امتلاك العقار يتصدر قروض المستهلكين في المغرب

عكس نمو القروض السكنية في المغرب والتي باتت الخيار الأكثر إقبالا من المستهلكين لتملّك منزل هربا من الإيجارات، مدى جدوى الحوافز الحكومية وتسهيلات السلطات النقدية لتنمية سوق العقارات وسط ترجيحات الخبراء بأن تواصل تسجيل أرقام أعلى خلال العام المقبل.
الرباط- تظهر أحدث المؤشرات في سوق القروض الاستهلاكية أن المغاربة باتوا أكثر ميلا للحصول على خطوط ائتمان من القطاع المصرفي بهدف امتلاك مسكن.
ومع طموح المواطنين لشراء منزل أو شقة عوض الاستمرار في أداء واجبات الإيجارات، التي تثقل كاهلهم لسنوات طويلة دون تملكها، يلجأ الكثيرون للاقتراض من البنوك بفضل ما توفره الحكومة من تسهيلات.
وأفاد التقرير السنوي الأخير حول الاستقرار المالي الصادر عن البنك المركزي وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والهيئة المغربية لسوق الرساميل، أن قروض الإسكان ارتفعت بنسبة 4.5 في المئة خلال العام الماضي بمقارنة سنوية.
وبحسب البيانات الرسمية فقد وصل حجم القروض الممنوحة للمستهلكين في هذا الباب إلى حوالي 248.4 مليار درهم (23.9 مليار دولار).

محمد الشرقي: قروض السكن تطورت بفضل مرونة قوانين الضمان
وأشارت الإحصائيات إلى أن غالبية قروض السكن تمنح بسعر فائدة ثابت، أي 92 في المئة من إجمالي جاري القروض الموزعة.
وأوضحت أن فترة استحقاق هذا النوع من القروض باتت أطول خلال السنوات الأخيرة، أي أن تلك التي تفوق أو تعادل فترة 20 سنة من السداد تمثل حاليا أكثر من النصف.
وتقدم البنوك المحلية حاليا عروضا جذابة تشجع المشترين على الاقتراض عبر معدل نسبة منخفض للغاية، إذ أن أفضل نسبة ثابتة مقترحة تتراوح ما بين 4.2 و4.5 لمدة 25 عاما، مع تأجيل الدفع.
وإلى جانب ذلك هناك قروض سكنية دون شروط، فضلا عن أقساط شهرية منخفضة بناء على احتياجات وملف كل شخص.
ويشير التقرير إلى أن إطالة آجال استحقاق قروض السكن تزيد من قدرة الاقتراض لدى المستفيدين، بينما تشكل هيمنة القروض الممنوحة بمعدلات ثابتة خطرا على البنوك، لاسيما في حالة ارتفاع أسعار الفائدة في المستقبل.
ويرى محمد الشرقي الخبير الاقتصادي أن قروض السكن تطورت كثيرا في المغرب خلال السنوات الأخيرة بفضل قوانين الضمان بالنسبة إلى العائلات الفقيرة أو تلك التي ليس لها شروط تحصيلها من النظام المصرفي.
وقال في تصريح لـ”العرب” إن “مؤسسة الضمان المركزي تولت تأمين تمويلات بمليارات الدراهم وهو ما ساعد في ارتفاع معدلات التملك السكني”.
وأكد أن ما ساعد على هذا الكم من القروض هو التوسع في المشاريع العقارية الاقتصادية والتي تبلغ في المتوسط نحو 25 ألف دولار.
وبحسب البنك المركزي لم تقم البنوك بأي تغيير على معايير منح قروض الإسكان خلال النصف الأول من هذا العام.
وأوضح في نتائج البحث حول شروط منح القروض في الفترة الفاصلة بين يناير ويونيو الماضيين أن معدلات الفائدة المفروضة على القروض الجديدة الممنوحة للأسر، بلغت 4.21 في المئة بالنسبة إلى قروض السكن.
وذكر المركزي أن القروض الممنوحة للأسر ارتفعت خلال الأشهر الأخيرة، حيث قادت قروض الإسكان إجمالي القروض الممنوحة مرتفعة بواقع 2.9 في المئة.
23.9
مليار دولار حجم القروض الممنوحة للمستهلكين
وأكد أن التمويل التشاركي الموجه للسكن أساسا على شكل مرابحة عقارية، واصل تحسنه ليستقر عند حوالي 17.1 مليار درهم (1.6 مليار دولار قياسا بنحو 1.2 مليار دولار قبل عام).
