النقابات المغربية تنتزع زيادة في الأجر من القطاع الخاص

الرباط - قرر الاتحاد العام لمقاولات المغرب، (تجمع رجال الأعمال)، الامتثال لمطالب المركزيات النقابية التي هددت بالانسحاب من جولة الحوار الاجتماعي، بسبب تنكره (التجمع) للزيادة الثانية المقررة في الحد الأدنى للأجور، خلال شهر سبتمبر الجاري، وذلك تنفيذا للاتفاق الثلاثي الذي تم توقيعه بين النقابات وجمعيات أصحاب الأعمال والحكومة في أبريل من العام الماضي.
وتنص هذه الاتفاقية على زيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة 10 في المئة، وذلك بعد تنفيذ الزيادة الأولى بنسبة 5 في المئة في سبتمبر 2022. وأكد شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، خلال ندوة صحفية عقدها، أن "الشركات التي تنتمي إلى الاتحاد ستنفذ الزيادة الثانية بنسبة 5 في المئة في الحد الأدنى للأجور بمجرد نشر المرسوم بعد موافقة مجلس الحكومة”، قائلا إن "مزاعم الابتزاز التي وردت في بيانات بعض النقابات غير مبررة".
ويترقب العمال زيادة مماثلة خلال الشهر الحالي. ويفترض أن ينتقل الحد الأدنى للأجور في الصناعة والتجارة والمهن الحرة وفق نسبة الـ10 في المئة المقررة من 285 دولارا في الشهر إلى 312 دولارا.
ويحدد الحد الأدنى للأجر في القطاع الزراعي على أساس أجر يومي، حيث لا يتعدى بعد الزيادة المطبقة في سبتمبر الماضي (220 دولارا في الشهر)، حيث يراد توحيده مع الحد الأدنى في القطاعات الأخرى.
ورفضت النقابات ما أسمته بـ"الابتزاز والمساومة التي مارستها قيادة الاتحاد العام لمقاولات المغرب" مقابل تمرير "أكبر القوانين في عالم الشغل"، بعدما ربط شكيب لعلج الأمر بإدخال تعديلات على مدونة الشغل لتسهيل عملية تسريح العمال والمصادقة على القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب (قانون العمل).
وأكدت نقابة الاتحاد المغربي للشغل أنها ترفض ابتزاز تجمع رجال الأعمال، بمقارنتها صرف النصف الثاني الذي لا يتجاوز بضعة دريهمات بتمرير أكبر القوانين في عالم الشغل، (قانون الإضراب) ومراجعة 32 فصلا من مدونة الشغل كلها لطرد الأجراء لأسباب واهية.
ودعا رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى عقد اجتماع ثلاثي مستعجل بين النقابات وتجمع رجال الأعمال ووزارة الشغل، لحل هذه المسألة، وهو الاجتماع الذي تواصلت فيه المفاوضات لساعات حتى توصل خلالها الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى ضرورة الالتزام بالاتفاق والزيادة في الحد الأدنى للأجور.
ويدعو الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى مراجعة قانون العمل بما يضفي عليه نوعا من المرونة، إذ يعتبر رجال الأعمال أن "أحكام القضاء تكون في غالب الأحيان لفائدة العمال"، ويطالبون بتبني قانون ينظم الإضرابات، ما يحدّ منها.
وكان ميثاق الحوار الاجتماعي الذي وقعته الحكومة مع النقابات الأكثر تمثيلا والاتحاد العام لمقاولات المغرب، في أبريل الماضي، قد ضم من بين التزاماته "العمل على إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب إلى حيز الوجود".
وأكد الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل الميلودي المخارق أن عدم التزام أرباب المقاولات بالزيادة الثانية في الحد الأدنى للأجر، كاد يهدد بشكل مباشر بنسف جولة شهر سبتمبر المخصصة للحوار الاجتماعي، في حالة لم ينفذ (التجمع) ما اتفق بشأنه من الزيادة الثانية في الحد الأدنى للأجر المرتقبة.
ولعبت الحكومة من خلال وزير الشغل والإدماج الاقتصادي يونس السكوري، دورا في تقريب وجهات النظر بين ممثلي رجال الأعمال والاتحادات العمالية حول موضوع زيادة 5 في المئة في الحد الأدنى للأجور، حيث عقد اجتماعات متتالية بالدار البيضاء مع ممثلي رجال الأعمال والاتحادات العمالية للسعي للوفاء بالتزامات الاتفاق الاجتماعي الذي جرى التوصل إليه العام الماضي.
وتطالب الحكومة بالتعاون مع المركزيات النقابية لربح رهانات التحديات التي يواجهها المغرب وترسيخ السلم الاجتماعي بما يكفل العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي تعتبر أهم ركائز الدولة الاجتماعية التي أرسى مكوناتها العاهل المغربي الملك محمد السادس.
◙ الحكومة تطالب بالتعاون مع المركزيات النقابية لربح رهانات التحديات التي يواجهها المغرب وترسيخ السلم الاجتماعي
وتأتي زيادة الأجور في حدود 10 في المئة في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة على مدار عامين، فضلا عن توحيد الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي والقطاعات الأخرى في أفق عام 2028.
وقال هشام زوانات، رئيس اللجنة الاجتماعية للاتحاد العام لمقاولات المغرب، إن "الشركات لا تعارض الزيادة الثانية في الحد الأدنى للأجور". وأضاف في تصريح إعلامي، أن خلق فرص الشغل مرتبط بـ”اعتماد مشروع قانون الإضراب، فضلا عن مراجعة قانون الشغل”، مضيفا أن "هذين مطلبان تاريخيان يتم طرحهما بانتظام خلال المفاوضات مع الحكومة".
وكشف مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن الحكومة تتعهد بتنفيذ التزامات كل طرف وفقًا للاتفاق الذي تم التوقيع عليه في اتفاقية الحوار الاجتماعي، مشيرًا إلى أن الحكومة تولي اهتماما كبيرا بالحوار الاجتماعي وتتفهم السياق الاقتصادي والاجتماعي الحالي في المغرب.
وقال الأمين السابق لاتحاد الجامعة الوطنية للزراعة محمد الهاكش إن الزيادة الثانية في الأجور المقررة بنسبة 5 في المئة إذا ما طبقتها الحكومة، ستأتي في سياق متسم بارتفاع التضخم الذي بلغ 4.5 في المئة في نهاية يوليو الماضي، حسب البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط الحكومية.