اليابان تسعى لتوطيد شراكتها الاقتصادية مع المغرب

وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني يشيد بالإصلاحات الاقتصادية التي نهجها الملك محمد السادس.
الأحد 2024/06/02
مساع مغربية حثيثة لجذب الاستثمارات

طوكيو - وقع المغرب واليابان الجمعة مذكرة تحدد أولويات التعاون المستقبلي بين البلدين، بما يشمل قطاعات التجارة والاقتصاد والبحث العلمي.

ومثلت الرباط نموذجا يحتذى به في مجال التعاون الدولي لما تملكه من قدرات وكفاءات كبيرة على المستوى القاري ما جعلها محط اهتمام العديد من القوى الاقتصادية العالمية مثل اليابان، فيما شددت طوكيو على دعم مبادرة الحكم الذاتي للمغرب في تسوية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.

ووفق بيان لوزارة الخارجية المغربية وقّع المذكرة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيرته اليابانية يوكو كاميكا، عقب مباحثات عقداها في طوكيو.

وأوضح البيان أن المذكرة تهدف إلى “تقوية الشراكة بين المغرب واليابان”، و”تحدد المحاور الرئيسية للتعاون المستقبلي بينهما”.

وأضاف أن المذكرة حددت “محاور تعاون ذات أولوية، لاسيما في المجالات الاقتصادية والتجارية والغذائية والبحرية والثقافية والبحث العلمي والتقني والفضائي، وكذلك في مجالات مكافحة تأثيرات التغيرات المناخية وتدبير الموارد المائية”.

ونصت المذكرة، وفق البيان ذاته، على “الانعقاد المنتظم للجان مختلطة من البلدين تجمع مشاركين من كافة القطاعات المعنية، فضلا عن اجتماعات تنسيقية بين السلطات المغربية المختصة وممثلي الوكالة اليابانية للتعاون الدولي والمنظمة اليابانية للتجارة الخارجية”.

وتطرق الجانبان للتنسيق السياسي الجيد القائم بين البلدين مع تشبث المملكة المغربية بقضية الوحدة الترابية الوطنية، حيث ثمن المغرب في أكثر من مناسبة موقف اليابان الثابت بخصوص القضية الوطنية وعدم اعتراف اليابان ببوليساريو، واستمرارها في دعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي لهذه القضية.

من جانبه، نوه بوريطة بهذا الموقف الذي عبرت عنه اليابان بخصوص قضية الصحراء المغربية.

وفي ظل إجماع دولي على أهمية المقترح المغربي لحل نزاع الصحراء المغربية، جدد البلدان التأكيد، في هذه الوثيقة، على التزامهما بالعمل سويا من أجل الحفاظ على السلم والنظام الدولي، القائم على مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك على مبادئ احترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية.

وحمل هيداكي كوراميتسو، سفير الإمبراطورية اليابانية بالرباط، رسالة موجهة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ24 لعيد العرش، في أغسطس الماضي، تعلن فيها طوكيو أن اقتراح الرباط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية “واقعي وجدي” وتعتبر الجهود المغربية لحل النزاع المفتعل “جادة وذات مصداقية”.

واعتبر هشام معتضد الخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية أن “التفاهمات بين المغرب واليابان بخصوص الملفات المهمة التي ركز عليها ناصر بوريطة بمثابة خطوة رسمية مُوَثَّقة دبلوماسيا تجسد رغبة اليابان في بناء آثار دبلوماسية واقتصادية واستثمارية ملموسة مع المملكة وارتباطها الوثيق بملف الصحراء المغربية، والتي يمكن اعتبارها تحولا جوهريا في خطاب اليابان السياسي بخصوص التحولات التي يعرفها ملف الصحراء السيادي”.

وشدد في تصريح لـ”العرب” على أن “صوت اليابان الدبلوماسي والسياسي وتموقعها الجيوسياسي، بالإضافة إلى ديناميكيتها السياسية على مستوى خارطتها الإقليمية والدولية، خاصة في المنظمات الدولية، يعتبر عاملا مهما، وإضافة نوعية وحيوية للديناميكية التي يديرها المغرب بخصوص ملفاته الإستراتيجية وعلى رأسها سيادته على صحرائه”.

هشام معتضد: اليابان ترغب في بناء آثار دبلوماسية ملموسة مع المغرب
هشام معتضد: اليابان ترغب في بناء آثار دبلوماسية ملموسة مع المغرب

ويعتبر المغرب، مستوى الشراكة الاقتصادية بين البلدين، منصة لتطوير استثمارات اليابان في أفريقيا، حيث تستقر حوالي 70 شركة يابانية بالمغرب تنشط في مختلف القطاعات الاقتصادية وتعزز ديناميكية التبادل بين البلدين، مما مكن من خلق نحو 40 ألف منصب شغل. 

وقالت وزيرة الشؤون الخارجية اليابانية، خلال لقاء صحفي، إن “المغرب، باعتباره بوابة نحو السوق الأفريقية وحلقة وصل بين أوروبا وأفريقيا، يزخر بمؤهلات كبيرة في العديد من المجالات، لاسيما في قطاعي الاستثمار والأعمال، والمملكة عملت خلال السنوات الأخيرة على جذب الاستثمارات”.

وقدم ناصر بوريطة المشاريع المهيكلة ذات الأثر القوي على الواجهة الأطلسية، لاسيما تلك الجاري تنفيذها في الأقاليم الجنوبية، على غرار ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيؤمن الربط الحدودي مع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء.

من جانبه، أشاد وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني سيتو كين بالإصلاحات الاقتصادية التي نهجها الملك محمد السادس، والتي مكنت المملكة المغربية من التموقع كبلد رائد في أفريقيا في مجالات صناعة السيارات والطيران والنسيج، والثاني في قطاعات الصيدلة وترحيل الخدمات.

ويتيح المغرب فرصا جديدة للاستثمار في قطاعات ذات مؤهلات قوية من قبيل الهيدروجين الأخضر والأمونياك الأخضر وتحلية مياه البحر، ولهذا سيتم في يوليو المقبل تعيين ممثل لوزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة لدى سفارة اليابان في الرباط، بغية تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين وفتح شركات يابانية في الأقاليم المغربية ذات المؤهلات القوية.

وبرر وزير الاقتصاد الياباني ذلك بتوفر المملكة على اقتصاد متنوع ومنفتح، يشكل بالنسبة إلى الشركات اليابانية منصة تنافسية تتيح الولوج إلى سوق واسعة بفضل اتفاقياته المتعددة للتبادل الحر.

وجدد ناصر بوريطة وكاميكاوا التأكيد على عزمهما مواصلة التعاون في إطار المنتدى الاقتصادي الياباني – العربي، ومؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية، مع التزام اليابان باعتبارها أول دولة تطلق منتدى للشراكة مع أفريقيا من أجل المساهمة في تحقيق تنمية القارة واستقرارها ورفاهية شعوبها.

2