وحسب دراسة صادرة قبل أيام، لمجموعة سونيرجيا للأبحاث ودراسات السوق لتحديد الأشخاص الذين يقبلون بكثافة على الاقتراض لسدّ حاجياتهم وأغراض عديدة، جاء “السكن وامتلاك العقارات” في الصدارة.
وقالت إن “اللجوء إلى الائتمان المصرفي أو خدمات الاقتراض البنكي من طرف الأسر المغربية شهد ارتفاعا ملحوظا في السنوات القليلة الماضية بمختلف مناطق البلاد، إذ أن 42 في المئة منهم لديهم قرض عقاري أو للسكن”.
وتأكيدا على هذا المنحى التصاعدي أشار تقرير لمديرية الخزينة والمالية الخارجية إلى أن القروض العقارية الإضافية زادت بواقع 681 مليون دولار أي بنحو 2.4 في المئة بنهاية العام الماضي، ما يعادل تقريبا المستوى نفسه المسجل سنة قبل ذلك.
ويغطي هذا التطور ارتفاعا نسبته 4.7 في المئة من القروض المخصصة للسكن، وانخفاضا بحوالي 7.9 في المئة بالنسبة للتمويلات المخصصة للإنعاش العقاري.
ويقول الشرقي إن الحكومة تعتزم إدراج قوانين جديدة في الموازنة 2023 بدفع مساعدات مباشرة إلى الفئات المحتاجة عوض نظام التشجيع الضريبي التي تستفيد منه شركات التطوير العقاري. وسيكون هذا الاتجاه مشروطا بأن يكون ضمن برنامج “السكن الأول” ولا تتجاوز قيمته سقفا سيتم تحديده لاحقا.
وأكد الشرقي أن الهدف من ذلك هو تحفيز قطاع البناء من جهة وتقليص الفجوة في الإسكان وزيادة القروض الموجهة للقطاع.
وتشير المندوبية السامية للتخطيط إلى أن ارتفاع أسعار مواد البناء، سيفضي إلى تراجع أنشطة المستثمرين العقاريين نتيجة تراجع هوامش الربح، ما سيؤدي إلى زيادة كلفة إنتاج الشقق، في حين سيتأثر الطلب على السكن بضعف القدرة الشرائية.
ويرى الشرقي أنه على الرغم من أزمة كورونا لم تتأثر كثيرا وتيرة البناء والطلب على المساكن رغم تراجعها المسجل في النصف الأول من العام الجاري.
ووفق بيانات مديرية الخزينة، فإن عدد الوحدات السكنية التي تم بناؤها خلال السنة الماضية بلغ أكثر من 259 ألف وحدة.
وأوضحت في مذكرة بشأن أولى النتائج لسنة 2021 أن هذه الوحدات سجلت ارتفاعا بنسبة واحد في المئة على أساس سنوي.
ووفقا لمتتبعي هذا القطاع، فهذا النمو في نسبة الاقتراض لدى المغاربة، يرجع أساسا للارتفاع المتواصل في أسعار العقارات، وأيضا للتحول في العادات الاستهلاكية للأسر، وأيضا للمنافسة الشرسة بين البنوك والشركات المقرضة.
23.9 مليار دولار التمويلات البنكية للإسكان في 2021 بزيادة 4.5 في المئة بمقارنة سنوية
كما أن ظهور خدمات البنك الإسلامي، الذي وفر ما يسمى بـ”القروض الحلال”، يعني قروضا دون فائدة جعلت عمليات الاقتراض السكني أكثر سهولة من السابق، بل هناك من يتحدث عن دمقرطة الحق في القرض.
وبالنسبة إلى السكن الاقتصادي، فقيمة القرض تصل إلى 100 في المئة من قيمة مبلغ الشراء، كما توفر البنوك امتيازات مناسبة لفائدة الراغبين في شراء قطعة أرض أو بنائها، بمساهمة في المبلغ الشامل للعقار بنسبة 70 في المئة.
وينطبق ذلك أيضا على الراغبين في قرض لشراء محل تجاري، كما يمكن اختيار المبلغ الذي يناسبه إلى حدود 34 ألف دولار مع امتياز سداد القرض على مدة قد تصل إلى حدود سبعة أعوام.