النفط يرجح كفة باشاغا في ميزان الموقف الدولي من الأزمة الليبية

تونس – دخل النفط الليبي على خط الصراع الحكومي في ليبيا ليرجح كفة رئيس الحكومة الجديدة الحائزة على ثقة مجلس النواب فتحي باشاغا أمام رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن أطرافا إقليمية ودولية أعربت للسلطات الليبية عن خشيتها من إغلاق الموانئ والحقول النفطية في منطقة شرق ليبيا احتجاجا على رفض الدبيبة تسليم مقاليد الحكومة لمنافسه فتحي باشاغا، ولاسيما في ظل الوضع المضطرب الذي تشهده الأسواق العالمية نتيجة التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وأضافت أن هناك نقطة تثير القلق أكثر من غيرها، وهي أن أغلب منابع الثروة النفطية توجد في مناطق نفوذ الجيش الوطني الذي تدعم قيادته العامة الحكومة الجديدة وتساندها بقوة.

النفط أهم سلاح قد يتم اللجوء إليه لإجبار الدبيبة على فسح المجال أمام الحكومة الجديدة
وأكدت الدول الغربية خلال الأيام الماضية لجميع الأطراف الليبية إصرارها على الاستمرار في تدفق صادرات النفط الليبي مهما كانت حدة الخلافات السياسية، لكنّ أهالي وأعيانًا في منطقة الهلال النفطي أصدروا الجمعة الماضي بيانا هددوا فيه بإغلاق وإيقاف تصدير النفط من الموانئ في المنطقة، وأكدوا أنه في حال استمرار دعم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لحكومة الوحدة الوطنية -التي وصفوها بـ”منتهية الولاية”- سيضطرون إلى إغلاق ووقف تصدير النفط ، وطلبوا من المجتمع الدولي “دعم الحل الليبي – الليبي الذي جاء بالحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، والاعتراف بها، وإنهاء الانقسام ووقف إهدار المال العام الذي تسببت به الحكومة السابقة”.
وأكد أهالي وأعيان ونشطاء مؤسسات المجتمع المدني في منطقة الهلال النفطي أن حل الأزمة السياسية في ليبيا هو انتخابات برلمانية رئاسية تكون على أساس دستور دائم، وليس على أساس قوانين تقود إلى مراحل انتقالية لم تنته منذ 2011.
ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعبر عن مزاج شعبي عام، وبخاصة في شرق البلاد وجنوبها، ويصب في اتجاه التوافق الوطني الذي يهدف باشاغا إلى تحقيقه بالتنسيق مع أبرز الفرقاء السياسيين والميدانيين.
وكانت فعاليات اجتماعية ليبية مساندة للجيش الوطني أغلقت الحقول والموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي وشرق وجنوب ليبيا في يناير 2020، واستمر ذلك لمدة ثمانية أشهر قبل أن يعود النفط إلى التدفق بعد اتفاق مع المجلس الرئاسي السابق، وهو ما تخشى أطراف ليبية وأجنبية تكراره نتيجة الأزمة الحالية.
وتحظى حكومة باشاغا بدعم من قيادة الجيش الوطني ومجلس النواب والزعامات القبلية في أغلب مناطق البلاد، ولاسيما في المنطقتين الشرقية والجنوبية الخاضعتين لنفوذ المؤسسة العسكرية، وهو ما يزيد من احتمالات استعمال سلاح النفط للضغط على حكومة الدبيبة كي تقبل بتسليم السلطة إلى الحكومة الجديدة.

وارتفع إنتاج ليبيا من النفط إلى 1.233 مليون برميل يوميّا مقابل 1.100 مليون برميل منتصف الأسبوع الماضي، بحسب وزير النفط والغاز محمد عون.
وأبرز المحلل السياسي عزالدين عقيل أن هناك عدة نقاط تُحسب في صالح رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا، أولاها أن المنطقتين الشرقية والجنوبية تدعمانه، ويسانده جزء كبير من المنطقة الغربية وأكثر من ثلثي مساحة ليبيا، بالإضافة إلى أن تركيا مضطرة إلى التعامل مع باشاغا لأن شرق ليبيا هو المعني بالاتفاقية البحرية وليس غربها.
ويرى محللون محليون أن باشاغا يمتلك مفاتيح اللعبة السياسية في ليبيا ويعتبر رقما صعبا في المعادلة من خلال تجربته ومواقفه ودوره في صناعة الأحداث، وصولا إلى فسحه المجال للتوافق مع قيادة الجيش ومجلس النواب بعد سنوات من العداء والصراع المعلن، مرجحين أن يتم التوصل إلى حل يرضي الدبيبة ويتمثل في منحه ضمانات سياسية وقانونية بعدم ملاحقته قضائيا على ما يعتبره معارضوه تهما تلاحقه ومنها إهدار المال العام.
ويشير هؤلاء المحللون إلى أن إنتاج وتصدير النفط في هذا الوضع العالمي المتشعب يبقيان أهم سلاح قد يتم اللجوء إليه خلال الأيام القادمة لإجبار الدبيبة على فسح المجال أمام الحكومة الجديدة، لكن القوى الدولية لن تترك الأمر يصل إلى هذا الحد، وإنما ستدفع برئيس الحكومة المنتهية ولايتها إلى تسليم مفاتيح مكتبه بطريق السكة إلى خلفه القادم بمشروع الإصلاح والمصالحة.