الورشات المسرحية ليست لقاءات ينقل فيها المؤطر تجربته إلى الشباب

مهما تباينت الورشات المسرحية في أهدافها واختلفت في طرق اشتغالها فإنها تشكل، إلى جانب الإقامات الفنية المفتوحة أو المغلقة، معينا أساسيا لتطوير المهارات أو لوضع الخطوات الأولى لاكتسابها. وفي هذا الحوار مع المسرحي المغربي عبداللطيف فردوس نتعرف على تجربته مع الورش المسرحية ورؤيته لها.
يكون التركيز في الورشات المسرحية منصبّا على الحصيلة/المنتوج، وعلى وضع البرامج أو المشاريع لامتداد هذه الورشات. حتى لا تبقى مجرد نشاط محدود في الزمان وفي الأشخاص، وهي أفضل مجال لتنزيل تقنية المثاقفة بالنظير على أرض الواقع.
وهذا ما يؤكده المسرحي المغربي عبداللطيف فردوس الذي قدم العديد من الورشات للمسرحيين الشباب في المغرب.
منتوج وامتداد
يقول فردوس “إذا انطلقنا من أن الورشات المسرحية هي حصص تدريبية غير أكاديمية لنقل المعرفة والمهارات المسرحية، بشكل تفاعلي، فإنني أعتبرها ضرورية بل حيوية في الدول التي يقل فيها عدد المعاهد العليا للمسرح والتنشيط الثقافي، فمثلا في المغرب توجد أقاليم كثيرة تفتقر إلى مثل هذه المراكز التدريبية، سواء التي تمتد فيها الدراسة والتكوين بعد البكالوريا إلى أربع سنوات كالمعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي، أو معاهد يقتصر فيها التكوين على سنتين أو أقل، وهو تكوين يمنح المستفيد منه صفة المحترف ويؤهله إلى ممارسة المسرح كمهنة حسب التكوين الذي تلقاه”.
ويضيف “لملء هذا الفراغ البنيوي والهيكلي تبادر مجموعة من الفرق وأساتذة المعهد العالي ومدرسو التعليم الفني والفعاليات المسرحية إلى محاولة سد هذا الفراغ، بتنظيم ورشات لفائدة الراغبين في تلقي مبادئ الفن المسرحي. وممارسته في إطار الهواية”.
ويشير إلى أنه حسب تتبعه فإن مواضيع أو محاور هذه الورشات تختلف حسب المكون، فإن كان أكاديميا قادما من الكليات يكون الشق النظري طاغيا، وإن كان ممارسا محترفا أو أستاذا بمعهد تكوين يصبح الشق التطبيقي العملي هو الأساس في الاشتغال، بل إن بعض الورشات التي لا يؤطرها أساتذة التعليم الفني تصبح عبارة عن “ماستر كلاس” أو لقاءات لنقل تجربة المؤطر أكثر منها ورشة لحرفية المهنة أو مختبرا.
ويتابع “كما أنني لاحظت أن أغلبية الورشات، ربما لعوامل موضوعية، تخصص غلافا زمنيا ضيقا، ممّا يحولها إلى مجرد جلسات للتعريف أو التحسيس بالموضوع. فمثلا غالبا ما يتم الإعلان عن تنظيم ورشة لتكوين الممثل في نهاية الأسبوع بحصص لا تتجاوز 8 ساعات، وقس على ذلك، مما يدفع إلى طرح سؤال الجدوى من هكذا ورشات، وعن الضرر الذي يمكن ان تحدثه على المشاركين وعلى قدسية الفعل المسرحي وأهميته، وتسقط التكوين في خانة الاستسهال. كما أن العديد من الورشات لا تنتبه إلى ضرورة أن يكون لها منتوج وامتداد، لذا فبعضها لا يمكن أن يسمى ورشة”.
الورشات والشباب
يقول فردوس “لأكون عمليا سأستعرض مثالين لورشتين أشرفت على تأطيرهما في كتابة المسرحية القصيرة الأولى بتنظيم من المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بجهة مراكش آسفي، والثانية بمبادرة من النادي الثقافي لسلطنة عمان. أطرح التجربتين، لا لتكونا نموذجا، ولكن لتخلقا تفاعلا بين مؤطري الورشات ومنظميها، فيبادرون إلى عرض تجاربهم لتعم الفائدة”.
