الهويات الرقمية تهدد بعمليات قتل مستهدفة

خبراء يرون أن تتبع مكان البعض هو أكثر الأخطار شيوعا، ويعرض التطبيق للمستخدمين تحديد مكان تواجدهم كخدمة يختارونها كلما كتبوا منشورا أو استعملوا برنامج المحادثات.
الاثنين 2019/07/01
تتبع مكان البعض قد يكون أكثر الأخطار شيوعا

يعيش العالم عصر الطائرات دون طيار، القادرة على أداء المهمات الذاتية من دون أن تكون خاضعة لتوجيه “طيار” على الأرض، فبإمكانها التحليق منفردة أو في مجموعات تضم المئات أو ربما الآلاف منها، وقد تشكل أسراب هذه الطائرات قوة جماعية فتاكة في ساحة المعركة، غير أنها لن تكون بمثل القنابل الموجهة التي قد تنفجر في حضور أشخاص لهم صفات جسدية معينة، وهو تطور غير متاح حاليا إلا أنه يثير مخاوف الخبراء، في وقت لم يعد فيه الناس يترددون في الكشف عن الكثير من تفاصيل حياتهم على الإنترنت.

وهكذا تصبح لجميع مستخدمي الإنترنت والأجهزة والخدمات التكنولوجية دلالة هوية رقمية، من السهل على المطورين والإرهابيين الوصول إليها واستغلالها في صناعة قنابل وأسلحة ذكية أكثر كفاءة في عمليات القتل المستهدف.

ويرى الخبراء أن تتبع مكان البعض هو أكثر الأخطار شيوعا، ويعرض التطبيق للمستخدمين تحديد مكان تواجدهم كخدمة يختارونها كلما كتبوا منشورا أو استعملوا برنامج المحادثات. في عام 2017 سربت بيانات شخصية حساسة لحوالي 200 مليون مواطن أميركي عن طريق الخطأ على يد شركة تسويق متعاقدة مع اللجنة الوطنية الجمهورية.

الشركة الأميركية النمساوية (بيوماك) تعكف على تطوير نظام من المقرر أن يعتمد على مجسات بصرية لرصد البيانات البيولوجية وتثبيتها تحت جلد المستخدم حتى يحدد السلاح مالكه الحقيقي

ونال التسريب من حوالي 1.1 تيرا بايت من البيانات، التي تتضمن تواريخ الميلاد وعناوين السكن وأرقام الهواتف والآراء السياسية الخاصة بحوالي 62 بالمئة من السكان في الولايات المتحدة.

واكتشف تسريب هذا الكم الهائل من البيانات محلل التهديدات الإلكترونية كريس فيكي في مؤسسة “أبغارد”. ويبدو أن هذه البيانات جمعت من مجموعة محظورة من الحسابات على شبكة التواصل الاجتماعي “ريديت” خاصة باللجان المسؤولة عن توفير تمويلات جديدة للحزب الجمهوري.

وبخلاف البيانات الشخصية، تضمنت البيانات معلومات عن الانتماءات الدينية والعرقية والميول السياسية ومواقف المواطنين من قضايا مثل فرض حظر على حمل السلاح والحق في الإجهاض وأبحاث الخلايا الجذعية. وتشير أسماء الملفات والأدلة الإلكترونية إلى أن البيانات كانت معدة لاستخدام منظمات مؤثرة تابعة للحزب الجمهوري.

وكتب دان أوسيوليفان على إحدى المدونات الإلكترونية على موقع بلوغسبوت أن “القدرة على جمع وتخزين المعلومات دون اتخاذ تدابير أمنية لحمايتها تثير تساؤلات حول المسؤولية الواقعة على عاتق الشركات الخاصة والحملات السياسية تجاه هؤلاء المواطنين الذين  تستهدفهم تلك الحملات عبر عمليات تحليل بيانات متقدمة ومعقدة”.

ومع التطور السريع للذكاء الاصطناعي وتقنية التعرف على الوجوه، هناك قلق متنامي حيال إمكانية استخدام الهويات الرقمية لأغراض إجرامية، تتضمن عمليات انتحال الشخصية، أو التهديد لأرواح الناس، خاصة من يتبنون وجهات نظر سياسية أو دينية مختلفة.

