يربح وهي لا تمثل مهنة الصحافة

وقالت الصحافية صبحية نجار في تغريدة على حسابها في تويتر “تعيين عوني الكعكي لولاية ثالثة بالتزكية مع كامل أعضاء النقابة. والحجة أن عدد المرشحين لم يتجاوز عدد المقاعد في مجلس النقابة. هذه الانتخابات ليست ديمقراطية، وهي صورة طبق الأصل عن الطبقة السياسية التي تحكم البلاد”.

وأضافت نجار “هذه النقابة تمثل رأس المال ومن يدفع يربح وهي لا تمثل مهنة الصحافة”.

وانحصرت الانتخابات بأصحاب ومالكي مؤسسات إعلامية، وأغلبهم ينتهكون حقوق الموظفين العاملين في مؤسساتهم، وفق تعبير الصحافيين.

وأغلق جدول الانتساب إلى نقابة المحررين فعليًّا أمام الصحافيين، ما عدا مرات قليلة آخرها في فترة ولاية النقيب السابق إلياس عون، ولكنها اقتصرت على قبول انتساب حوالي مئتي صحافي فقط عام 2012، ما يعني استحالة إجراء تغيير في النقابة أو وجوهها المعتادة.

وتملك نقابة الصحافة التي تمثل أصحاب الصحف صلاحية وسلطة في اختيار المنتسبين إلى نقابة المحررين، وذلك عبر ما تُعرف باللجنة المشتركة بين النقابتين المتمثلة بـ”اتحاد الصحافة” الذي يرأسه نقيب الصحافة، وهذا ما تطالب نقابة المحررين بإلغائه على مبدأ أنه “لا يجوز لرب العمل أن يوافق على انتساب عامل”.

ورغم إعلان مجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية أكثر من مرة عن جملة من القرارات للشروع في تلقي طلبات انتساب العاملين في قطاعات المرئي والمسموع والإلكتروني وفق شروط الانتساب المنصوص عليها في قانون المطبوعات والنظام الداخلي للنقابة، بقي العديد من الصحافيين خارج النقابات، منهم كتاب صحف ومراسلون ومقدمو برامج، ولم يُؤخذ بالحساب العاملون في الصحافة الإلكترونية.

وبادر العديد من الصحافيين إلى تشكيل هيئات وجمعيات تسعى إلى تأمين حقوقهم، منها “نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع” عام 2012، وفتحت جدول الانتساب أمام جميع الصحافيين العاملين في المرئي والمسموع.

لكن على الجهة المقابلة نشأت حالة من انعدام الثقة لدى الصحافيين بالنقابات وامتنع الكثير منهم عن الانتساب إلى النقابات الجديدة، وسط تعالي أصوات تشكك بجدية العمل النقابي، وتنتقد إقفال جدول الانتساب والهيكلية التنظيمية في نقابة الصحافة، وأطلق عدد من الصحافيين ومعظمهم من المنتسبين النقابيين حملة “إصلاح نقابة الصحافة والمحررين” طالبت بفتح جدول الانتساب أمام جميع الصحافيين من كافة القطاعات ورفع الانتقائية في اختيار المنتسبين الجدد، بالإضافة إلى تنقية الجدول من غير الصحافيين وكذلك فصل عمل نقابة المحررين عن نقابة الصحافة.

Thumbnail

وقالت مؤسسة مهارات المعنية بحرية الصحافة في لبنان إن بعض من هذه المطالب كان قد أوردها مشروع القانون الذي كانت قد تقدمت به نقابة المحررين بالتعاون مع وزير الإعلام السابق ملحم الرياشي في 2017.

وينص مشروع القانون على توسعة الانتساب إلى النقابة وضمها للصحافيين من كافة القطاعات بما فيها المرئي والمسموع والإلكتروني، بالإضافة إلى فصل عمل نقابة المحررين عن نقابة الصحافة، خاصة وأن الأخيرة لديها صلاحية في قبول المنتسبين مثلها مثل نقابة المحررين.

ورغم أن مشروع القانون حمل لأول مرة رؤية إصلاحية متقدمة لعمل النقابة واستيعابها لكل الصحافيين لكنه لم ير النور، وقد عارضته نقابة الصحافة. ولاحقًا تم سحب دراسة المشروع من مجلس الوزراء بطلب من نقابة المحررين بسبب تعديلات تم إدخالها على نص المشروع من خارج المتفق عليه.

وأعيد النقاش حول قانون الإعلام الجديد مع مبادرة وزيرة الإعلام منال عبدالصمد إلى دعوة ممثلي وسائل الإعلام لتقديم ملاحظاتهم، لكن الجدل أثير حول تدخل المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع في شؤون الصحافة الإلكترونية ومحاولة فرض وصاية غير قانونية وغير دستورية عليها.

وأبدت مؤسسة مهارات قلقها من المحاولات غير القانونية لوضع اليد على الإعلام الإلكتروني، التي كانت قد بدأت منذ أن طلب المجلس الوطني للإعلام من هذه المواقع الإلكترونية التقدم من المجلس بطلب التسجيل لديه، دون صيغة قانونية ثم من خلال احتضان إنشاء لجنة مؤقتة لتمثل المواقع الإلكترونية وتضع خطة لقوننتها.

ودعت مؤسسة مهارات المجلس الوطني للإعلام إلى عدم تجاوز الصلاحيات الممنوحة له بموجب قانون البث التلفزيوني والإذاعي رقم 382/ 94 حصرا وتوسيعها خلافا للقانون لتطال المواقع الإلكترونية. كما دعت وزارة الإعلام وجميع المعنيين لإطلاع الرأي العام على مشروعها لتنظيم الإعلام الإلكتروني.

وترى مهارات أن الإصلاح قد طال تنفيذه على مستوى العمل النقابي الصحافي، ولكن الأكيد أن الإصلاح بات ضرورة وحاجة ملحة في ظل التطور والتنوع في القطاعات الإعلامية، ومع تراجع مكانة الصحافة والأزمة المالية التي أدت بالعديد من الصحف والمؤسسات التلفزيونية إلى الإقفال أو التقشف أو التخلي عن عدد من موظفيها، ومواكبة التطور المتلاحق للعالم الرقمي وإنتاج صحافة ذات جودة عالية.

18