انتخابات الأطباء اختبار جديد لاتجاهات النقابات المهنية بمصر

منافسة مهنية في سياق سياسي تعيد النقابات إلى صدارة المشهد العام.
الاثنين 2023/07/03
بروفة تحضيرية

تختبر انتخابات نقابة الأطباء المصرية توجهات القطاعات المهنية ومستقبل علاقتها بالسلطة، كما أنها بالون اختبار لمرشحي السلطة والمعارضة قبل انتخابات رئاسية حاسمة تتوقع التحليلات أن يفوز بها الرئيس عبدالفتاح السيسي دون عناء.

القاهرة - ارتفعت سخونة انتخابات نقابة الأطباء في مصر مع غلق باب الترشح لمقعد النقيب وأعضاء مجلس النقابة والنقابات الفرعية، متأثرة بأحداث نقابة المهندسين التي أسفرت عن تثبيت نقيبها المحسوب على تيار الاستقلال طارق النبراوي أخيراً، ما يشي بأن انتخابات الأطباء قد تكون حاسمة لاتجاه قطاعات عريضة من أعضاء النقابات المهنية في مصر.

وأغلقت اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الأطباء في مصر باب الترشح في الانتخابات بعد تقديم 12 مرشحًا أوراقهم لمعقد النقيب و119 مرشحًا على عضوية مجلس النقابة العامة، على أن يتم الإعلان بشكل نهائي عن المرشحين في الانتخابات بنهاية الأسبوع الجاري.

وتكمن أهمية الانتخابات هذه المرة في أنها تأتي في سياق سياسي تعود فيه النقابات المهنية بقوة لتتصدر المشهد بعد انتخابات نقابة الصحافيين في مارس الماضي التي أدت إلى فوز المعارض خالد البلشي على مرشح الحكومة خالد ميري.

وسبق ذلك تنظيم أول مظاهرة في وسط القاهرة أمام نقابة المحاميين اعتراضًا على إجراء فرضته وزارة المالية بشأن تحصيل ما يسمى بالضريبة الإلكترونية، نهاية بأحداث تجديد الثقة في نقيب المهندسين التي شهدت أعمال عنف، وتم تطويق الأزمة وتهدئتها ومنع انتقال شرارتها لتطال ملفات سياسية حرجة بعد أن أخفق حزب مستقبل وطن، الظهير السياسي للحكومة، في عملية سحب الثقة من نقيب المهندسين.

خالد أمين: المرشحون على مقعد النقيب يتسمون بالتنوع في اتجاهاتهم
خالد أمين: المرشحون على مقعد النقيب يتسمون بالتنوع في اتجاهاتهم

ويبدو أن الحكومة عازمة على الاستفادة من الأخطاء السابقة وتدعم هذه المرة إجراء انتخابات في نقابة الأطباء تتسم بالشفافية وما يساعدها على ذلك الشعبية التي يحظى بها "تيار المستقبل" القريب منها، ويعد الأوفر حظا، ويضم شخصيات محسوبة سابقا على تيار "الاستقلال" القريب من توجهات المعارضة.

ورغم أن القوائم النهائية لم يتم إعلانها بشكل رسمي، والمتوقع الإفصاح عن تشكيلها في العاشر من الشهر المقبل، غير أن الأجواء إلى تشير إلى ترشح أربعة على معقد النقيب ينتمون إلى "تيار المستقبل".

ويتوحد تيار الاستقلال خلف إيهاب الطاهر عضو مجلس نقابة الأطباء الذي عمد إلى إخراج التنافس الانتخابي من سياقه السياسي وقدم وصفًا لتيار الاستقلال باعتباره بعيدا عن أي توجه سياسي أو ديني، عكس ما هو شائع عن ميله للمعارضة.

وقال عضو مجلس نقابة الأطباء خالد أمين إن وجود 12 مرشحًا على مقعد النقيب يعكس اهتمام الأطباء بالمشاركة في الانتخابات، ويعبر عن أنهم أصبحوا أكثر وعيًا بقضايا مهنتهم وأن الظروف التي تعيشها قطاعات كبيرة منهم تدفع نحو الاحتماء بالنقابة لتحسين أحوالهم، وهو ما يجعل الغلبة هذه المرة لمن سيكون أكثر قدرة على تقديم الخدمات وليس لمن يرفع شعارات من الصعب تحقيقها.