وأكدت الأميركية جودي وليامز، الفائزة بجائزة نوبل للسلام عام 1997 عن قيادتها لحملة حظر الألغام التي تستهدف الجنود، أن الأنظمة المستقلة التي تخضع للتطوير حاليا، ستكون قادرة على إطلاق قوة فتاكة.

وشددت وليامز على ضرورة تغيير عبارة “أنظمة الأسلحة المستقلة” حيث تعرفها بأنها “أسلحة فتاكة ويمكنها الاضطلاع بمهام القتل من تلقاء نفسها دون أي تدخل بشري في القرار”. وأضافت “عندما علمت بذلك أول مرة، انتابني شعور بالفزع الشديد، فمجرد تصور فكرة ابتكار الإنسان آلات يمكنها أن تنطلق لتقتل إنسان أخر، فكرة أراها تثير الاشمئزاز”.

غير أن رونالد اركين المختص في صناعة الروبوتات لدى معهد جورجيا للتكنولوجيا لديه رأي مخالف، فهذه الأسلحة لا تتطلب وضع الإنسان يده على الزناد، بل ستتم برمجتها لتتوافق مع القوانين الدولية للحرب وقواعد الاشتباك. وأضاف “نحن بحاجة لتكنولوجيا تستخدم لمعالجة قضايا الحد من سقوط ضحايا في صفوف غير المقاتلين في ساحات القتال”.

لكن الخبراء تساورهم مخاوف كبيرة من المخاطر التي قد يتسبب فيها الإفراط في استخدام التكنولوجيا، وخصوصا إذا تم توظيف بيانات الناس من قبل الإرهابيين، واستغلت في صناعة قنابل وأسلحة ذكية تستهدف أشخاصا بعينهم. وكان تقرير سابق أعدته الأكاديمية الملكية للهندسة بلندن قد حذر من تآكل الخصوصية الفردية بسبب التكنولوجيا.

قلق متنامي حيال إمكانية استخدام الهويات الرقمية لأغراض إجرامية
قلق متنامي حيال إمكانية استخدام الهويات الرقمية لأغراض إجرامية

وقال عالم الاجتماع البريطاني نايجل غيلبرت -الذي شارك في إعداد التقرير- إن الهدف ليس هو الترهيب بل توضيح المخاطر الناجمة عن تداخل التكنولوجيا الجديدة مع الحياة الخاصة للأفراد. ويقترح التقرير أن يعمل المهندسون والأفراد والحكومات جديا من أجل جعل الحياة أكثر أمنا، بدل القبول بأن تتآكل الخصوصية الفردية بسبب التكنولوجيا.

ويبدو أن فكرة السلاح الذكي ليست بجديدة، بل تعود إلى سبعينات القرن الماضي، وكانت الأسلحة النارية الذكية القديمة مثل ماغنا تريغر (مسدس) تتسم ببساطة التصميم. ويتكون ماغنا تريغر من مغناطيس مثبت داخل المقبض تكمن وظيفته في إغلاق الزناد بحيث لا يمكن تشغيله إلا بواسطة قوى مغناطيسية مضادة، والتي تنتج عن شيء يشبه الخاتم يرتديه مستخدم السلاح.

أما حاليا، فيتوفر في السوق عدد محدود من الأسلحة النارية الذكية، ولكن هناك نسخ تجريبية كثيرة لأسلحة من هذا النوع مازالت تخضع لعمليات تطوير مثل السلاح الناري من طراز كولت، وموسبرغ، وتريغرسمارت، وميتال ستورم الذي تصنعه شركة أسترالية.

ويتوقع الخبراء أسلحة أكثر تطورا وفتكا مستقبلا، وتعكف الشركة الأميركية النمساوية (بيوماك) في الوقت الراهن على تطوير نظام من المقرر أن يعتمد على مجسات بصرية لرصد البيانات البيولوجية وتثبيتها تحت جلد المستخدم حتى يحدد السلاح مالكه الحقيقي.

وفي حال عدم قدرة الجهاز على التعرف على الشخص الذي يحمله من خلال بياناته، لن يطلق المسدس النار. وتزعم الشركة أن المسدس سوف يمكنه التعرف على عدد من المستخدمين، لا مستخدم واحد فقط.

12