الهند تضرم النار مجددا في حرب لم تخمد بكشمير

تشابه بين خطوة رئيس الوزراء الهندي لدمج إقليم كشمير في بقية الهند، وبين قرار بوريس جنسون إلغاء بند {شبكة الأمان} الخاص بالحدود الأيرلندية.
الأربعاء 2019/08/07
بريكست يلقي بظلاله في كشمير

نيودلهي – واصلت الهند فرض إجراءات أمنية مشددة في كشمير، الثلاثاء، بينما تستعد الغرفة الأدنى بالبرلمان “بيت الشعب” لإقرار مشروع قانون يلغي الوضع الخاص للمنطقة المتنازع عليها وسط غضب من جانب باكستان، التي تؤكد أن المنطقة المتنازع عليها كلها تتبعها.

وكان حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قد دفع قدما باتّجاه إصدار مرسوم رئاسي يلغي الوضع الخاص لولاية جامو وكشمير (شمال)، الذي كان يكفله الدستور الهندي منذ 1947.

ويربط متابعون الخطوة التصعيدية من قبل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، التي تعد بمثابة مقامرة جريئة لإنهاء تمرد مسلح بدأ قبل ثلاثة عقود ودمج الإقليم في بقية الهند، بقرار رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جنسون إلغاء بند “شبكة الأمان” الخاص بالحدود الأيرلندية. وكلاهما يقودان حكومة محافظة ويتنميان إلى أحزاب قومية ويؤيدان التوجهات الانعزالية، لذلك بدت قراراتهما غير مبالية باتفاقات دولية سابقة عملت على تسوية نزاعات شائكة من بينها قضية أيرلندا الشمالية وإقليم كشمير.

ورغم أن بعض المراقبين يقارنون ما يحدث من تصدع متجدد بخصوص أزمة كشمير بأزمة أيرلندا الشمالية خاصة أن القضيتين متشعبتين منذ عقود، فإن البعض الآخر يعتبر أن لكل قضية خصوصياتها وهو ما يطرح تساؤلات حول التشابه بينهما.

ودفعت دعوة جونسون إلى إعادة بناء الحدود بين الأراضي البريطانية وأيرلندا الشمالية، وجمهورية أيرلندا المجاورة، الاتفاق الذي طال أمده إلى حالة من الفوضى. وهي خطوة مماثلة لدعوة مودي بإلغاء الوضع الخاص بإقليم كشمير.

وكان الغرب يبيع الميثاق في جميع أنحاء العالم على أنه نموذج لتسوية نزاعات أخرى، كإقليم جامو وكشمير، بين الهند وباكستان.

ويكمن التشابه بين قضيتي أيرلندا الشمالية، وإقليم جامو وكشمير، في أن البروتستانت المعارضين للانفصال كانوا مدعومين من المملكة المتحدة، والكاثوليك الذين خاضوا حربا دموية تحت راية الجيش الجمهوري الأيرلندي كان لديهم دعم ضمني من جمهورية أيرلندا، التي كانت تضمر رغبة في الأمة الأيرلندية الكبرى.

وحتى بعد مرور 20 عاما على الاتفاق، يقف المجتمعان منفصلين، حيث توجد مدارس وسكن ونواد وأنشطة ثقافية منفصلة، وفي الواقع كل شيء منفصل، فانعدام الثقة عميق إلى درجة أن مقبرة المدينة مقسمة والجدار (الفاصل) يمر تحت الأرض، لمنع حتى موتى المُجتمعَين من “التلاقي”.

لكن ثمة مؤشرات واضحة على السلام أيضا، حيث ذكر ساتيش كومار، وهو مدرس من أصل هندي بجامعة “كوينز” المشهورة عالميا في مدينة بلفاست، أن المنطقة اعتادت على أن تكون مليئة بالشكوك.

ويؤكد الخبراء في الهند وباكستان، أن جزءا كبيرا مما يسمى بـ”صيغة” الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف، لتسوية قضية كشمير كان يستند إلى اتفاق “الجمعة العظيمة أو اتفاق بلفاست”.

وفي هذا الصدد، أقر خورشيد محمود قصوري، الذي كان وزيرا لخارجية باكستان في عهد مشرف، بأنه تم استخلاص دروس من عملية السلام في أيرلندا الشمالية أثناء صياغة خطة تسوية لقضية كشمير.

وقال قصوري إن مستشار الأمن القومي الباكستاني طارق عزيز، ووزير الخارجية، رياض محمد خان، آنذاك أجريا مناقشات استمرت أكثر من 200 ساعة مع ساتيندر لامبا، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء الهندي السابق، مانموهان سينغ من عام 2003 إلى عام 2008.

Thumbnail

وأكد قصوري، أن المحاورين الهنود والباكستانيين عقدوا أكثر من 30 اجتماعا في دبي، وكاتماندو لصياغة خطة من تسع نقاط تشبه إلى حد ما اتفاقية “الجمعة العظيمة”.

وكانت الصيغة المكونة من تسع نقاط؛ تشمل الحد من العنف من خلال التحكم في تحركات المسلحين عبر الحدود وتفكيك البنية التحتية للإرهاب، ونزع السلاح والحكم الذاتي وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتوقيع معاهدة سلام وأمن وصداقة بعد معالجة القضايا العالقة إلى جانب نقاط أخرى.

وقال لامبا إن مانموهان سينغ، كلفه بالعمل على جعل الحدود غير ذات صلة بالقضية، وتمكين التجارة والاتصالات والتواصل وتنمية الشعب الكشميري من كلا الجانبين، وإنهاء دورة العنف دون إعادة رسم الخارطة أو تبادل السيادة.

من جانبه، حذر السناتور الأميركي السابق جورج ميتشل، الذي كان له دور فعال في صياغة اتفاق 1998، من أن أي تراجع عن الاتفاق ربما يؤجج عودة العنف في أيرلندا الشمالية.

وقال إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي سيؤدي إلى إقامة مراكز جمركية على الحدود، ليس من مصلحة أحد.

وأضاف في تصريحات لصحيفة “أيريش نيوز” ومقرها بلفاست، أن “الحدود الصارمة بين أيرلندا وأيرلندا الشمالية ستضر كليهما”.

وعلى غرار الحوار الحالي بين الولايات المتحدة وحركة طالبان لإحلال السلام في أفغانستان، أعطت عملية أيرلندا الشمالية درسا مهما للعالم منذ وقت طويل، مفاده أنه بينما تستطيع الحكومات التعايش مع المعتدلين وإشراكهم في المناقشات، فإن المتطرفين وحدهم في نهاية المطاف هم الذين يجعلون الاتفاقات تصمد.

والمشكلة الوحيدة مع الحكومات والشعوب في جميع أنحاء العالم هي أن ذاكرتهم قصيرة العمر، وأنهم يميلون إلى تكرار السير على الدروب المعهودة، والبدء في إعادة رسم الدائرة من جديد.

6