وأضاف في تصريح لـ"العرب" أن المرشحين على مقعد النقيب يتسمون بالتنوع في اتجاهاتهم، وبعضهم يولي الخدمات الاجتماعية أهمية قصوى، وآخرون يدعمون حقوق الأطباء ويهتمون بتقديم الدعم اللوجستي، مشيراً إلى أن المنافسة تنحصر بين مرشحين أو ثلاثة على منصب النقيب، ومن الصعب التكهن بالنقيب الجديد.

وذكر أن عددا من المرشحين على قائمة "تيار المستقبل" ترشحوا من قبل على قائمة "الاستقلال"، ما يمنحهم قدرة أكبر على حصد الأصوات، مشيراً إلى أن صعوبة منافسة "الاستقلال" هذه المرة ترجع إلى كون المرشح إيهاب طاهر يواجه منافسين كانوا معه من قبل في نفس القائمة، وأن التربيطات الانتخابية تقتضى وجود أسماء كانت ضمن "الاستقلال" في السابق ضمن قائمة “المستقبل” في الانتخابات المقبلة.

ويتنافس على مقعد نقيب الأطباء كل من إيهاب الطاهر، أيمن سالم، أسامة عبدالحي، أحمد حسين، يحيي النجار، محمد طنطاوي، علي كامل علي، محمد محمد منير، جمال عميرة، محمد سلامة وأبوالمجد الهواري.

ورغم أن نقيب الأطباء حسين خيري وهو محسوب على تيار “الاستقلال” مارس ضغوطًا على الحكومة في خضم أزمة كورونا لتحسين أوضاع الأطباء، غير أنه لم يحظ برضا قطاعات واسعة من أعضاء النقابة الذين يرون أنه تسبب في تراجع الخدمات، وساهم في عزوف الأطباء عن الجمعيات العمومية التي لم تنعقد في مرات عديدة لعدم اكتمال النصاب القانوني، وهو أمر يدعم مرشحين محسوبين على تيار المستقبل القريب من الحكومة.

خالد سمير: السياسة حاضرة بقوة في انتخابات النقابات
خالد سمير: السياسة حاضرة بقوة في انتخابات النقابات

ولدى أعضاء نقابة الأطباء قناعة بأن الفترات التي هيمن فيها تنظيم الإخوان على النقابة ودخولهم في صدامات مع الحكومة لا يجب أن تتكرر في المستقبل لأنهم دفعوا فاتورة ذلك في السنوات الماضية التي جرى فيها إهمال حقوق الأطباء وتسييس قضاياهم.

وفي حال تصاعدت النزعة المعارضة للحكومة أثناء عملية الانتخاب فإن ذلك قد يأتي بنتائج تخدم الحكومة مع اتجاه الأعضاء لانتخاب مرشحين قادرين على خدمتهم، خاصة إذا جرى استدعاء واقعة نعي نقابة الأطباء للقيادي الإخواني الراحل عصام العريان الذي توفي داخل محبسه على ذمة قضايا مرتبطة بالإرهاب قبل أن تتراجع النقابة وتعتذر وتقدم الأمين العام باستقالته وقتها.

وتوقع عضو مجلس نقابة الأطباء سابقًا خالد سمير الإعلان عن قوائم أخرى خلال الأيام المقبلة بما يخدم التحالفات الانتخابية لبعض المرشحين، ومن يحسم الموقف هو الأكثر قدرة على تقوية علاقاته مع النقابات الفرعية في المحافظات المختلفة، وأن هيمنة البعد القبلي والمجاملات في بعض المناطق تنعكس على معدلات التصويت.

وأوضح في تصريح لـ"العرب" أن السياسة حاضرة بقوة في انتخابات النقابات بوجه عام لأنها تعد عملا مهنيا وجماعة ضغط قوية على الحكومة، والأمر يصعب فصله عن أوضاع قاسية يعانيها ما يقرب من 900 ألف عضو باتحاد النقابات المهنية.

وشدد على أن الوضع ينعكس أيضَا على الأطباء الذين يبلغ عددهم 325 ألف طبيب مسجلين في كشوف النقابة، وأن الأزمات التي تعاني منها المنظومة الصحية تجعل الانتخابات المقبلة تأخذ اهتماماً كبيرا من جانب الأطباء.

ويقوم نظام الانتخابات في نقابة الأطباء على تجديد نصفي كل عامين لأعضاء مجلس النقابة الذي يتكون من 24 عضوًا، بينما تجرى الانتخابات على منصب النقيب كل أربعة أعوام. وتجري في الوقت نفسه انتخابات النقابات الفرعية على مستوى المحافظات لتجديد عضوية مجالسها ويضم كل منها 8 أعضاء ونقيبا، باستثناء القاهرة التي يضم مجلس نقابتها 12 عضوا.

2