يذكر المسرحي المغربي أولا ورشة قطب المواطن المحاميد بمراكش والتي جاءت بعنوان “المسرحية القصيرة والمونودراما من الكتابة الى العرض”، وقد نظمتها المندوبية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، في إطار برنامج تكويني عام تظافرت فيه جهود الجماعات المحلية المنتخبة بتهييء البنية التحتية الملائمة، وجهود المديرية الجهوية التي وفرت الموارد البشرية منها أستاذ التعليم الفني الفنان محمد الورادي الذي وضع بتنسيق مع مصلحة الشؤون الثقافية بالمديرية برنامجا طويلا للتكوين يمتد لسنوات.
ويقول “لقد شكلت ورشة المونودراما والمسرحية القصيرة محورا من محاور هذا البرنامج. وباستعراض الغلاف الزمني وإنتاجات الورشة سيتوضح أكثر ما عنيته بالإنتاج. امتدت الورشة من21 – 12 – 2022 إلى 18 – 03 – 2023 بحصيلة رقمية لعدد الساعات وصلت 46 ساعة، دون احتساب حصص التواصل عن بعد والتي كانت تتم بشكل فردي مع كل مشارك من الشابات والشباب البالغ عددهم العشرين، وهنا أضع البنط العريض أسفل رقم المشاركين الذي تم تحديده في 20 وهو أعلى رقم يحتمله التكوين في ورشة. وأسجل ملاحظة إيجابية هي أن المجموعة انطلقت بـ20 ولم ينسحب أيّ واحد رغم أن الالتزام كان أخلاقيا فقط. أنتجت الورشة 17 نصا مسرحيا قصيرا، قام بإخراجه المستفيدون من الورشة لتنتهي مرحلة الإنتاج والتي أسمّيها ‘الحصيلة‘ وتبدأ مرحلة الامتداد وهي ترويج العرض حيث سيشارك في مهرجان مراكش الذي تنظمه فرقة ‘فانوراميك’ في شهر ماي المقيل بمناسبة اليوم الوطني للمسرح”.
أما الورشة الثانية “ورشة النادي الثقافي بمسقط” فقد جاءت بمبادرة من الدكتورة عزة القصايبي عضوة النادي، وبتأطير من عبداللطيف فردوس والأكاديميين سعيد السيابي وسمير العريمي. حصيلة الورشة 11 نصا وامتدادها هو أن 4 فرق مسرحية مغربية شبابية ستشارك في مهرجان مراكش للمسرحية القصيرة بنصوص أنتجت في هذه الورشة. كما أنه تم نشر نصين بموقع الفرجة الإلكتروني الذي يوجه له فرودس الشكر بهذه المناسبة.
من الصعب الاتفاق على تعريف موحد للشباب، وتعود هذه الصعوبة إلى اختلاف الباحثين في التفكير والأيديولوجيات وإلى تباين الأهداف والمعايير
ويؤكد فردوس أنه من الصعب الاتفاق على تعريف موحد للشباب، وتعود هذه الصعوبة إلى اختلاف الباحثين في التفكير والأيديولوجيات وإلى تباين الأهداف والمعايير التي يتم اعتمادها خاصة في علم السكان وعلم النفس وعلوم الاجتماع.
ويضيف “توصيف الشباب إشكالية علمية كبيرة، إذ يختلف الباحثون في مختلف دول العالم في تحديد هذه الفئة العمرية. ففي باكستان مثلا يحددونها بين 10 و15 سنة، وفي الفلبين من 15 إلى30 سنة، وفي تايلاند من 1 إلى 25 سنة، أما خبراء اليونسكو فيحصرونها ما بين 15 و24 سنة، وهناك من يحددها في سن المراهقة من 13 إلى 21 سنة. وآخرون يقسمونها إلى قسمين: الأول من 14 إلى 18 سنة وفترتها الثانية إلى 27 سنة. أما التعريف العالمي للشباب وهو تعريف اعتمدته كذلك جامعة الدول العربية سنة 1969 فيحدد هذه الفئة ما بين 15 و25 سنة. لذلك أخضع للمعيار الذي تضعه الجهة المنظمة للورشة. أما بالنسبة إليّ ككاتب مسرحي فإنني أعتمد التصنيف الذي يعتمد على الأجيال ليس بمعناه التقليدي 25 سنة، ولكن بتصنيفها العالمي المتفق عليه وهو ‘جيل الطفرة‘، ‘جيل X‘، ‘جيل Y‘، ‘جيل Z‘”.