النهضة تحشد أنصارها في "سفينة نوح"

تصريح جديد لزعيم حزب حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي شبّه فيه حزبه بسفينة نوح يثير جدلا وتهكما واسعين.
تونس - لا أحد يعرف مكان سفينة نوح، لكن يبدو أن زعيم حزب حركة النهضة الإسلامية في تونس راشد الغنوشي يعرف، إذ أكد أن “النهضة هي سفينة نوح”. وقال الغنوشي إن “التونسيين يريدون النهضة من جديد، نهضة قوية ومتجددة ومتقدمة، حتى تقيم عدل الله في الأرض”. وأضاف في كلمة ألقاها خلال اجتماع عقده بأنصار الحركة في محافظة سوسة مساء السبت، “النهضة كما وصفها الفيلسوف التونسي أبويعرب المرزوقي هي سفينة نوح التي أنقذت تونس بالأمس، ومازالت البلاد في حاجة لها لإنقاذ الشعب”.
وقابل مستخدمو فيسبوك تصريح الغنوشي بموجة سخرية. وقالت معلقة:
ودافع معلقون عن شيخهم فكتب أحدهم:
فراس عبدالله
معناها سفينة سيدنا نوح هزت كان حيوانات؟ يسلم قرايتك.
وأجابت صاحبة الحساب:
Sarroura Libre
هزت العايلة فقط أولاده وزوجاتهم وبارشا (كثير) حيوانات… كان عندك معلومة أخرى على الرحلة هاتها.
وانخرط معلقون في النقاش فكتب معلق:
Mohamed Ben Moussa
ومن كل زوجين اثنين… المهم الأغلبية كائنات غير عاقلة.. والأهم اركبوا أنتم السفينة واندهوا (اذهبوا) فدينا (سئمنا) منكم ومن تبلعيطكم (مكركم).. 8 سنين كذب وتكالب على السلطة.. خلي يهزنا الطوفان المهم رتحونا من وجوهكم.
وقال آخر إن:
Mohamed Ajmi
النهضة سفينة للحراقة (للمهاجرين غير الشرعيين).
واعتبر معلق في نفس السياق:
Marwen Arbi
النهضة حتى شقف حرقة ما جاتش.. والشيخ ردها سفينة نوح!
واقترح البعض على الغنوشي القول بأن النهضة هي سفينة تيتانيك.
والغنوشي مرشح للانتخابات التشريعية المقررة الشهر القادم على رأس قائمة “تونس1” ويسعى إلى ترأس البرلمان. وكان لافتا أن مناصرين سابقين للنهضة قابلوا تصريحات الغنوشي بانتقادات لاذعة، بعدما كانوا في خط الدفاع الأول عن “شيخهم”.
وكتبت معلقة:
Houda Ben Ouaghram
كان جاء فالح راهو من البارح (لو كان ناجحا لنجح أمس) وبقيتم كان تبيعوا في الريح للمراكب. مع السلامة.
وكتب آخر:
Mahmoud Souissi
أعطيناكم كم من فرصة للتدارك إنما خاب الظن فيكم فلم نعد نثق فيكم أصحاب الوعود الكاذبة.
واعتبر معلق:
Maher Daoudi
في هال 9 سنين فاش كنتو تعملو مالة (طيلة 9 سنوات ماذا كنتم تفعلون إذن)؟ ههههه علاه (لماذا) بش (كي) تزيدنا أعوام عجاف آخرين؟ السماح يزي فدينا (مللنا) مالوجوه كان كلام… سيبوها (اتركوا) تونس تو تتصلح وحدها وحدها (بنفسها).
ويسعى الغنوشي جاهدا إلى التسويق لحركة النهضة مجددا وسط أنصارها التي خسرتهم. وبعد حصولها على 1.5 مليون صوت في الانتخابات التشريعية عام 2011، ثم 900 ألف في انتخابات 2014، حصلت النهضة على نصف مليون صوت فقط في الانتخابات البلديّة التي جرت عام 2018؛ فيما حصلت في الانتخابات الرئاسية الماضية على أٌقلّ من 400 ألف صوت لمرشحها في الانتخابات الرئاسية عبدالفتاح مورو في مؤشّر على تراجع شعبيتها بصورة قويّة منذ عام 2011.
وتسعى النهضة بمختلف الطرق إلى محاولة ترميم صورتها، خاصة على موقع فيسبوك الذي يستخدمه أكثر من 7.6 مليون شخص. ويمثل الشباب الذين أعمارهم أقل من 35 سنة، 59 بالمئة من جملة مستعملي فيسبوك في تونس وهم أيضا يمثلون قاعدة انتخابية واسعة. ويؤدي فيسبوك دورا كبيرا في صناعة الرأي العام التونسي، فضلا عن دوره في تحريك الشارع، قبل أن تحوّله ميليشيات الأحزاب الإلكترونية إلى ساحة لخوض معارك افتراضية لا تنتهي.
وسبق أن تم اتهام حركة النهضة بتجنيد ميليشيات إلكترونية على فيسبوك، كي تقوم بتلميع صورة النهضة وتشويه صورة خصومها السياسيين.
وتأتي صفحة الغنوشي على فيسبوك في المرتبة الثالثة ضمن صفحات السياسيين الأكثر متابعة. وتنشر هذه الصفحة مختلف تصريحات الغنوشي والبيانات الرسمية الصادرة عن حركة النهضة.
ويؤكد مراقبون أن ميليشيات النهضة الإلكترونية منضبطة ومنظمة، لكنها تلقى مقاومة شرسة في أوساط التونسيين الذين لم تعد تنطلي عليهم خطابات الحركة الإسلامية.
يذكر أن فيسبوك يمثّل ساحة معركة حامية الوطيس في تونس، خاصة الانتخابات تٌدار خيوطها أساسا داخل غرف عمليات مُعتمة بعيدة عن الأنظار.
ويعاني خطاب فيسبوك من سقوط مريع، لكن خبراء يقولون إنه مرآة عاكسة لقاموسنا التواصلي اليومي. ويتكوّن فضاء فيسبوك في تونس وفق مراقبين من أصناف عديدة، حيث يعدّ الصنف الأول من أصحاب حسابات وصفحات حقيقية بصدد إدارة نقاش سياسي راق مع أصدقائهم ومعارفهم.
فيما يتكوّن الصنف الثاني من الصفحات الرسمية للشخصيات المرشحة، في عمومها تفتقر إلى الاحترافية في التسويق الانتخابي.
أما الصنف ثالث فيتشكّل من كتائب فيسبوكية تعمل للحساب الخاص، تنضبط لجهات حزبية أو مراكز نفوذ بعينها، تنتهج في معظمها تكتيكات التوجيه والتشكيك الرخيص في سمعة خصومها السياسيين.
ويتألّف الصنف الرابع من كتائب الكترونية تعمل لحساب الغير، نجومها مجموعات من المرتزقة المأجورين، تشتغل وفق قاعدة من يدفع أكثر.
أما الصنف الخامس والأخير فيُوفر الحاضنة والرافعة الحقيقية لمختلف الكتائب فيسبوك، يتكوّن من جموع الفيسبوكيين العاديين الذين بحكم ضعف ثقافتهم الرقمية يساهمون عبر آليات الإعجاب والمشاركة في تحقيق الانتشار الأوسع للأخبار الزائفة.
ويقول الخبير الاستراتيجي لطفي بالهادي بأن الظاهر أنّ البيئة المجتمعية التونسية مهيأة أكثر من غيرها لتحقيق اختراق فيسبوكي غير مسبوق قد يُغيّر وجهة الانتخابات بالكامل.