الهجوم على المنشآت السعودية يهدد شرايين الاقتصاد العالمي

تراجعت حدّة التوتر الذي أحدثه الهجوم بطائرات مسيرة على أكبر منشآت تصدير النفط السعودي السبت، بعد جهود الرياض لطمأنة الأسواق، التي تنتظر انطلاق التعاملات اليوم لمعرفة تأثير الهجوم على الأسعار.
الرياض - أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن الرياض ستلجأ إلى استخدام مخزوناتها النفطية الكبيرة لتعويض زبائنها، بعد الهجوم الذي استهدف السبت، منشأتين نفطيتين رئيسيتين في البلاد.
وقال محللون، بعد وقوع الهجوم على منشآت أبقيق وخريص، إن أسعار النفط يمكن أن تقفز عند عودة التعاملات إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، لكنّ التطمينات السعودية، أعادت الكثير من الهدوء للأسواق.
وكان وزير الطاقة السعودي قد أشار إلى أن الهجوم أدى إلى توقّف عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص بشكل مؤقّت. وحسب التقديرات الأولية، فقد أدى الهجوم إلى توقّف كمية من الإمدادات تقّدر بنحو 5.7 ملايين برميل يوميا؛ أي أكثر من نصف إنتاج أرامكو.
وأوضح أن الهجوم أدى أيضا إلى توقف إنتاج كمية من الغاز المصاحب تقّدر بنحو 2 مليارات قدم مكعب يوميا، تُستخدم لإنتاج 700 ألف برميل من سوائل الغاز الطبيعي، وهو ما سيؤدي إلى تخفيض إمدادات غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي بنسبة تصل إلى نحو 50 بالمئة.
33 يوما تمكن للمخزونات السعودية تعويض إنتاج المنشآت في أسوأ السيناريوهات
وتشير أرقام مبادرة البيانات المشتركة للدول المنتجة للنفط “جودي” إلى أن المخزونات النفطية السعودية في الداخل والخارج بلغت نحو 188 مليون برميل في نهاية يونيو الماضي.
وباحتساب أسوأ سيناريوهات نقص الإنتاج نتيجة الهجوم، وهو توقف ضخّ جميع النفط من تلك المنشآت والبالغ 5.7 مليون برميل يوميا، فإن تلك المخزونات ستكون كافية لتعويض ذلك النقص لمدة 33 يوما.
وتتوزع المخزونات السعودية الاحتياطية بين مواقع داخل البلاد وأخرى في مصر واليابان وهولندا. وقد عمدت الرياض إلى خفضها في السنوات الماضية، بعدما وصلت إلى 330 مليون برميل أواخر عام 2015.
وأعلن المتمرّدون الحوثيون المدعومون من إيران المسؤوليةَ عن الهجمات. لكن واشنطن وجّهت أصابع الاتهام مباشرة إلى طهران فيما وصفته بـ”الهجوم غير المسبوق على إمدادات الطاقة العالمية”. وشكّكت في انطلاق الطائرات المسيرة من اليمن.
وأدت الهجمات إلى انخفاض إمدادات النفط العالمية بنسبة 6 بالمئة. ولم يتضح بعد الحجم الفعلي للأضرار أو الفترة التي سيستغرقها إصلاح المنشأتين، ولكن المحللين حذّروا من أن عدم توفّر المعلومات سيزيد من تكهنات المتعاملين في السوق.
وقال خبير الطاقة روبرت رابيير إن “أسوأ الاحتمالات لرفع الأسعار إلى مستويات أعلى، هو وقوع حادث يتسبّب في توقف إنتاج كمية كبيرة من النفط في السعودية”.
وأضاف أن السعوديين “إذا استطاعوا إعادة الإنتاج بسرعة كبيرة، أو استطاعوا على الأقل طمأنة الأسواق، وفي مقدورهم ذلك، فربّما لا نشهد ارتفاعا كبيرا في الأسعار”.
وفي مسعى إلى تهدئة الأسواق، أكد الرئيس التنفيذي أمين ناصر لِأرامكو أن العمل جار لاستئناف الإنتاج بطاقته الكاملة. وذكرت وكالة بلومبرغ أن أرامكو تتوقّع استئناف معظم العمليات “خلال أيام”.
وقالت ايلين وولد مؤلفة كتاب “الشركة السعودية” إن لدى الرياض “كميات كبيرة من النفط المخزّن تلبية لطلب المستهلكين. لا أعتقد أن أرامكو ستخسر أموالا بسبب ما حدث”.
وأوضحت أن أرامكو “ليست شركة مضطرة لضخّ النفط وبيعه لتوفير رواتب موظفيها مثل شركات النفط الصغيرة”.
وقد بنت الرياض 5 منشآت تخزين ضخمة تحت الأرض في مناطق عدة من البلاد، قادرة على استيعاب عشرات ملايين البراميل من المنتجات البترولية المكررة على أنواعها والتي يمكن استخدامها في أوقات الأزمات.
ويستبعد مراقبون أن تعيق الهجمات عملية طرح جزء من أسهم مجموعة أرامكو للاكتتاب العام الأولي، لكنها يمكن أن تقوّض ثقة المستثمرين في الاكتتاب الضخم، الذي تأمل الحكومة السعودية أن تجمع من خلاله 100 مليار دولار. كما يمكن أن تؤثر على قيمة الشركة.
وقال أيهم كمال، المحلّل في مجموعة يوراسيا، إن “ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سيدفع الشركة لتثبت أنها تستطيع أن تتغلب بشكل فعّال على تحديات الإرهاب أو الحرب”.
وبخلاف دول نفطية كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا التي تعتمد على العديد من الشركات المنتجة المنتشرة على بقع جغرافية شاسعة، فإن إنتاج النفط السعودي يعتمد على كيان واحد هو أرامكو.
ويرى محللون أن ذلك يعني أن أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم، أكثر عرضة لوقف الإنتاج في حال تعرّضها لهجوم.
ويقول تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومقرّه واشنطن، إن منشأة أبقيق، التي تعتبر جوهرة التاج في البنى التحتية السعودية والتي تزيد قدرتها على سبعة ملايين برميل يوميا، هي أكثر المنشآت السعودية “هشاشة” بسبب قربها من منطقة التوتر في الخليج العربي.
وعاد الهدوء نسبيا أمس إلى البورصة السعودية لتغلق على انخفاض بنسبة 1 بالمئة بعد أن تراجعت بشكل كبير في بداية التعاملات، الأمر الذي يؤكد تراجع حدّة المخاطر.