اليونان تستبق تحركات تركيا شرق المتوسط بتفاهمات مع إيطاليا

حتّمت تحركات تركيا في شرق المتوسط على اليونان التحرك على مختلف الأصعدة في محاولة لثني أنقرة على انتهاك سيادتها في خضم استعدادات أنقرة لمباشرة أنشطة استكشافية جديدة في المنطقة ما جعل أثينا توقع اتفاقا بحريا مع روما لإنهاء خلافات عميقة بشأن الحدود البحرية وبعض الأنشطة على غرار الصيد.
أثينا – وقعت اليونان وإيطاليا اتفاقا بشأن الحدود البحرية الثلاثاء، يقيم منطقة اقتصادية حصرية بين البلدين وذلك في خطوة يرى مراقبون أنها تستهدف حل العديد من الخلافات حول حقوق الصيد والتنقيب عن الموارد في البحر الأيوني.
وتُحاول أثينا منذ فترة حشد الدعم الدولي لمواجهة أطماع أنقرة في المنطقة خاصة بعد إعلانها الأخير عن خارطة تحركاتها التي تستهدف القيام بأنشطة تنقيب عن الغاز في شرق المتوسط.
ويأتي الاتفاق بين أثينا وروما، الذي وُقع خلال زيارة وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، بعد توتر على مدى أشهر في منطقة شرق البحر المتوسط بسبب نزاعات على الموارد الطبيعية، حيث نشبت مواجهة دبلوماسية معقدة بين تركيا واليونان وقبرص.
ولم تتوفر بعد تفاصيل عن الاتفاق، الذي يمدد فعليا اتفاقا أبرم عام 1977 بين البلدين بشأن الجرف القاري في البحر الأيوني.
وتقول نيقوسيا وأثينا إن تركيا تنتهك سيادتهما من خلال أنشطة التنقيب التي تقوم بها على سواحلهما وهي تهم ترفضها أنقرة. ومن جانبه، قال وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس إن “الاتفاق أكد حق الجزر اليونانية في المناطق البحرية وحسم القضايا المتعلقة بحقوق الصيد”.
وقال “هذا يوم تاريخي” مضيفا أن اليونان تسعى لإقامة مناطق اقتصادية حصرية مع كل جيرانها.
أثينا تحاول حشد الدعم الدولي لمواجهة أطماع أنقرة في المنطقة بعد إعلانها خارطة مواقع للتنقيب في المتوسط
ويأتي الاتفاق اليوناني الإيطالي بعد أن وقعت تركيا وحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، واجهة الإسلاميين في طرابلس، قبل أشهر اتفاقا بشأن الحدود البحرية.
وأثار ذلك غضب اليونان التي اعتبرت الخطوة تعديا على حقوقها السيادية.
وقوبل التوقيع الذي قام به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والسراج بتنديد واسع من مصر واليونان وإسرائيل وقبرص.
وقال دندياس “الحدود البحرية لا تحدد إلا باتفاقات شرعية”.
وهناك خلافات كبيرة تشق طريق العلاقات اليونانية والتركية حول عدد من القضايا ترجع بالأساس لعقود بدءا من نزاعات على حقوق استغلال الموارد المعدنية في بحر إيجة وحتى قبرص المقسمة عرقيا.
وفي خطوة مثيرة للجدل أعلنت تركيا عن خارطة لأهداف ستشرع في تنفيذها خلال المرحلة المقبلة وتستهدف نقاطا في بحر إيجة وسواحل قبرص تزخر بموارد كبيرة على غرار النفط والغاز.
وقوبلت خطوة أنقرة بتصعيد كبير من اليونان التي أكدت أنها على استعداد تام للدخول في مواجهة إن لزم الأمر مع الأتراك من أجل المحافظة على سيادتها والحيلولة دون استباحتها.
ونقلت صحيفة ناشيونال هيرالد اليونانية عن وزير الدفاع اليوناني السابق إيفانجيلوس أبوستولاكيس قوله “إذا كنا بحاجة الدخول في صراع فربما نكون وحدنا، علينا إجراء هذه الحسابات”.
وأضاف “ما دام عمل أردوغان يتم مع تحركاته الدبلوماسية وتحالفاته وابتزازه وأكاذيبه بشأن القانون الدولي، فإنه لا يحتاج إلى إثارة ضجة”.
وتواصل اليونان حشد الدعم الخارجي في محاولة لتوحيد الموقف الدولي إزاء انتهاكات تركيا، بالإضافة إلى إقامة شراكات عسكرية مع دول أوروبية تجهيزا لأي مواجهة مع الأتراك.
وتقول مصادر إن اليونان تجري مشاورات خلف الكواليس مع فرنسا من أجل التأسيس لوجود دولي عسكري دائم في شرق المتوسط لمنع الانتهاكات من أي طرف.
كما تجهز اليونان لإرسال فرقاطات حربية إلى المواقع التي حددتها تركيا لأنشطتها الاستكشافية حسب ما تقوله ذات المصادر التي تشير إلى أن تصاعد التوترات بين البلدين بات يقلق العديد من الأطراف الدولية.
وأمام هذا الوضع المتأزم في شرق المتوسط، الذي قد ينفجر ويؤدي إلى صراع شامل بين اليونان التي تشعر بخذلان المجتمع الدولي لها إزاء الانتهاكات التركية، يحاول بعض الوسطاء فتح قنوات اتصال دبلوماسية بين أثينا وأنقرة.
وتقول مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة حاولت إنشاء قناة اتصال على المستوى العسكري بين اليونان وتركيا، بالإضافة إلى القناة الدبلوماسية على مستوى السفارات في أثينا وأنقرة.
ويرى مراقبون أن الحكومة اليونانية لديها إرادة قوية للحوار مع أنقرة خاصة في هذه المرحلة التي يهيمن فيها رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس سياسيا، ولكن لا توجد رسائل إيجابية من هذا القبيل من الجانب التركي.
وتفاقمت الصعوبات بسبب المناخ السلبي لأردوغان في الداخل التركي بسبب التداعيات السياسية من تعامل حكومته مع جائحة فايروس كورونا والوضع الاقتصادي المُقلق.
وأفاد الموقع الإخباري الأوروبي المستقل “نيو يوروب” الاثنين أن مجموعة قراصنة يونانيين قاموا باختراق مواقع إلكترونية للحكومة التركية وإسقاطها، بما في ذلك وزارتا الدفاع والخارجية، ردا على هجوم إلكتروني قام به قراصنة أتراك على موقع تابع لبلدية في ثيسالونيكي.
والأحد، نشرت مجموعة “أنونيموس غريس” لقطة لموقع وزارة الخارجية التركية إلى جانب هذه الرسالة “تركيا، نحن نهاجم أيضا. نود إبلاغ المجانين لديكم بالهدوء لأنهم سيفقدون الكرة”.